رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حالة حوار
الضحك من غير سبب

ظاهرة شيوع النكات والكوميكس على مواقع التواصل الاجتماعى فى مواجهة تفشى وباء كورونا هى مسألة تقتضى بحثا فى بواعثها على المستويات الاجتماعية والنفسية والمزاجية فى بلادنا، فالطبيعى أن المحن والكوارث تفرض على الناس لونا من الجدية وتوقع الخطر والتأهب لمواجهته، لا القهقهة التى نراها حاليا والتى توحى بأن الناس وجدوا فى موضوع كورونا مناسبة لإطلاق قدراتهم ومواهبهم فى إنتاج الفكاهة بروح عبثية، يعنى المسألة جادة وخطيرة والتعامل معها هزل، وبالطبع هذه الظاهرة واجهتها مصر من قبل، فبعد هزيمة 1967 تكاثرت موجات من النكات فى مصر ضد بعض المؤسسات الثوابت. المصريون واجهوا ذلك الوضع المأساوى بالضحك والسخرية والنكات، وربما يكون ذلك تعبيرا عن العجز فى مواجهة تجاوز قدرة الناس على تحمله وقد يكون تعبيرا عن إحباط شديد نتيجة انكسار الحلم الوطنى ومحاولة الناس أن يتغلبوا على إحساس الألم بالضحك والتفكه، ولكن الفارق كبير بين سياق نكسة 1967 ومواجهة خطر كورونا، ففى حالة الهزيمة كانت هناك أسباب قرر العقل المصرى مواجهتها بالضحك وبالتالى كان التعبير الجماعى عنها بذلك الشكل حتى لو رفضناه، أما اليوم فإن خطر كورونا هو نتيجة حالة لا ذنب لنا فيها وبالتالى فإن مواجهتها بكل تلك الموجات من السخرية هى لون من اللامبالاة بالخطر والاستسلام للبلادة وتحويل الحياة إلى مراغة يستلقى فيها الناس على أقفيتهم من الضحك رغم أن المرض يحيط بهم ويهددهم، إذ على قدر جدية الدولة وتماسكها وانضباطها أمام خطر كورونا رأينا ترهل بعض الناس واستغراقهم فى تحويل الأمر كله إلى ملهاة يتنابذون فيها بعلو صوت الضحك، وأنا لا أريد أن أبدو وكأننى مصاب بفوبيا عملية يناير 2011، ولكن انتشار وتمكن ثقافة الضحك فى مواطن الجد وانتقاد كل شىء على طريقة (إشمعنى) فى قعدات القافية هى ظواهر اجتماعية استخدم فيها المحرضون والمهيجون على اندلاع عملية يناير تلك الوسائل لتسخيف منطق الإدارة والنظام وتبرير الاندماج فى مناخ الاعتراض والاستمرار فيه، وللأسف الشديد فإن تلك الثقافة التخريبية سادت فى شعور المصريين حتى اليوم فصاروا يواجهون خطر الوباء المميت بالاستغراق فى صناعة (الإفيهات) والنكات و(الكوميكس) والضحك الذى هو بدون سبب!.


لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع

رابط دائم: