رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سيناء.. التحرير والتعمير.. وعشم إبليس

بالمشروعات التى افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسى، أمس الأول، الأربعاء، وتلك التى يجرى تنفيذها، صارت تنمية سيناء، ومنطقة قناة السويس، واقعا ملموسًا. وتكاملت الخطوات أو القفزات التنموية، مع مواجهة الإرهاب، وصار بإمكاننا أن نقول: سينا رجعت كاملة لينا، فعليًا وواقعيًا، وليس غناءً أو مجازًا، كما كتب عبد الوهاب محمد، ولحّن جمال سلامة، وشدت شادية، على مسرح القوات المسلحة بالزمالك، منذ 38 سنة إلا 24 ساعة.

بسواعد آلاف المهندسين والفنيين والعمال المصريين، الذين عملوا ليلًا ونهارًا، طوال ما يقترب من ست سنوات، ازدوجت قناة السويس، وتم ربط أرض الفيروز بـاأرض الكنانةب وصار بإمكانك الانتقال من غرب القناة إلى شرقها، فى دقائق معدودة، عبر 20 نقطة عبور، 6 أنفاق عملاقة، و5 كبارى عائمة. وبتكلفة تجاوزت الـ600 مليار جنيه، تم إنفاقها على البنية الأساسية، تحولت سيناء، إلى منطقة جذب تسهم فى نمو الاقتصاد الوطنى. وصار بابها مفتوحًا أمام رجال الأعمال للاستثمار، لكن الزمن توقف بهم إلى ما قبل 5 أغسطس 2014.

حتى ذلك اليوم، يوم توقيع الرئيس وثيقة حفر قناة السويس الجديدة، كانت سيناء تعانى فراغًا سكانيًا، كنتيجة طبيعية لقسوة طبيعتها وصعوبة الحياة فيها، بسبب انعدام المرافق أو الخدمات. وسبق أن أوضحنا، ونحن نحتفل بعيد تحرير سيناء العام الماضى، أنها حين عادت اكاملة لينا«، سنة 1982، عادت بقيود الحدود الآمنة، وبالتزامات سياسية خانقة، وليس باتساع الحدود الجغرافية. وبالتالى، ظلت منزوعة السلاح، ومرتعًا للإرهابيين، إلى أن استعادت مصر عافيتها السياسية والعسكرية.

سيناء، كما ذكر جمال حمدان، فى كتابه بسيناء فى الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا»، ليست مجرد صندوق من الرمال، لكنها صندوق من الذهب، بما تمتلكه من ثروات طبيعية وبيئة فريدة، جعلتها تختزل جيولوجيا مصر كلها تقريبًا، وكل هذه الثروات، كما جاء فى الكتاب الصادر سنة 1993، كانت تنتظر التخطيط الاستراتيجى الواعى، لإطلاق طاقات التعمير، التى تحتاجها مصر للنهوض على المستوى الاقتصادى، لربط سيناء بالوادى والدلتا. وكان حلم التعمير، الذى رسمه جمال حمدان، يقوم على أن تكون قناة السويس مزدوجة، وأن يتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية، سلسلة من الأنفاق تحت القناة.

النظر إلى توازن القوى وليس إلى توازن المصالح، جعل سيناء نقطة ضعف أساسية وثغرة فى جدار أمننا القومى، أدى إلى اضطرابات وتهديدات لأمن مصر واستقرارها. ومع تراخى السلطات الإسرائيلية المتعمّد فى ضبطها ومع تواطؤ حركة احماس«، صارت المنطقة ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية وقاعدة انطلاق للأعمال التخريبية. وظل الوضع يتدهور حتى وجدنا أنفسنا أمام ما لا نبالغ لو وصفناه بـ«منتخب العالم فى الإرهاب». ولتلك الأسباب، التى لا تخفى على عاقل أو ذى عينين، كان ما تحقق من إنجازات خلال احتلال سيناء بين عامى 1967 و1973 أكبر مما تحقق، قبل أغسطس 2014، وليس خلال تاريخها كله، كما زعم رجل الأعمال، صاحب جريدة المصرى اليوم فى عدة مقالات، عوقبت عنها الجريدة، وأحالها المجلس الأعلى للإعلام، برمتها، بضم الراء أو كسرها، إلى النائب العام.

ليس عيبًا أن يطرح المواطن البسيط تصورات عبثية. لكن العيب أو الكارثة هو أن تخرج تلك التصورات عن رجل أعمال وصحفيين، بعد نحو ست سنوات، سارت خلالها مصر، بثقة وثبات، فى الطريق الصحيح: طريق إعادة تحرير سيناء وتحويل حلم تعميرها إلى واقع. ولو استبعدنا سوء النية، يكون الاحتمال الآخر، هو إصابتهم بغيبوبة أبعدتهم عن الواقع، وعزلتهم داخل أوهامهم، وجعلتهم يطرحون تلك التصورات العبثية الراقصة على دفوف العمليات الإرهابية، أو الراغبة فى إعادة تدوير هلاوس الوطن الفلسطينى البديل، التى سبق أن أعاد تدويرها رئيس مجلس أمناء الجريدة نفسها، فى 21 فبراير 2017، تحت عنوان جمهورية سيناء الشقيقة، بزعم أنه لا يفهم كيف يتردد كل هذا الكلام هنا وهناك عن وطن بديل فى سيناء لفلسطين، دون أن تصدر كلمة من مؤسسة الرئاسة المصرية بشأن الموضوع. مع أن الرئيس نفى هذا الكلام الفارغ، بالصوت والصورة، فى يوم المعلم، 8 سبتمبر 2014، وتكرر نفيه، فى بيانات صدرت عن مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية، فى 2014 و2015 و2016، وفى 16 فبراير 2107، أى قبل نشر ذلك المقال بخمسة أيام!.

ملامح حلم تعمير سيناء، التى رسمها جمال حمدان، ظلت حبيسة دفتى كتابه، وكتب ودراسات أخرى له ولآخرين، ولم تبدأ تتحول إلى واقع إلا منذ 5 أغسطس 2014 بتوقيع الرئيس وثيقة حفر القناة الجديدة، التى ألزم فيها منفذى المشروع بالانتهاء منه خلال سنة واحدة. ومع ما حدث، ويحدث، على الأرض، والذى يقول بوضوح إن مصر استعادت عافيتها العسكرية، السياسية، والاقتصادية، ومع القفزات التنموية، والمشروعات القومية، التى تسير وفق استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030، لا يكون طبيعيًا أو منطقيًا أن يحاول البعض إشاعة اليأس والإحباط، بإعادة تدوير مزاعم تم نسفها، أو بطرح تصورات عبثية، بقدر من التربص وكثير من الغشم. ويُقال: غَشَمَ الحاطبُ، أى احتطب ليلًا فقطَعَ كلَّ ما قَدَر عليه بلا نظرٍ ولا فكر. وربما كان هذا هو عشم رجل الأعمال، المشار إليه، أو عشم إبليس، لو استبعدنا سوء النية!.


لمزيد من مقالات ماجد حبته

رابط دائم: