الأكيد أن عالم ما بعد حرب كورونا الفيروسية سيكون مختلفا تماما عن عالم ما قبلها، بعد أن تساوى فى العجز والخوف والهشاشة صناع القبب السماوية والصواريخ العابرة للقارات مع صناع الهواوى والبلاستيك واللعب والفلايات!.
ستبزغ أساطير وتتبدد أوهام، وستسقط جيوش وعروش، لكن هذا الرئيس وإدارته خاضوا بداية الجيل السادس من الحروب بقلب من سيلكون.. غريب أمر هذا الرجل، فى عز احتياجه لمظاهرات المصريين فى مواجهة حملات وشائعات الجماعة وميليشياتها المسلحة وبراعتها فى إغواء الغلابة يجرى إصلاحا اقتصاديا يتساوى فى الأنين تحت وطأته الموظفون قبل الفقراء، ولا يتراجع لجلب التصفيق!. وفى عز ضغط الأزمة المالية؛ التى سببها فيروس كورونا والشلل الذى يهدد كل اقتصاديات العالم وتلوح تأثيراته الكئيبة على مصر، ولأول مرة يتمنى المصريون ألا يكونوا إيطاليا ولا ألمانيا ولا فرنسا ولا تلزمهم عنجهية أمريكا ويرجون ستر ربنا والعيش والملح والنفس، والنجاة مع أحبائهم ـ يفاجئهم الرئيس بنفحة اقتصادية شملت تيسيرات مالية حتى اصحاب المعاشات وكلمة واثقة مطمئنة ترد الروح لتشجيعهم على قعدة البيت!.
سمعت كلمة الرئيس عن الأزمة فى اجتماع ضم نبيلات الأمهات، فاطمأن قلبي، ونذرْتُ للرحمنِ صومًا وقررت ألا ألمس من اليوم إنسيا، هربًا من أخطر فيروسات الأرض قبلتُ دعوة لصعود القمر، وصفة مجربة لن تكلفنى إلا أن أطبق ورقة , أى ورقة ,على نفسها 42 مرة وأقف فوقها، سأكون على ارتفاع 440 ألف كيلومتر لو لم تصدقنى عزيزى القارئ.. جرب!.
الوصفة البسيطة قدمها لى فيزيائى مصرى صميم اسمه محمد شرف، أطلق على صفحته شرفِشتايِن.. نسبة إلى عالم الرياضيات الشهير أينشتاين، شجعنى قائلا : حاول!.. فحاولت.. لم أستطع تطبيق الورقة أكثر من ست مرات، وصل ارتفاع الطيات إلى 64 مم، حاولت بورقة مترين ..وثلاثة وغلب حمارى عند الطية السابعة، وصل ارتفاعها 12.8 سنتيمتر، التقطت 42 ورقة من ماكينة التصوير وطويتها ووضعتها فوق بعض.. سمعته يضحك على سذاجتى أمام جماهير اليوتيوب، ويقول: المسألة ليست مجرد جمع سُمْك ورقة لا تزيد على 1 مم أو وضع 42 ورقة فوق بعضها، لكن الطية معناها أنك تضرب كل ناتج فى اثنين، وبطريقة حسابية فإن سمك الطيات بعد الطية الـخامسة عشرة سيصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار، وعند الطية الـ 25 سيتضاعف ارتفاع الطيات إلى 3.5 كيلومتر،.. وعند الطية الـ41 سيصل ارتفاع طى الورقة إلى 240 ألف كيلومتر، وعند الطية الـ42 المطلوبة سيتضاعف ارتفاع الطيات إلى 480 ألف كيلومتر، أى أبعد بـ 60 ألف كيلومترعن طول المسافة إلى القمر!.
وقبل أن يتبدد أملى فى الصعود للقمر، ويتحول إلى حسبة رياضية، سمعت محمد شرف: لا تتعب نفسك، لا أنت ولا أجدع سوبرمان يستطيع طى ورقة بهذا العدد، لكن فيروس كورونا الهزيل يستطيع، فهذا الفيروس الحقير الذى لا نراه بالعين المجردة يستطيع أن يطوى كل سكان الأرض السبعة مليارات بأسهل مما تستطيع طى ورقة 42 مرة. سألته: وما علاقة فيروس كورونا بطى الورقة يا آينشتاين مصر؟!.
أجابني: أنه مالم يتم حصار الفيروس فى المصابين الحاليين فإن عددهم سيتضاعف بـالدالة الأُسية كل 8 أيام، كان عددهم قبل أسبوع 100 الف، واليوم, أمس الأول الأحد, وصل إلى 308 آلاف إصابة، والمتوفون 13 الفا وتعافى 95 الفا، الأخطر.. فى إيطاليا، عدد المصابين تضاعف فى ثلاثة أيام، ولو مشت الأمور بنفس التراخى فى العزل فإن الـ60 مليون إيطالى سيصابون بالمرض بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر.. بدأت الإصابات هادئة، مجرد شخص مصاب تعامل باستهتار فانتقلت العدوى لشخص آخر على الأقل أول يوم، ثم يتضاعف العدد بالدالة الأسية على طريقة الورقة المطوية، بدأت بواحد ملليمتر، وانتهى طولها بـ 480 ألف كيلومتر! والنجاة فى مصر حتى الآن ممكنة، بشرط وقف التجمعات وتفعيل حظر التجوال لوقف انتقال المرض، وتغيير نظام حياتنا..غسل الأيدى والنظافة ومنع التزاحم وتحديد المسافة بين الأشخاص بواحد متر بقانون حتى بعد زوال كابوس كورونا، فكثرة المصابين تهزم شجاعة أى نظام صحى فى العالم، انكشفت أمامه هشاشة إدارة الرئيس الأمريكى ومنطقه: لكى تبقى الأقوى عليك أن تقامر لتهزم الجميع!.
الآن.. لا وقت للكلام عن سر كورونا والمؤامرة وهل هو غاز السارين أم حرب تجارية، أم الجيل الفيروسى من الحروب، اليوم حان وقت الإيمان بقدرة المصريين وتفويت الفرصة على الفيروس بالانتقال من أى عضو ليتداعى سائر الجسد والوطن بالحمى والخوف.. وغدا بعون الله لو هزمنا هجوم الفيروس بإرادة وإدارة وطنية حكيمة والأطباء المقاتلين، سنفخر بأننا حققنا حلم «شرفشتاين مصر» وجيله بالصعود إلى القمر عن جدارة واستحقاق وليس بطى ورقة 42 مرة!.
لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف رابط دائم: