العالم يعانى. الناس تسقط ضحايا كورونا، وليس هناك علاج ناجع. ترامب وجد الدواء الذى لن يكلفك شيئا. تناول ديتول أو كولوركس أو لايسول، أو أى مطهر تفضله، سواء بالشرب أو البلع أو الحقن أو كما تريد.. ماذا ستخسر.. حياتك؟ لقد أصبحت مملة. يمكنك، كما تقول الكاتبة الأمريكية هانا سيلنجر، تناوله على هيئة مشروب كوكتيل. من الآن، لا تبحث عن روشتة. اشرب المطهر أو احقنه بجسمك وانتظر الفرج.
حالات الانتحار بالريف عندنا نادرة، لكنها موجودة. بعض من يأخذون حياتهم بأيديهم، تكون المطهرات أو المبيدات وسيلتهم. ترامب يثبت أنهم سبقوا عصرهم. لقد نصح الناس باستخدام المطهرات كعلاج. ما الفرق بين نصيحته وما يفعلونه؟.لا شيء.. تعددت الطرق، والانتحار واحد.
هل علينا أخذ كلامه بجدية؟. إنه رئيس أقوى دولة، والمجتمع العلمى الأمريكى يأخذه كذلك، فقد خرج أعضاؤه مذعورين محذرين من مجرد التفكير بالأمر، بل إن هيئة الغذاء والعقاقير الأمريكية نبهت لمشاكل خطيرة قد تحدث. وقالت الشركة المصنعة للمطهرات: منتجاتنا ليست مصممة للدخول فى جسم الإنسان.
ترامب أيضا يأخذ نفسه بجدية، رغم تراجعه قائلا إنه كان يهزر أو يسخر.. ممن؟ لا نعرف. الحقيقة أنه يكذب ويقول ما يحلو له، وعندما يتم ضبطه بالجرم يرد: مجرد اقتراح، وأنا لست طبيبا. الأرجح أنه يستغل أزمة كورونا للانتقام من خصومه ولدعم علاقته بقاعدته الانتخابية التى تسير وراءه دون نقاش. ومن خلال مؤتمر صحفى يومى، يعيد رسم خريطة السياسة الأمريكية، فيحولها لما يشبه برامج تليفزيون الواقع التى برع فيها.
إنه يعتقد أن خطورة كورونا مبالغ فيها، وأن حالة الشلل الاقتصادى الراهنة مضرة بمستقبله السياسى، لذلك يلجأ من حين لآخر، لإطلاق مقترحات أو مواقف مثيرة وغريبة تخدم غرضه الأساسى، وهو أن الوباء ليس مفزعا، كما يصوره الليبراليون والعلماء، وأن علينا اعتياده.
يريد ترامب إبعاد الانظار عن تصاعد أعداد الضحايا الأمريكيين، مرة بلوم الصين وتهديدها، أو بمهاجمة خصومه السياسيين، وثالثة بذم الصحافة وتسفيهها، ورابعة، بطرد مساعد له اعترض على سياسته.. والآن، بالحديث كعالم وطبيب وعبقرى.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام رابط دائم: