رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لا نجاة فردية

درس عملى وعلى الهواء مباشرة، سقطت فكرة النجاة الفردية. قبل فترة كنا نقولها عن مجتمع الدولة الواحدة، هذه الايام البشرية كلها تشترك فى المصير الذى يؤكد أنه لا نجاة فردية .. كورونا نقطة فاصلة فى الاقتصاد والسياسة والاجتماع، سيكون هناك ما قبل وما بعد كورونا، والسؤال هل يمتد الأثر فى التغيير الى البعد الأخلاقى القيمي؟ هل يعى الانسان إنه لا ولن يتمكن من أى نجاة فردية، وان محاولة فرم الآخرين والصعود على اجسادهم، لن تمنحك اى فرص لتحقيق أمانك وحدك؟ منذ تسعينيات العولمة تراجعت نماذج التنمية التى كانت تضع احتياجات الإنسان من صحة وتعليم، كحقوق، فى صدارة الاهتمام، اولوية وحقا.. صار تحقيق المكسب، شعارا وسعارا.. صارت مظلات الحق الإنسانى فى الصحة والعلم، موضة قديمة، أزيلت الحواجز مابين الدول، ليتحد الاثرياء من كل صوب، وارتفعت داخل المجتمع الواحد ، لتفصل بين اقلية يتضاعف ثراؤها، وأغلبية تزداد احتياجا... فى العصف النيو ليبرالي، برزت وجوه اقرب الى مستوى النبوة ، فلم يخل العالم من انسان كبل جيتس الذى ادرك ان الإنسان لا يحتاج لكل هذا الاكتناز ليكون سعيدا، فكان ان استثمر ثروته فى عون البشر، المحتاجين بصرف النظر عن أطيانهم او جنسياتهم، لكنها اريحية، انسانية لم تعد تكفي.. الاستثناء لا يقيم أمانا للبشرية.. هكذا شكا رئيس صربيا من ان المتغطى بالاتحاد الاوروبى عريان وايضا وجه الايطاليون برسائلهم المعاتبة الى ماكرون وميركل وترامب، قائلين شكرا لكم لأنكم تخليتم عنا وقت الشدة ، نحن الإيطاليين الفقراء الذين علمناكم... ومن العمارة والموسيقى والفلسفة الى الجبنة البرميجيان! ووجهوا شكرهم الى الصين ومصر وكوبا! التآذر الانسانى جاء عفويا، لم تبادر اليه هياكل العولمة التى انفتحت اقتصاديا، والتى لم تعزز الارضية المشتركة انسانيا بين الناس، على العكس قدمت نموذجا، يسقط الحدود على الارض، ويعزز الفواصل بين البشر.. العولمة دعمت نموذج الشراهة والانانية من السياسة والاقتصاد وحتى الاستهلاك الفردي، وخلقت انواعا من الفوضى الانسانية، حتى اذا ما جاء فيروس الكورونا، كان فاضحا فهل يخرج العالم من محنة «يروس كورونا»، بنموذج تنموى مختلف، ويعيد ترتيب أولوياته، فلا يكون العلاج لمن يدفع ولا يكون العلماء فى ذيل الطابور، كما عبرت الباحثة الاسبانية بصيحة لن تذهب سدي، حين صرخت تفتشون الان عن الاطباء و الباحثين، اذهبوا الى لاعبى الكرة (وقد سمتهم) ليجدوا لكم العلاج !! فهل يكون كورونا سببا لإدراك قيمة الاطباء والتمريض والعلماء الحقيقيين.

لم تفلح مجتمعات الاسوار ولا ملاذات الثروات فى حماية اصحابها، حين حل الوباء، وهم الذين تصوروا انهم الاقلية الناجية وان افقروا الاغلبية.. والدول التى مزقت أوطانا وحولت شعوبها الى طوابير، لاجئين تهيم فى تيه، ولا تجد إلا ابوابا موصدة، هذه الدول لم تحمها اطماعها، اجتاحها الفيروس الذى عبر المحيطات والبحار، وافترسها داخل حدودها.. بقدر صعوبة ما تعيشه البشرية وبقدر المحنة، لن يكون ما بعدها سهلا، سيكون هناك ما قبل كورونا وما بعد كورونا .. فى الاقتصاد والسياسة وغيرهما والسؤال الذى يطرح نفسه هل يعى الانسان انه لا نجاة فردية ، بإمكانها ان تنقذه ، فردا كان او دولة؟ وان العيش فى شرنقة مرفهة لن يضمن لك حياة آمنة..علينا ان نستقرىء جيدا ما ارسلته فيديوهات الشرفات الايطالية والاسبانية التى يغنى فيها الناس ويعزفون الموسيقي، كأنها صيحات الحياة التى تقاوم تلك اللحظة الكابوسية من تاريخ الانسانية.. مشاهد مدهشة.. عمارات ضخمة تحولت شرفاتها الصغيرة، الى منصات حياة، أورج و أكرديون وجيتار وايقاعات طبول وربما قرع على الحلل وجمهور يشارك بالغناء ويحيى العازفين.. عشق الحياة والتشبث بها وإن حاصرك الفناء..فان حاصرك الفناء، أيقظ حلمك من رقاده، وارشفه، ولو بالخيال..


لمزيد من مقالات ماجدة الجندى

رابط دائم: