رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مَنْ كَاَن مِثْلكَ لَنْ يَغِيبَ..
«إلى أطباء مصر»

نَمْ فِى ثَرَاهَا

فِى كُلِّ يومٍ سَوَف تَنْبتُ مِنْ جبينكَ

زَهرةٌ بيضاءُ حولَ عَبِيِرها

يتجمعُ الأحبابْ

فِى كلِّ رُكنٍ سَوْفَ تَنثُرُ عِطْرَها 

بَيْنَ المساجدِ والكنائسِ والقبابْ

ترْوِي لُكلِ العابرينَ حِكَايةً

عنْ عاشقٍ يوماً أحَّب بلادَهَ

مِنْ أَجلِها وَهَبَ الحياةَ وفارقَ الْأَصْحَابْ

نَمْ فِى ثَرَاهَا 

سَوْفَ يُشْرقُ مِنْ رفاتكَ ذَاتَ يومٍ

طًيفُ فَجْرٍ غَابْ

وَنَرَاكَ فِى الْأُفقِ البَعِيدِ مُحَلِّقًا

فَوقَ الْمَدَائِنِ والشَوَاطِئِ والسَّحَابْ

الأَرْضُ لَا تَنْسى دِمَاءَ خُيُولِها

والَخْيلُ إنْ رَحَلَتْ يَظَلُ صَهِيُلهُا

فِى ُكلِّ أَرْضٍ لَيْسَ يَطْوِيَه الغِيابْ

يَتَجَاوَزُ الأْوَطَاَنَ والأزْمَانَ والأَلْقَابْ

مَا كٌنْتَ إِنْسَانًا

يُوَاجِه رَجْفَةَ النبضِ 

الْمُسَافِرِ فِى الضلُوعِ

وُكُنْتَ قَلْباً فِى مَلَاكٍ

لَمْ يُفُكِّرْ فِى فُرَاقٍ أَوْ وَدَاعٍ أَوْ جزاءٍ أو ثوابْ

لَمْ تَذْكُر الأَبْنَاءَ

حِينَ وَقَفْتَ فِى جَلَدٍ

تُعِيدُ النَّبْضَ فِى قَلْبٍ مُصَابْ

لَمْ تذكر الأمَ الحَزِينةَ

كُنْتَ تَعْلَمُ كَيْفَ تَنِزفُ فِى الوَدَاعِ دُمُوعَهَا

فِى فُرقِة الأحبابْ

لَمْ تذكُر الأَحْلَامَ حِيَن رَأَيْتَهَا

كَانَتْ تُسافرُ فِى خيالك

سربٌ أحلام ٍيحلقُ فِى سرابْ

وَوَقَفْتَ كَالِنيِل الجَسُورِ

تهُّز أَرْكَانَ الحَيَاةِ

تُعِيُد فِينَا نَخْوَةَ الشِّرفَاءِ

فِى زَمَنِ المَآسِى والًصِّعَابْ

وَتَرَكْتَ زيْفَ النَّاسِ

وَالدَّجَلَ المُحَنَّطَ فِى حِمَى الشْيطَانِ

وَالأرَضَ الخَرَابْ

وَوَهَبْتَ رُوحَكَ لِلْقَريبِ ولِلْبِعيد

وَلَمْ تُفَرِّق بَيْنَ بَيْتِ الأَهْلِ والأَغْرَابْ

مَنْ كَاَن مِثْلكَ لَنْ يَغِيبَ

وَإِنَّ غَدَا فِى الأُفقِ نَجْمًا

لَا يُطاوِلهُ السَّحَابْ

المَوْتُ حَقٌ..

بَعْضُ هَذَا المَوْتِ مَلْحَمَةُ الوَفَاءِ

وَبَعْضُهُ كَأْسٌ مَرِيرٌ مِنْ عَذَابْ

ضَحَّيْتَ بِالْعُمْرِ الْجَمِيلِ

وَنَشْوَةَ الأَحْلَامِ

والدُّنْيَا أَمَامَك تَرْتَدِى أَحْلَى الثِّيَابْ..

واخْتَرْتَ أَنْ تَمْضِىَ

وَكُلُّ الْكَوْنِ يَفْتَحُ فِى طَرِيِقك أَلَفَ بَابْ..

لَنْ يَسْتَوىَ مِنْ مَاتَ عِشْقًا فِى التُّرَابِ

وَمَنْ يُلَوِّثُ قُدْسَ أَقْدَاسِ التُّرَابْ

لَنْ يَسْتَوىَ وَطَنٌ تُزَيّنُهُ الْخُيُولُ

وَعَارُ أوْطَانٍ تُبَاهَى بالذّئَابْ

بَحْرٌ يُسَافِرُ بالنَّوارِسِ

فَوْقَ أَطْلالٍ يُحَاصِرُهَا الذُّبابْ

لَا شَىْءَ عِنْدِى الْآنَ

لَا شَكْوَى لدَىَّ وَلَا عِتَابْ

أَمْضِى وَحِيدًا كُلُّ مَاَ عِنْدِى سُؤَالٌ

ربما أجدُ الجوابْ..

◘◘◘◘

كَانَتْ أَمَامَكَ يَا شَهِيَد الْعِشْقِ

أَسْرَابٌ مِنَ الأَمَلِ الوَلِيدْ

قَدْ كُنْتَ تَسْبَحُ كالْفَرَاشَةِ

فِى رَبِيعِ الْعُمْرِ والأْيَامِ بَيْنَ يَدَيْكَ تَضْحَكُ

والْمَدى زَمَنٌ سَعِيدْ

كَانَتْ أَمَامَكَ اِبْنُةٌ

فِى ثَوبِهَا الفِضّىِّ تَرْقُصُ

مِثْلَ مَاءِ النِّيْلِ

تَجْرِى فِى لَيَالى العِيدْ

فِى كُلِّ يَوْمٍ سَوْفَ تَسْأَلُ عَنْكَ

أطْفَالَ المدَارسِ

سَوْفَ تُسْرِعُ كُلَّمَا جَاءَ المسَاءُ

وراءَ وَهْمٍ باللِّقَاءِ وإِنْ بَدَا

طيفاً يُحَلِّقُ مِنْ بَعِيدْ..

◘◘◘◘

الآنَ تَمْضِىْ .. والرُّبُوْعُ الخُضْرُ

تَحْضُنُ وَجْهَكِ المَرْسُوْمَ

مِنْ حُزْنِ الوَطَنْ

يَوْمَاً مِنَ الأَيْامِ

حِيْنَ يُطُّلُ وَجْهُ الفَجْرِ

سَوْفَ تَعُوْدُ أُغْنِيَةً يُرَدّدُهَا الزَّمَنْ

وَتُطِلُّ فِى كُلَّ الأَمَاكِنِ

فِى الْحُقُوْلِ وَفِى عُيُونِ النَّاسِ

فِى مَاءِ الْجَدَاوِلِ

فِى غَنَاوِىِ الْعِشْقِ

فِى وَقْتِ الْمِحَنْ..

يَمْضِى شَهِيْدُكِ

فِى ثِيَابٍ مِنْ حَنيْنٍ

كُلَّمَا هَتَفَتْ بِهِ الأَشْوَاقُ عَاوَدَهُ الشَّجَنْ

لَاْ سُوْقَ لِلأَوْطَانِ

عِشْقُ الأَرْضِ لَيْسَ لَهُ ثَمَنْ

سَيَظَلُّ آخر مَاْ تَمَنَّى العُمْرُ فِى هَذَا الْوَطَنْ

أَنْ أَسْتَريْحَ عَلَىْ تُرَابِكِ رَاضِيَاً

وَأرَاكِ أَرْضَاً تَرْفُضُ البُهْتَانَ 

لَاْ تَرْضَىْ الْهَوَانَ

ولَاْ يُلَوّثُهَا العَفَنْ

وأراكِ في كلِّ الفصولِ

حَدِيْقَةً خَضْرَاءَ تَزْهُوْ بِالأَمَانِ

وَتَرْفَعُ الإِنْسَانَ

قَدَرَاً أَوْ مَكَانَاً أَوْ سَكَنْ..

◘◘◘◘

في المَوْتِ يَخْتَلَفُ الَبشَرْ

مَا بَيْنَ إِنْسَانٍ يُحِبُ المَوْتَ مِنْ أَجُلِ الحَيَاةْ

هُوَ لَاْ يَمُوتُ لِأَنَّهُ

قَدْ صَارَ سرَّاً بَيْنَ أَسْرَارِ الإِلَهْ

هُوَ لَاْ يُبَالى حِيْنَ يَخْبُوْ النَّبْضُ

وَيَتوْهُ الْمَدَى

تَبْدُوْ النِّهايةُ فِى طَرِيْقٍ لَاْ يَرَاهْ

يَسْتسْلمُ الإِنْسَانُ لِلأشْيَاءِ

يَهْدَأ لَاْ يَرَىْ

فِى الْكَوْنِ شَيْئَاً قَبْلَ ذلك قد راهْ

هُوَ لَنْ يُفَكْرَ.. لَنْ يُجَادلَ.. لَنْ يَرَى

غَيْرَ الَّذىْ فِى خَلقِه سَواهْ

اللهْ .. يا اللهْ.. يا اللهْ

لَا شَيْءَ في الدُّنْيَا سِوُاهْ

◘◘◘◘

نَمْ يَا شَهيدَ الْعشْقِ

كَمْ أَحْبَبْتَ هَذِى الأَرْضَ

ثْمَّ وَفَّيْتَ عَهْدَكَ بالشهادةْ

أَنَا لَا أَظُنُّ بأَنَّ هَذِى الأَرْضَ

قَدْ تَنْسَى شَهِيدًا

كَانَ عِشْقُ الأَرْضِ فِى دَمِهِ عبادةْ

كَانَ اخْتَيِارُ المَوْتِ عِنَدَكَ رَغْبَةً

هُوَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا غِريبًا

أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ فِى يومِ إِرَادَةْ

الَّنَّاس تَمْضِى فِى الْحَيَاةِ

وَكُلُّ إِنْسانٍ يُحبُ كَمَا أَرَادْ

يَخْتارُ أَرْضًا أَوْ زَمَانًا

أَوْ مَكَانًا أَوْ بلادْ

لَكِنْ أَعْظَمُ مَاَ يَرَاهُ المَرْءُ

إِنْسِانٌ أحَبَّ المَوْتَ

قِدْ ضَحَى لِكَىْ يَحْيا العِبَادْ..

◘◘◘◘

نَمْ فِى ثَرَاهَا

سَوْفَ يَخْرُجُ مِنْ جَبِيِنكِ

أَلْفُ قِنْديلِ وَحولك

سَوْفَ يَلْتَفُّ الضَّحَاياَ

يَتَسَاَبقُونَ بُكُلِّ عِرْفَانٍ وَشَوْقٍ

ينْشُدُونُ الحبَ فِى صَمْتِ البَقَايَا

حِينَ وَدَّعَت السَّفِينَةَ لَمْ تُفَارِقْ

سَوْفَ تَبْقَى فِى قُلُوبِ النَّاسِ

فِى قِصَصِ الصِّغَارِ

وَفِى ضَمِيِر الكَوْنِ فِى سِحْرِ الحَكَايَا

عِنْ عَاشِقٍ وَهَبَ الحَيَاةَ رَخيِصَةً

وَمَضَى وَحِيًدا

دُونَ ذِكْرَى.. أَوْ وُعُودٍ أَوْ وَصَايَا

كَانَ الوَدَاعُ يُطِلُ فِى صَمْتِ النّهَايَة

بَيْنَ قَلْبِ للْحَياةِ.. وَبَيْنَ قَلْبٍ لِلْمَنَايَاَ

◘◘◘◘

أَرْوَاحُنَا سَتُضِىءُ يَوْمًا فِى سَمَاكِ

وَيَعُوُد مَاءُ النّيلِ يَجْري شَامِخًا

وَيَجيءُ مُنْدَفِعًا وَيَسْرِى فِى دِمَاكِ

وتعود أسرابُ النجومِ

تُزَيِّنُ الْدُّنيَا وَتَسْكُنُ فِى حِمَاكِ

هَذَا الظَّلَامُ سَيَخْتفى

وَتَعُودُ يَوْماً أَرْضُنا الخضْرَاء

يُسْكرُها شَذَاكِ

أَنْتَ الوُجُودُ وَكُلُّ شَيْءٍ فِى الْحَيَاةِ

صَلَاةُ فَجْرٍ مِنْ دُعَاكِ

لَا شَيْءَ فِى الْدُّنيَا يُسَاوِى

يَوْمَ عِرْفَانٍ وَفَرحٍ فِى رِضَاكِ

الْكَوْنُ صَلَّي فِى رُبُوعِكِ

والْحَيَاةُ تَزَيَّنتْ بَبَهاكِ

قَبْلَ الشَّرَائِع كَانْتْ الدُّنْيَا

تْصَلِّي فِى نداَكِ

◘◘◘◘

الآن أَمْضِي

والثيابُ البيضُ

ترفعُ فِى سَمَائكِ ألفَ رايةْ

هي لنْ تكونَ نهايةَ الأشياءِ

بل ستكونُ عُنوانَ البدايةْ

أنْ يرجعَ الزمنُ القديمُ

وأنْ تُضيءَ ربوعَكِ الخضراءَ

آياتُ الهدايةْ

أنْ تختفي الأشباحُ

في ضوءِ المآذنِ والكنائسِ

أنْ نصلىَ الفجرَ في الطّرقاتِ

في الساحاتِ لَا نخشى..

ضلالًا.. أو جحودًا أو غوايةْ

أن يرجعَ العُشاقُ أسرابًا

إلى شُطْآنِك الزرقاءِ

تطربُنا أغانِى الحبِّ

تشجينا الليالى البيضُ

يجمعنَا الحنينُ إلى زمانٍ

دون خوفٍ.. أو سجونٍ أو وِصَايةْ

يمضي شهيِدُكْ في الثيابِ البيضِ

يرفعُ في سمائِكِ ألفَ رايةْ

حين استفاقَ الكونُ مِنْ شَبَحِ الضَّلالِ

رَأكِ للدّنْيَا هدايةْ

 

 


[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها ــ فاروق جويدة

رابط دائم: