رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيسان بلا دولة.. والثالث فى الطريق!

المحادثات المباشرة بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، كان من المفترض أن تبدأ الثلاثاء الماضي، لكنها لم تبدأ وقد لا تبدأ، بعد أن رفضت الحركة، الأربعاء، عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني الإفراج التدريجي عن خمسة آلاف سجين طالباني، واشترطت الإفراج عنهم جميعَا. وقطعًا، سيزيد المشهد تعقيدًا، لو استمر نزاع أشرف غني وعبدالله عبدالله على رئاسة أفغانستان، وسيؤثر على موقف الحكومة في تلك المحادثات، لو لم يحُل دون انعقادها.

هذه المحادثات ينبغي أن تقود إلى تقاسم السلطة بين طالبان والحكومة الأفغانية، التي لم يكن لها أي دور في المفاوضات التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة. كما لم يكن لها، أو للشعب الأفغاني، أي كلمة أو رأي في الاتفاق الذي تم توقيعه في 29 فبراير الماضي، بين الحركة والولايات المتحدة، بعد حرب استمرت لأكثر من 18 عامًا، ونصّ على انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، من أفغانستان في غضون 14 شهرًاً، مقابل تقديم طالبان تعهدات أمنية، والتزامها بمقاتلة الجماعات الإرهابية، وعقد محادثات مع الحكومة الأفغانية. تباين موقفي طالبان والحكومة الأفغانية من قضية السجناء يرجع إلى اختلاف صياغة البند الخاص بهم في اتفاق الدوحة، عنه في إعلان كابول، الذي وقعه وزير الدفاع الأمريكي مع الرئيس الأفغاني. أما تنازع غني وعبدالله، فبدأ قبل أن ينتهي فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بإعلان الأخير فوزه، مكررًا ما فعله في انتخابات ٢٠١٤، قبل أن تنجح الولايات المتحدة في ترضيته بمنصب تم استحداثه: منصب رئيس السلطة التنفيذية، الذي قد يتحفظ به، غالبًا، مقابل الاعتراف بهزيمته، حال عدم ظهور رئيس جديد أو رئيس ثالث!. اتفاق الدوحة، الذي يشكك في جدية الحرب الأمريكية على الإرهاب، من الأساس، تضمن بندًا ينص على تبادل خمسة آلاف سجين من طالبان تحتجزهم الحكومة الأفغانية مقابل ألف سجين أفغاني لدى الحركة، وهو البند الذي تراه طالبان شرطًا مسبقا لبدء المحادثات مع الحكومة الأفغانية، بينما نص إعلان كابول على أن يقوم الطرفان بمناقشة إمكانية إطلاق سراح السجناء لدى الجانبين. وما خفي، أو ما تضمنه ملحقان سرّيان لاتفاق الدوحة، يوحي بأن ثالثًا سينازع غني وعبدالله على الرئاسة. خاصة بعد أن كشف الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، عن وجود تعاون عسكري بين الولايات المتحدة وحركة طالبان. خلال جلسة عقدها مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء الماضي، حول الأوضاع الميدانية بعد توقيع اتفاق الدوحة، قال الجنرال ماكينزي: شهدنا، خلال الأشهر الأخيرة في غرب أفغانستان، كيف قامت حركة طالبان بسحق تنظيم داعش ميدانيًا، بدعم محدود جدًا من جانبنا. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن مقاتلي طالبان والقاعدة، وغيرهم من الإرهابيين، العرب والأفغان، اكتسبوا خبراتهم ومهاراتهم القتالية، خلال مشاركتهم في الحرب الأفغانية السوفيتية، التي دعمتهم فيها الولايات المتحدة بالتدريب والتمويل والسلاح، وكانت تصفهم وسائل إعلامها بـالمجاهدين الأفغان. جرت انتخابات الرئاسة الأفغانية في ٢٨ سبتمبر الماضي، وخاضها ١٨ مرشحًا. وكانت تلك هي رابع انتخابات رئاسية في البلاد، منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان، بعد أن تم تعيين حامد كرزاي، في ديسمبر ٢٠٠١، رئيسًا مؤقتًا لمدة ستة أشهر، صارت ثلاث سنوات، ثم فاز في الانتخابات الأولى والثانية (2004 و2009). وفي الثالثة، التي جرت في 2014، فاز أشرف غني، ثم خاض الرابعة، التي وصفها كرزاي بأنها تشبه خوض مريض بالقلب سباق مسافات طويلة!. سباق المسافات الطويلة، الذي خاضه مريض بالقلب، لم يتم الإعلان عن نتائجه إلا الشهر الماضي، وفاز فيه غني بولاية ثانية إلا الشهر الماضي، بنسبة زادت قليلًا عن 50%، غير أن منافسه الرئيسي عبد الله عبدالله لم يعترف بتلك النتيجة. والإثنين الماضي، قام الاثنان، غني وعبدالله، بتنصيب نفسيهما رئيسين، في حفلين متزامنين قطعهما انفجاران على الأقل. وعلى الخط، دخلت حركة طالبان، التي ترى أن العملية الانتخابية زائفة، واستقبلت حفلي التنصيب بتكثيف هجماتها على القوات الأفغانية. بالضبط، كما حاولت إفساد الانتخابات بعدة هجمات على مراكز التصويت، كانت حصيلتها، بحسب تقدير الأمم المتحدة، ٨٥ قتيلًا مدنيًا و٣٧٠ مصابًا. الملحقان السريان لاتفاق الدوحة، لم يطلع عليهما إلا عدد محدود من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في اجتماع انعقد بعد توقيع الاتفاق. وليس بعيدًا أو مستبعدًا أن يكون الملحقان قد تضمنا بنودًا لا منطقية تصب في صالح طالبان، كذلك البند الذي تضمنه الاتفاق المُعلن ونص على التزام الحركة بمقاتلة الجماعات الإرهابية، متجاهلًا أن الحركة لا تزال، إلى الآن، ترفض قطع علاقاتها بتنظيم القاعدة، وما زالت فصائلهما تتعاونان في بعض أنحاء البلاد. مع أن مبرر الغزو الأمريكي لأفغانستان، كان قيام الحركة بتوفير ملاذ آمن لذلك التنظيم، بعد اتهامه أو إعلانه مسئوليته عن هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، التي راح ضحيتها نحو ثلاثة آلاف أمريكي. القوات الأمريكية بدأت بالفعل الانسحاب من قاعدتين عسكريتين. وتركت للحكومة الأفغانية وحركة طالبان، مناقشة موعد وبنود وقف إطلاق نار دائم وشامل، في المحادثات التي لم تبدأ وقد لا تبدأ. ولا نعتقد أن نقاشًا سيحدث أو موعدًا سيتحدد، إلا بعد الإطاحة بأشرف غني وعبدالله عبدالله، على يد قيادي طالباني، قد يكون هو الملا برادر أخوند، أو عبدالغني برادر، صهره الملا محمد عمر، الذي هاتفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ أيام، واستمرت المكالمة بينهما لمدة 35 دقيقة، في سابقة لم تحدث من قبل بين رئيس للولايات المتحدة وقيادي في الحركة الإرهابية!.


لمزيد من مقالات ماجد حبته

رابط دائم: