اليوم هو 13 مايو..، هذا تاريخ محفور في ذاكرتي منذ أيام الدراسة في الطفولة والمراهقة، ثم كان بعد ذلك محلا لتساؤلات ومراجعات عديدة لدي . إنه اليوم الذي سجل فيه الشعب المصري ، منذ 215 سنة (مائتي وخمسة عشر عاما) في يوم الإثنين13 مايو 1805 أول ثورة شعبية ديمقراطية له، عندما بايع أعيانه في ذلك اليوم محمد علي باشا ليكون واليا علي مصر،رافضين سلفه خورشيد باشا (بعد ستة عشر عاما من الثورة الفرنسية، وأيضا بعد أربعة أعوام من خروج نابليون من مصر بعد حملته القصيرة والهامة عليها) ولا يمكن بالطبع إيجاز تاريخ ومنجزات محمد علي في سطور قليلة، ولكني هنا سوف أستخدم أحد المصطلحات التي نستخدمها اليوم كثيرا، وهو مصطلح بناء الدولة ودعمها في مواجهة دعاوي هدم الدولة. لقد وصف محمد علي بأنه مؤسس مصر الحديثة، أي أنه الحاكم الذي بني الدولة الحديثة في مصر، وأرسي دعائمها القوية. وهذا وصف صحيح تماما. فبعد أن أحكم محمد علي قبضته علي حكم مصر بتخلصه الدرامي والحاسم من المماليك، شرع بمهمة بناء دولة حديثة علي النسق الأوروبي. إن عبقرية محمد علي هي أنه أدرك تماما مخزون القوة والقدرة المصرية الهائل، فشرع علي الفور في بناء الدولة المصرية، ولم يتردد إطلاقا في الاستعانة بالخبرة الأوروبية، خاصة بالمتأثرين بأفكار الفيلسوف الفرنسي سان سيمون. بني محمد علي أولا جيش مصر الحديث الذي وصل تعداده إلي ما يقارب 240 ألفا، وبني ترسانة الإسكندرية لتصنيع السفن الحربية، وبني أكثر من مصنع للأسلحة والمدافع، ثم تركز اهتمامه ثانيا علي التعليم فأرسل أوائل طلاب الأزهر في بعثات تعليمية إلي إيطاليا وفرنسا وانجلترا، ثم بني المدارس العليا (الكليات) للهندسة والطب والألسن ...إلخ فضلا عن ديوان المدارس، وفي الزراعة شيد محمد علي القناطر والجسور وطور زراعة القطن، وألغي نظام الالتزام الجائر....إلخ. وللحديث بقية.
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالي حرب رابط دائم: