رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإنترنت وإدارة أزمة كورونا

فى تطور سريع ومتلاحق أصبحت أزمة فيروس كورونا على أجندة الاهتمام العالمى، وليعيد ذلك الاعتبار لقضية تصاعد الأمراض المعدية كتهديد غير تقليدى للأمن الإنسانى، وعلى قدر ما أثار ذلك حالة من الرعب والخوف فإنه كشف عن حالة غير مسبوقة للتعاون الدولى فى مجال الرصد والمكافحة والبحث عن حلول ممكنة. وأظهر كذلك جوانب مضيئة فيما يتعلق بالاستخدام الأمثل للثورة العلمية والتكنولوجية فقد احتلت منصات وتطبيقات الانترنت مركزا فاعلا فى مجال رفع الوعى بـكورونا وطرق الوقاية والحشد والتعبئة للازمة وإدارتها، وبخاصة فى ظل حقيقة أن المرض الجديد قابل للشفاء بنسبة 90% مقارنة بعدد المصابين به.

وقد ساعدت البنية التحتية المعلوماتية الصينية فى لعب دور مهم فى التعامل السريع مع فيروس كورونا وتوقفت حالة التعتيم حوله ونشر المعلومات الصحيحة عنه ورصده ومتابعته وبخاصة فى ظل التقدم فى مجال تقديم الخدمات الصحية عبر الإنترنت، وهو الأمر الذى ساعد فى تقليل فرص الإصابة من خلال الزيارات المنتظمة, الواقعية إلى المستشفيات. وبدأت فكرة شراء أقنعة طبية واقية عبر الانترنت. وأنشأت مجموعة من طلبة كلية العلوم وهندسة الكمبيوتر بجامعة ووهان منصة تتيح للمستشفيات طلب ما تحتاجه من أدوات طبية وتوجيه المتبرعين، ودشنت مواقع الكترونية أخرى لمواجهة الأخبار والمعلومات المغلوطة، واستخدمت الطائرات بدون طيار فى توصيل الطلبات والخدمات فى ظل تفادى التواصل البشرى فى المناطق المنكوبة، ومراقبة التطبيقات الالكترونية للحالة الصحية للمواطنين وتم توظيف نظم الهوية الرقمية فى تحديد مناطق الحجر الصحى ومواجهة محاولات الهروب ورصد الهواتف المحمولة للمغادرين.

وأنشأت الهيئات الحكومية منصات رقمية صحية لمتابعة المرضى وتقديم الاستشارات الطبية وتقديم خدمة التشخيص عبر الإنترنت، وهو ما أدى إلى انخفاض المترددين على سبيل المثال فى عيادات مقاطعة تشجيانج بنسبة 50%. وقامت الشركات بتوفير خدمات الاتصالات الذكية فى عدد من المستشفيات الصينية لتوفير خدمة الزيارة عن بُعد عبر تقنية الفيديو والمكالمات الصوتية، وبذلك تم تمكين المرضى من التواصل مع ذويهم خارج مناطق الحجر الصحى، وهو الأمر الذى ساعد فى تحسين الصحة النفسية للمرضى وتقليل عزلتهم، وحمى فى الوقت نفسه أفراد أسرة المصابين من التعرض للفيروس، وقلّل من خطر إصابة موظفى المستشفيات من العدوى. واستخدم الروبوت الذكى باستقبال الاستشارات من الجمهور حول الإبلاغ عن الإصابة والوقاية وتحليل تساؤلات المواطنين والمساعدة فى تشخيص المرض من قبل الأطباء وكيفية تقديم العلاج المناسب، وعكس ذلك تحقيق التفاعل بين الإنسان والكمبيوتر فى مجال الصحة، وتقليل الضغط على المستشفيات من خلال الزيارة والحد من فرص انتقال العدوى. وفى مجال الأعمال تم توجيه جميع الموظفين فى المناطق المنكوبة أو خارجها بالعمل عبر الانترنت، وتم تعليق الذهاب إلى المدارس والجامعات وتمت الاستعاضة عن ذلك بالتعليم عبر الإنترنت، وزاد الطلب على مواقع خدمات البث المباشر والألعاب الالكترونية والترفيه وإنفاق الشركات فى مجال الإعلانات الرقمية. وارتكز النجاح الصينى فى إدارة الأزمة على حالة التقدم فى مجال التطبيقات الصحية وفى البيانات الضخمة وتقنية الجيل الخامس إلى جانب تطبيقات الذكاء الاصطناعى، والهوية الرقمية، ووجود قواعد للبيانات الصحية ومواجهة الشائعات .وشعبية منصات التواصل الاجتماعى الصينية مثل ويتشات وهو ما تم توظيفه فى تعزيز قوة النظام الصحى فى الصين.

وعلى المستوى الوطنى بذلت مصر جهودا حثيثة فى سبيل امتلاك قدرات وطنية فى مواجهة الأزمات الصحية مثل فيروس C، أو إنفلونزا الخنازير وغيرها، ناهيك عن أهمية التوجه للتحول الرقمى فى المجال الصحى وهو ما يوفر كذلك خبرات للتعاون الدولى فى مواجهة كورونا. وعلى المستوى العالمى أتاح الفضاء السيبرانى أدوات الحشد والتعبئة لمواجهة الأزمة ورفع الوعى لدى الرأى العام فيما يتعلق بالمرض والعلاج والوقاية وجمع التبرعات والضغط على المسئولين، وبخاصة فى ظل تحول أزمة كورونا من الطابع المحلى إلى أزمة إستراتيجية لا تتعلق بالأمن القومى للدولة المعنية فقط بل بالمجتمع الدولى قاطبة. وكان مؤشر الصحة العالمى الصادر عام 2019 قد ذكر توصيات مهمة تتعلق بإشكاليات نقص التمويل الحكومى للنظام الصحى على المستوى الدولى، والضعف فى مجال تبنى سياسات وطنية للأمن الصحى وعدم الاستعداد للتعامل مع الأوبئة أو فى حالة حدوث أزمة بيولوجية. وان معاناة أكثر من نصف الدول من مخاطر سياسية وأمنية سيقوض من قدرتها على مواجهة التهديدات البيولوجية, إلى جانب الافتقاد للتدريب فى مواجهة الأزمات، ومن ثم يجب امتثال الدول للمعايير الدولية والمساعدة فى تبلور دبلوماسية وقائية دولية تواجه الأزمات الصحية، وهو ما يفرض إعادة النظر فى السياسات الصحية، وتعزيز دور المنظمات الدولية المعنية مثل منظمة الصحة العالمية ودعم جهود الإغاثة الإنسانية سواء من قبل المجتمع المدنى المحلى او العالمى. وتحسين نظم الاستجابة الدولية مستقبلا، وترسيخ ثقافة صحية عالمية تحافظ على المناعة البشرية وعلى دعائم الأمن الإنسانى.


لمزيد من مقالات د. عادل عبدالصادق

رابط دائم: