مواجهة كورونا مسئولية مجتمعية أيضا

أزمة كورونا المستجد ليست أزمة تقليدية، هى أزمة غير تقليدية بامتياز. «كورونا المستجد» يمثل تهديدا خطيرا لكل القطاعات الاقتصادية لفترة غير معروفة حتى الآن، وعلى رأسها القطاعات المسئولة عن تدفق الموارد المالية اللازمة لأداء الدولة لوظائفها التقليدية. لذا قد يقف البعض فى فهمه لاستراتيجية المواجهة على أنها مسئولية الدولة بمؤسساتها المختلفة. الدولة تظل فاعلا رئيسيا فى هذه المواجهة، فهى المسئول عن اتخاذ القرارات اللازمة، بدءا من تجميد جميع أشكال التفاعل مع العالم الخارجى (تعطيل حركة الطيران، تعطيل السياحة)، والقرارات الاقتصادية والمالية اللازمة لتخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، وانتهاء بالقرارات الخاصة بتقليل حجم وكثافة التفاعل الاجتماعى التى يمكن أن تزيد من معدلات انتشار المرض (فرض حظر التجوال، تعليق الدراسة.. إلخ). كل هذه إجراءات تظل شديدة الأهمية فى استراتيجية المواجهة، وجميع دول العالم تقريبا قد اتخذتها، لكن جزءا من المواجهة الفاعلة يظل فى يد المجتمع والفرد. هذه المسئولية المجتمعية لا تنصرف فقط إلى الالتزام المجتمعى والفردى بالإجراءات المعلنة من جانب الدولة وتطبيق قواعد الصحة العامة، لكنها تنصرف أيضا إلى مسئولية قادة جميع المؤسسات والكيانات، فهى مسئولية مدير المستشفي، ورئيس النادي، ومدير المصنع، وإمام المسجد، ورب الأسرة... إلخ، ليس فقط لضمان الالتزام بكل القرارات الرسمية المطبقة، لكن لأخذ الإجراءات التحوطية لمحاصرة الوباء.

ما حدث فى معهد الأورام أول أمس هو جرس إنذار كبير لكل مسئول عن أى مؤسسة أو كيان لخطورة التهاون فى تطبيق الإجراءات التحوطية اللازمة لحماية مؤسسته وحماية جميع العاملين بها، بل وحماية المجتمع. ما حدث فى معهد الأورام هو نموذج كاشف لدور الفرد المصاب فى توسيع دائرة الإصابات داخل بيئة العمل. وتزداد الخطورة فى حالة حدوث ذلك داخل المؤسسات الطبية التى تمثل خط الدفاع الأول فى المواجهة. لقد سبق أن أشرنا فى هذا المكان إلى حجم المسئولية الملقاة على كاهل المجتمع، بل وعلى كاهل كل فرد، لكن حجم الخطر يقتضى منا التنبيه مرات ومرات أخري.

التأكيد على المسئولية المجتمعية ليست تقليلا من أهمية مسئولية الدولة، ولا محاولة لإعفائها من هذه المسئولية، لكن هذه هى طبيعة الأزمة الراهنة.