رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

البحث العلمى فى زمن الكورونا

طالت يد الكورونا أو كوفيد -19 الغامضة جميع مجالات وأنشطة الحياة، وحتما سيجعل هذا الفيروس عالم مابعد الكورونا مختلفاً تماماً عن عالم ماقبلها، تغير وجه الكرة الأرضية ومعها تغيرت مفاهيم اقتصادية واجتماعية ودينية وأيضاً علمية ، فكل الأنظار تتجه صوب المعمل والمختبر ومركز البحث ، لكن هل المعمل مازال يحتفظ بهدوئه السابق؟، وهل المختبر مازال بنفس الصرامة؟، وهل مركز البحث مسموح له بالتأخير والتمحيص تحت لافتة الدقة وبدعوى سلامة النتائج؟، للأسف المجتمعات والشعوب والسياسيون ورجال الأعمال والاقتصاد ...الخ، الكل يضغط على الباحثين ويلوم ويوبخ، وهم جميعاً على استعداد للتضحية بكل خطوات مناهج البحث العلمى التى لولاها ماحصلوا على تلك الرفاهية الاجتماعية التى يعيشون فيها، هناك مشاهدات سأرصد بعضها فى هذا المقال، وأسئلة سأترك إجاباتها لكم وللزمن والظروف، حول كم تأثر وسيتأثر البحث العلمي، هل لابد للعلم أن يكون فى خدمة السلطة؟: الملاحظة اللماحة الذكية هى أولى خطوات المنهج العلمي، وقصة طبيب العيون الصينى لى وينليانج الميلودرامية التى تصلح قصة لفيلم مأساوى حزين، هى قصة اغتيال الملاحظة العلمية واللامبالاة بتفاصيلها ، كانت النتيجة انتشار الوباء وموت الطبيب الشاب 34( عاماً)، أغتيلت الملاحظة واغتيل الطبيب، أرسل على الشات لأصدقائه ملاحظته بالالتهاب الرئوى الحاد الغريب الذى أودى بحياة سبعة أشخاص، شبيه السارس ولكنه ليس بالسارس، ملاحظة ذكية بالرغم من أن تخصصه بعيد تماماً عن الطوارئ والجهاز التنفسي، وشاية الأصدقاء واتهام السلطات له بتكدير السلم الاجتماعى وتدمير السياحة، خرس وصمت ثم مات من الكورونا!، واعتذرت له السلطات الصينية مثلما إعتذر الفاتيكان لجاليليو، والآن أصبحت صورته مضيئة بالنيون على أعلى بنايات الصين، لكن ماهى جدوى الأضواء بعد أن ابتلعته ظلمة القبر هو وأسراره؟.هل دقة البحث العلمى وبطء خطواته عيب أم ميزة؟: الكورونا سلطت الضوء على بطء البحث العلمى الجاد والذى ينشد الدقة فى علم يتعلق بصحة الإنسان، الخطأ فيه جريمة لاتغتفر، جعلت الكورونا من هذا البطء فى نظر الناس من قبيل ثقل الظل العلمي، بل اعتبروه بروداً أكاديمياً لايهتم بأرواح الناس، بالرغم أن هذا البطء وتلك الدقة هى لصالح الحفاظ على أرواح الناس، كرباج الشعوب والحكومات على ظهور الباحثين، سيجعل خطوات جواد البحث سريعة ولكنه بالضرورة سيتعثر ويقع فى نهاية السباق قبل الوصول لخط النهاية، هذا البطء وتلك الدقة من أجل ضبط الجرعة والوثوق فى المادة الفعالة وقلة الأعراض الجانبية وعدم التفاعل مع الأدوية الأخرى ...الخ، معايير كثيرة ليس هنا مجال شرحها لكنها فى النهاية تصب فى صالح المريض، لكن الوباء يلح على حرق المراحل وإختصار الطريق ، فالثمن هو الموت ، ولكن العلماء يقولون إن ثمن تسرعنا من الممكن أن يكون هو الموت أيضاً ولكن بأيدينا لا بأيدى الوباء.قواعد تجربة الدواء على البشر وأسئلة أخلاقية وعلمية: فى الظروف الطبيعية تظل مرحلة تجريب الدواء على البشر هى المرحلة رقم 3 بعد تجريبه فى المعمل ثم على الحيوانات، وهناك قواعد يجب اتباعها عند التجريب على البشر هى مايسمى بالتعمية المزدوجة بمجموعة ضابطة تتناول البلاسيبو الوهمى ثم تجرى المقارنة مع المجموعة الأولي، هل المطلوب فى ظل الظروف غير الطبيعية أن نختصر وندخل مباشرة فى التجريب على البشر؟، هل سيتم إتباع شعار مادام المريض فى مراحله الأخيرة من الحياة، فلأدخل مباشرة فى مرحلتى الأخيرة من الدواء!، الوباء جعل المستقر من أدوات العلم يتخلخل بفعل الصراخ والعويل والفزع والهلع العالمي، فالمجتمعات تصرخ نريد طوق نجاة لا بانيو مساج ، هناك خلط وضبابية رؤية، وتحت الضغوط النفسية تكون القرارات مرتعشة أحياناً وحمقاء أحياناً أخرى ، ويتم الإعلان عن دواء اليوم ثم يتم النفى غداً، تارة دواء الملاريا وتارة الدواء البيولوجى وتارة دواء النقرس وتارة تطعيم الدرن..الخ، أنت لاتستطيع أن تفكر بهدوء العالم الباحث وأنت فى الخلاط أثناء دورانه وضجيجه، العلم يقول إن حل لغز الكورونا دواء مضاد للفيروس يقتله أو فاكسين يحمينا منه باكتساب مناعة ضده، والباحثون يتسابقون فى هذا الاتجاه المنطقى الواضح، ولكن أثناء هذا السباق الكورونى بالذات، هناك من يجذبك من ياقة القميص، وهناك من يتعلق ببنطلونك، وهناك من يريد شنكلتك أثناء الجرى خلف هدفك. الهستيريا ضد صفاء الذهن، والعلم يخاصم الهستيريا، ولكننا إزاء موقف عصيب لاتستطيع معه إدانة أى من الطرفين، سواء العلماء أو الجمهور، الاثنان على حافة الهاوية ولعبة شد الحبل لابد أن تأخذ هدنة حتى لايقع الطرفان فى قاع البئر.


لمزيد من مقالات خالد منتصر

رابط دائم: