رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رسالة مصر فى حروب الكراهية

لم تتوان مصر مطلقا وطيلة تاريخها عن أن تسجل بصمتها العريضة علي وجه كل القضايا الدولية الشائكة والمعرقلة بالضرورة للمسيرة الحضارية، فمصر التي هي مهد الديانات والساعية دوما نحو إقرار لغة التعايش والداعية لحوار الأديان والتي قدمت وثيقة الأخوة الإنسانية التي يستلهم منها الكثير من المعاني الخالدة والقيم الإنسانية المشتركة، وأكدت بها عمق الألفة بين البشر، فضلا عن كونها قد سحقت الإرهاب واستأصلت جذوره نيابة عن العالم بعد أن عانت من جرائره الكثير والكثير، لكن ها هي أشباح التمييز والكراهية الدينية تنهش كيان المجتمع الدولي مع غيرها من الآفات، لكن مصر دائما ما تتصدي وتتصدي انطلاقا من ثبات المبادئ والمواقف والإيمان بقيمة العدالة والحرية وقناعة بأن شيوع الكراهية إنما يمثل بالفعل حربا مستترة يغيب تقدير وقت اندلاعها كما يتفاوت تعدد نتائجها ويصعب تحديد المنتصر والمهزوم طبقا لحجم هذه الكراهية وعمقها، فضمن آخر جولاتها كانت المشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي الذي احتضنه المعهد الثقافي الإيطالي ليناقش قضية ذات حساسيات عدة وهي حرية الدين والمعتقد باعتبارها قضية ذات انعكاسات سلبية علي توازنات المجتمع الدولي المعاصر، من ثم لابد من دعم سبل التعاون والتواصل بين السلطات الدينية والمدنية تحقيقا لدافعية ملحة نحو حرية الدين والمعتقد، وهو ما يراد به تقليص مساحات الكراهية والجرائم ضد الإنسانية، إذ إن التنوع الديني يمثل ركيزة مهمة للثراء الثقافي وجسرا محوريا نحو الاستقرار السياسي. فلقد استفحلت ظواهر التمييز والكراهية والعنصرية في العالم بشكل يتنافي تماما مع معطيات الحضارة المعاصرة إذ كشف تقرير وكالة الاتحاد الأوروبي، الذي رصد وضعية المسلمين في نحو خمس وعشرين دولة أوروبية, عن معدلات مفزعة لجرائم الكراهية والتمييز العنصري وترسيخ مشاعر العداء وحجم معاناة المسلمين في أوروبا بجانب ما تمثله النزعة الدونية من مسارات عديدة تستحوذ علي العقل الأوروبي. وعلي ذلك كيف تصبح للتحديات المستقبلية التي تواجه البشرية أولوية قصوي علي سقطات العنصرية الدينية وحروب الكراهية؟ وكيف تصبح قضية تأمين الكوكب الأرضي لها الصدارة علي غيرها من القضايا، باعتبارها قضية مصيرية مؤداها نكون أو لا نكون؟ ومتي تتلاشي موجات الحقد العقائدي ويمارس مفهوم الحضارة بمعناها الإنساني؟ وكيف يصبح لترويع الآخر سيادة علي احترامه واعتباره وتقديره؟ وكيف يصبح الحجر علي حريات الأديان ميثاقا حضاريا؟ وأين يكون موقع التعددية في ظل المناخات المتصارعة؟. إن بعضا من رسالة مصر إنما يكمن في الحماية المطلقة للأديان ولحرية الاعتقاد والحفاظ علي كرامة الإنسان وحقوقه وتنقية الأجواء والدعوة الأبدية للإخاء، ونبذ الفرقة ومجانبة التطرف والاعتداد بالكلمة السواء، وإذا كانت شواهد التاريخ تطرح صفحات الماضي فرسالة مصر متواصلة مع سطور الحاضر.


لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبوالعلا

رابط دائم: