رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
إنقاذ الضعفاء

لم يكن متصورا قبل عدة أسابيع أن تخصص حكومات غربية محافظة موارد كبيرة لتمويل برامج تقلل تداعيات الركود المترتب على الضعفاء والفقراء والفئات الأكثر تأثرا بالإجراءات المتخذة لمكافحة فيروس كورونا، والحد من انتشاره. تُعرف هذه الحكومات برفضها التوسع فى سياسات الرعاية الاجتماعية، وسعيها إلى تقليص ما بقى منها فى بلادها، بدعوى أنها تبدد موارد تصبح أكثر جدوى عندما تُستثمر من أجل رفع معدلات النمو، وبالتالى زيادة فرص العمل ورفع الأجور. لكن الصدمات المترتبة على انتشار الفيروس القاتل فرضت على هذه الحكومات اتخاذ إجراءات تدخل فى إطار سياسات الرعاية الاجتماعية، لأن الخطر المحدق بالضعفاء فى بلادها لم يدع لها فرصة للتمسك بأفكارها التى لا محل لهذه السياسات فيها. خذ مثلا، حالة الحكومة الفرنسية التى خاضت معارك ضارية فى الفترة السابقة مباشرة على ظهور فيروس «كورونا» لإجراء تعديل فى قانون التقاعد يحرم فئات اجتماعية عدة من مزايا يوفرها لها هذا القانون. وغامر الرئيس إيمانويل ماكرون بشعبيته من أجل إحداث تغيير يؤمن بجدواه، ويرفضه قطاع واسع من الشعب الفرنسى. غير أن الرئيس، الذى وُصف بأنه «رئيس الأغنياء» لإصراره على تقليص الضمانات الاجتماعية، اضطر إلى توسيع هذه الضمانات، وتوفير الموارد اللازمة لحصول العمال والموظفين على أجورهم أو نسبة كبيرة منها، فى حالة عجز الشركات التى يعملون فيها عن سداد هذه الأجور، وتوفير ضمانات حكومية لقروض المشاريع الصغيرة، وتخصيص معاشات للمحتاجين، وضخ الأموال فى المؤسسات الطبية. وكل هذا كان يُعد خطا أحمر لدى الحكومة الفرنسية، التى تتوقع إنفاق ما يزيد على 30 مليار يورو لإنقاذ الضعفاء، وهو ما كان نوعا من الخيال قبل أن تجتاح الجائحة العالم. وقل مثل ذلك عن الإدارة الأمريكية، التى خصصت تريليونى دولار لتحفيز الاقتصاد وسياسات إنقاذ الضعفاء، والحكومة البريطانية وحكومات محافظة أخرى تأمل أن تنتهى الجائحة بسرعة لوقف هذه الإجراءات التى تعدها مؤقتة. لكن هل يتعود المستفيدون منها عليها، ويصرون على استمرارها، ويصبح صعبا على الحكومات المحافظة العودة منها؟ سؤال من بين أسئلة كثيرة تثيرها المحنة العالمية الراهنة بشأن المستقبل.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: