رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وصفه بأنه قطعة فنية تخاطب العقل..
المخرج شتيفان زاكس: الفيلم التجريبى يكسر قواعد هوليوود

حوار أجراه فى برلين ــ د. مصطفى فهمى
شتيفان زاكس

كعشيق وجد عشيقته التى أحبها من النظرة الأولى فى أثناء سنوات الدراسة الجامعية،كانت حالة شتيفان زاكس عندما تعرف على السينما التجريبية لدي دراسته الفن والتصوير فاتجه إليها عاشقا لها ليدور فى محرابها بين صانع أفلام وأستاذ جامعى فى جامعة كيل الألمانية،ليصبح واحدا من روادها على مستوى العالم أصحاب التأثير القوى، وصاحب منهج خاص يدرس به لطلابه الذين يأتون من كل فج ليتعلموا فنون التجريب السينمائى على يده،ورؤيته كمخرج يرى العالم بنظرة تبدو غريبة لكنها منطقية مع قراءته للعلاقة التاريخية بين الفيلم التجريبى والمجتمع والسياسة، لنكتشف أننا أمام رجل مخضرم يحكى ظلال التاريخ برؤية محلل وروح منطلقة لتصنع مستقبلاً يراه شاعرياً رغم قسوته،ليؤكد ما أحسسته منه فى أثناء الحديث بأن البساطة سمة العلماء والكبار لتواضعه الشديد،واستقباله للأسئلة بصدر رحب، إيمانا منه كما قال بأن الجمهور يجب أن يعرف.

فلنبدأ جولتنا معه لنعرف ما يريد قوله للجمهور.

أوضحت قبل حديثنا أن الفيلم التجريبى بدأ مع بدايات فن السينما؟

لأنه مع ظهور كاميرا السينما اتجه الفنانون لاستخدامها للتعبير عن رؤيتهم بديلا للفنون الأخرى مثل الرسم،المسرح،الأدب،ليكسروا حاجز المألوف والمتعارف عليه من قواعد فنية.

اذن السينما التجريبية تعتمد على كسر القواعد والأشكال المعروفة فى التعبير؟

بالضبط.فهذه النوعية من الأفلام بعيدة تماما عن الأطر والأشكال المتعارف عليها فنيا وسينمائيا،بدليل أنها سارت بالتوازى مع الشكل السينمائى التقليدى المتعارف عليه منذ ظهوره،واستخدامها الحداثيون فى القرن الماضى للتعبير عن رؤاهم الفنية.فالسينما التجريبية موجودة كشكل وقالب فنى قبل ظهور المصطلح،فنجد أفلام فايتا جوتمان،وإجلينج من الرواد الحداثيين للسينما التجريبية فى عشرينيات القرن الماضى.

أنت تتحدث عن فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى التى أنجبت اتجاهات فنية متمردة على الواقع الاجتماعى السياسى مثل مذهب «الدادية»؟

بالفعل »الدادية« قامت بثورة على كل الأشكال الفنية التقليدية فى الفنون ومنها السينما التى قاد ثورتها »فرناند دى جى« عندما إتجه من عالم الفن التشكيلى إلى عالم صناعة الأفلام،لذلك اعتبر من رواد الدادية السينمائية،لكن ليست كل أفلام هذا المذهب تجريبية.

ترى أن هذا الاتجاه الفنى تمكن من التعبيرعن مجتمع ما بعد الحرب العالمية الأولى؟

رغم كونهم مجموعات فنية صغيرة،لكنهم تمكنوا من التعبير عن الحالة الاجتماعية الرافضة للحالة السياسية،فالدادية فى أساسها حركة فنية ظهرت كرد فعل فنى لفعل سياسى هو الحرب..وكمثال على رد فعل المجتمع دعنى أحدثك عن بدايات عام1933 عندما بدأت النازية فى ألمانيا،لم يكن هناك وجود للأفلام التجريبية لأن النظام الفاشى لا يحبها.

يعتقد كثيرون أن أمريكا هى صاحبة هذا الاتجاه التجريبى؟

بالعكس هو موجود فى كل أنحاء أوروبا منذ بدايات السينما،لكنه ظهر فى الولايات المتحدة مع هجرة الرواد إليها بسبب النظام الفاشى،ومع زواله عام 1945 كانت عودة الفيلم التجريبى بطيئة،وتعتبر المخرجة مايا ديلا واحدة من الرواد أصحاب عوته فى ألمانيا ثم أوروبا،وفى هذا التوقيت كانت السينما التجريبية تسير بالتوازى فى أمريكا مع أوروبا.

ألمح فى كلامك تأثير النظام السياسى على وجود التجريب السينمائى، خاصة الموجة الثانية العائدة بعد الحرب العالمية الثانية؟

بالتأكيد.فالنظام السياسى صاحب تأثير كبير فى عودتهم،إلى جانب أن طبيعة الفيلم التجريبى ضد أفلام هوليوود لأنه يسعى دائما لكسر قواعدها.

كيف أثرت المدارس الفنية التى ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية مثل العبث على السينما التجريبية؟

بعد انتهاء الحرب وحتى عودة الموجة الثانية كانت الأفلام فى ألمانيا تتسم بالطابع المحافظ، ولم يعد الفيلم التجريبى لطبيعته إلا بعد عشرين عاما.

تتفق أن حرب فيتنام وقيام الثورات الطلابية فى أمريكا وأوروبا المناهضة لها .. سبب فى عودة الموجة الثانية؟

نعم.فالحرب الفيتنامية كانت النواة لعودتهم كرد فعل مجتمعى لفعل سياسى فى أوروبا وأمريكا،ومع التطور التكنولوجى تحول من رد فعل سياسى إلى استغلال هذا التطور للخروج عن القواعد المألوفة لفن الصورة بتوجه مختلف تماما عما سبق من أشكال تعبير.

وتأكد ذلك مع بدايات الثمانينات وظهور الفيديو كليب،الذى أفرز جيلاً جديداً من مخرجى الأفلام التجريبية.

إذن »الفيديو كليب« تطور للفيلم التجريبى؟

بدايات هذا النوع الجديد استوحى شكله من أفلام فترة العشرينيات.

ما هى فائدة الفيلم التجريبى؟

هو حالة من الوعى مختلفة عن أفلام هوليوود،لذلك فتعامل المشاهد مع الفيلم يخلق حالة مختلفة من الوعى طبقا لسؤال ما هو الفيلم؟والثانى ماذا يريد أن يقدم؟من هنا يتحدد دوره مثل تحديد الأفلام الروائية الطويلة.

لاحظت فى كلامك حالة ندية بين هوليوود والتجريب؟

السينما التجريبية تكشف بروباجاندا السينما الأمريكية،معتمدة على تكسير قيود العقل،هنا تأتى ضرورة معرفة الدور الذى تؤديه الأفلام فى توجيه رسائل للتأثير على المجتمع الذى يجب أن يتعامل مع الفيلم بشكل صحيح ليفهمه بصورة صحيحة.فالفيلم التجريبى فى مجمله يعبر عن النفس بطريقة غير تقليدية بعيدة عن الأشكال والطرق الكلاسيكية،ودائما يبحث عن الجديد.

إذن السينما التجريبية الحارس لعقول الجمهور من دعاية هوليوود؟

نعم.فهى توقظ عقل المشاهد وتجعله فى حالة نشاط،عكس الأفلام الروائية التى تسبب الخمول،لكن لا ننسى أن هناك أفلاما تجريبية طويلة متميزة لمخرجين أمثال كوجا وكسماركيا.

طالما هذا دورها لماذا تفتقد الأفلام التجريبية للجمهور؟

لأنها صعبة الفهم وموترة للنفس والعقل، فطبيعتها بعيدة عن التسلية لأنها قطعة فنية ضخمة تخاطب العقل وتثير التساؤلات والرؤى بداخله،بخلاف أفلام هوليوود.

تعتقد أنه سيأتى يوم يكثر فيه الجمهور؟

لا.لأنها أفلام غير تجارية، لكن أتوقع أن الأفلام الروائية الطويلة ستأخذ عناصر الفيلم التجريبى فى صناعتها.

تفسيرك لوجود مسابقة لهذه النوعية من الأفلام بمهرجان برلين رغم انعدام الجمهور؟

وجود هذا النوع بالبرلينالة له قصة تعود إلى تولى ألف بولت أحد الآباء الروحيين للسينما التجريبية فى ألمانيا رئاسة مسابقة المواهب التى احتوت أفلاما كثيرة..وبعد وفاته لم يجد الفيلم التجريبى مكانا له حتى أنشأ المهرجان مسابقة المواهب التجريبية منذ ما يقرب من 10 سنوات،من هنا رجعت الأفلام إلى المهرجان برؤية تعتمد على التطور المجتمعى عالميا.

ماتقييمك لهذه المسابقة بصفتك أستاذاً جامعياً ومخرجاً تجريبياً؟

بها تنوع كبير ومختلف وأتمنى وجود أفلام تجريبية شاعرية.

من أين تأتى الشاعرية والمجتمع العالمى يعانى أزمات كثيرة فى الوقت الراهن؟

بالنسبة لى ليس هناك تعارض،فهناك أفلام كثيرة سياسية شاعرية بحتة،وبها رسائل قوية.

لماذا اخترت العمل بالتجريب فى السينما؟

عندما درست الفن والتصوير تعرفت على هذا النوع فأحسست بالأنتماء إليه، فجذبنى للعمل به.

ما تفسيرك لإتجاه بعض شباب المخرجين العرب لهذا الإتجاه رغم عدم وجوده سابقا؟

أرى أنه شىء جيد جدا،لكن لا أعرف على وجه التحديد لماذا ظهر فى الدول العربية،فى العموم أحببت وجود مخرجين عرب شباب يصنعون أفلاما تجريبية،خاصة وأن هذه النوعية من السينما لا تقتصر على إقليم أو منطقة معينة،لكنه يتوقف الفيلم على ثقافة المخرج وبيئته وخلفياته.

ما وجه الاستفادة من التعاون الذى وقعته بين جامعة كيل بصفتك أستاذاً بها والمهرجان؟

من المهم مشاهدة الطلاب للأفلام المشاركة بالمهرجان لما بها من تنوع ثقافى ورؤى سينمائية مختلفة،لتفتيح أفقهم السينمائى، وتوليد حالة من الجرأة والتفاعل مع الاتجاهات العالمية نتيجة وجود أفلام كثيرة.. فمنهجى فى التدريس يعتمد على عدم التلقين وإعطاء الطلاب مساحة الحرية فى صناعة أفلامهم والتعبير عن رؤيتهم،ودورى يكمن فى إعطائهم المفتاح لتحقيق ذلك،ولكى يكون هناك فنان حقيقى لابد أن يكون جزءا من أرض الواقع،لذلك يحقق التواجد من المهرجانات ذلك.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق