رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كورونا فى كندا

دعونا نتعرف على الأسلوب الذى تتبعه إحدى الدول تجاه الوباء الفيروسى كورونا، وأخص كندا كونى أقطن بها شهورا طوالا من السنة، وملمّة بالمستجدات هناك. فى 15 يناير الماضى ظهرت أول حالة كورونا، واليوم، وحتى كتابة هذه السطور، فيروس كورونا موجود بجميع المقاطعات الكندية مع وجود أكبر مجموعات فى مقاطعات كيبك وإنتاريو وبريتش كولومبيا. تجاوزت أعداد المصابين الـ23ألفا، ويوجد 669 حالة وفاة، وقد تم شفاء 6 آلاف حالة. لاتوجد دلائل على انخفاض عدد المصابين، وإن كان انتشاره أقل من بلاد أخرى عديدة. السؤال الآن كيف يتعامل الكنديون والمسئولون منهم مع كورونا؟ أكثر ما ساعد الكنديين على تحمل عبء كورونا هو الشفافية والوضوح اللذان يتواصل بهما المسئولون مع المواطنين. اعتاد الكنديون الاستماع لرئيس الوزراء جستن ترودو فى نفس الميعاد من كل يوم بتوقيت العاصمة، وحديثه يجذب مئات الآلاف من المشاهدات. يقف ترودو أمام منزله حيث يتَّبع العزل الذاتى بعد أن أصيبت زوجته صوفى ترودو بفيروس كورونا جرّاء رحلة إلى بريطانيا. تعافت صوفى ترودو من الفيروس، ولكن يستمر ترودو وعائلته فى العزل. أن يتحدث رئيس الوزراء بانتظام من نفس المكان ونفس الساعة هو قرار متعمّد وصائب، لتصبح عادة يومية ينتظرها الجميع، واستمراره فى العزل يدفع الكنديين على نفس التصرف وهو المكوث فى المنازل ومزاولة البعد الاجتماعي.

قرارات عديدة تتخذ يوميا ويعلن عنها رئيس الوزراء. من قرار العزل 14 يوما لكل قادم إلى البلاد من العالقين خارجها،إلى الدفع بمبلغ 200 بليون دولار لمساعدة الشركات التى تضرّرت من جراء كورونا، ولدعم كل من فقد وظيفته بسببها، وتحفيز الأبحاث لإيجاد علاج لها. من خلال مبادرة الاستجابة للطوارئ الحديثة تصرف الدولة ما يعادل 500 دولار أسبوعيا لمدة 16 أسبوعا للفرد المتعسِّر. إلا أنه ربما يكون لهذا التشريع رد فعل سلبي، فقد يُفضِّل من يقل راتبه عن 500 دولار عدم الذهاب إلى العمل حتى وإن كان وجوده فى العمل حيويا. كذلك لم تتخذ كندا أسلوب مقابلة الأذى بمثله، بعد أن أعلنت إدارة ترامب أنها ستمنع تصدير أقنعة واقية إلى كندا، بل طمأن ترودو الكنديين بأن الدولة تمكنت من استيراد ملايين الأقنعة من الصين. وحاليا تعرض الحكومة وظائف بدوام كامل لجميع جنود الاحتياط فى القوات المسلحة الكندية.

ينتظر الكنديون أيضا المؤتمر الصحفى الذى يعقده مسئولو الصحة فى كل مقاطعة على حدة فى نفس الساعة من كل يوم. أصبح هذا المؤتمر بمنزلة أهم وسيلة لمعرفة ما قد يُستجد. المصوِّرون هم فقط الموجودون مع المسئولين الذين يجيبون عن الأسئلة التى يطرحها الصحفيون والأفراد عبر الهاتف. لا يحتاج الكنديون اللجوء للإعلام لمعرفة الوضع، فالمسئولون هم المصدر الوحيد الموثوق به. الإعلام يتكلم عن الحالة العامة، ولكنه لا يقتبس أو يستنتج المعلومات. فى مقاطعة بريتش كولومبيا مثلا أصبحت المؤتمرات الصحفية لمسئولة الصحة الدكتورة بونى هنرى جزءًا من الحياة اليومية وبنبرة صوت هادئة ودون الاعتماد على المصطلحات العلمية، تلخِّص الوضع ببساطةحتى ولو كان مزعجا. فى بريتش كولومبيا أكثر من 1445 حالة بعضهم أصيب وهو خارج البلاد، والبعض الآخر كان على متن السفن السياحية التى تفشّى فيها الوباء، لكن من المؤسف أن وباء كورونا تفشّى فى 24 من دور رعاية للمسنين فى المقاطعة. تم ربط معظم حالات الوفاة من كورونا (58 حالة) بمرافق رعاية كبار السن. وقد ألغت هنرى العمليات الجراحية غير الاضطرارية والإجراءات العلاجية الأخرى بالمستشفيات، حتى تصبح المستشفيات على استعداد تام لاستقبال حالات كورونا. بينما أرقام الحالات بالتزايد عامة فى مقاطعات أخري، إلا أن اليوم تشير الأرقام فى بريتش كولومبيا إلى الاستقرار كما لو كان المنحنى قد بدأ فى الانخفاض،إلا أن د. هنرى حثّت الجميع على عدم التراخى فى الالتزام بالقواعد حتى فى الأعياد التى هى على الأبواب.

مع مرور الوقت وشدة المحنة وجب شكر من تفانوا فى عملهم، لذا ففى الساعة السابعة مساءً من كل يوم، وهو ميعاد تغيير النوبات فى معظم المستشفيات، يخرج أفواج من الكنديين إلى شرفاتهم وأمام منازلهم بالذات ممن يقيمون بالقرب من المستشفيات، ويحدثون ضوضاء وصخبا، معلنين تقديرهم للعاملين فى مجال الرعاية الصحية الذين يعرضون أنفسهم للخطر فى هذه الأوقات العصيبة دون كلل.

إن الوضع فى كندا، كما هو الوضع فى معظم بلاد العالم: خوف وتوتر مع انتظار شعاع أمل. دراسة تقودها جامعة بريتش كولومبيا UBCاكتشفت عقارا تجريبيا يمكن أن يمنع بشكل كبير المراحل المبكرة من الفيروس فى الأنسجة البشرية، وقد قال المسئول عن الدراسة د. جوزيف بنينجر هناك أمل للتغلب على هذا الوباء المخيف. دعونا نتفاءل بالخير.


لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى

رابط دائم: