لم يشهد العالم منذ عقود طويلة مثل هذا الهلع والفزع والتخبط والذعر، الذى ضرب جنبات العالم، ولم يفرق فى ضرباته بين الدول المتقدمة والنامية، ولا بين وزير ولا غفير، ولا بين غنى وفقير، إنه فيروس كورونا، الذى خرج من عقال السيطرة ليتحول باعتراف منظمة الصحة العالمية إلى وباء يضرب البشرية بلا هوادة، ودون أى إنذارات، وهكذا فقد خلت ميادين الحواضر الكبرى فى العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، من كل ذلك الضجيج الذى أفرزته المدنية الحديثة، التى تهاوت قلاعها وحصونها أمام ضربات مخلوق لا يرى بالعين المجردة. وتعددت الروايات حول كيفية انطلاق هذا القاتل المدمر المرعب للبشرية جمعاء، لكن الشيء المؤكد أن البشرية تقف عاجزة حتى هذه اللحظة عن إنتاج عقار يحميها من مخاطر الإبادة. هذا عن المحنة، لكن كما هى سنة الكون ورحمة خالق الكون، تخرج دائما منح كثيرة من كل محنة يبتلى بها أهل الأرض، وأولى هذه المنح هو سقوط زيف الكبر والغرور، فالكل الآن سواسية أمام هذا الخطر الداهم، وثانية هذه المنح هو تلك الهبة البشرية الساعية لإنتاج عقار ناجع لهذا الفيروس، وإدراكها أنها فى مركب واحد. أما فى بلادنا من أهم المنح هى تلك اللحظات من التأمل فى مسيرتنا جميعا الذى فرضته المحنة ، التى أكاد أحس بها فى شوارعنا وبيوتنا، فالعقلاء اليوم أراهم يعيدون النظر فى أشياء كثيرة، ولعل هذا التأمل يقودنا جميعا إلى العودة إلى القيم الروحية والإنسانية التى لا نجاة بدونها، ولعل هذه الأزمة تكون بداية لأنماط سلوكية أفضل مما كان يجرى قبل المحنة، وفرصة للترابط والتراحم فى مواجهة الأزمة.
لمزيد من مقالات أسماء الحسينى رابط دائم: