-
رئيس جامعة حلوان: أتوقع اختفاء الكتاب التقليدى خلال ثلاث سنوات مع اكتمال التحول الرقمى داخل الجامعات
-
الطلاب: بعض الأساتذة يجبروننا على شراء الكتب بتسليم صورة «الكارنيه» أو إضافة «ملزمة تدريب» للكتاب
-
نائب رئيس جامعة عين شمس: أتمنى زوال فكرة الكتاب الجامعى ونسعى لتحويله إلى «مرشد» للطالب للبحث عن المعلومة
حكم حاسم أصدرته المحكمة الادارية العليا خلال الاسابيع الماضية بتوقيع عقوبات تأديبية على 12 أستاذاً بكلية الدراسات الاسلامية والعربية بنات بالمنصورة، وذلك لقيامهم ببيع الكتاب الجامعى بالإجبار وبأسعار تزيد عما قرره مجلس الجامعة ..الحكم الذى تضمن فى منطوقه العديد من الرسائل لأساتذة الجامعات حول دورهم التعليمى ورسالتهم السامية لبناء الانسان ألقى الضوء من جديد على «بيزنس» الكتاب الجامعى الذى يرى البعض أنه لا مجال الآن لوجوده فى زمن الانترنت وحتمية تطوير التعليم.
وكان الكتاب الجامعى دوما صداعا فى رأس الطلاب فبالرغم من كونه، المرجع الاهم بالنسبة لهم إلا أن العديد منهم كان ومازال يعانى ارتفاع أسعار بعض الكتب وهذا بالرغم من دعم الجامعات لها، وايضا تحديد أسعارها بشكل يتناسب مع مستوى معظم الطلاب.
ويبدو أن الطالب الجامعى الذى يجب أن يبحث ويعثر بنفسه على المعلومة ويقارن بين المصادر المتنوعة لها، ويطلع على الآراء المختلفة والبحوث المتنوعة فى مجال دراسته يفضل «الكتاب» الذى لن يخرج عنه الامتحان فقد اعتاد الحفظ والتلقين ثم التسميع فى ورقة الإجابة!
فى جولة لـ «تحقيقات الاهرام» خارج أسوار جامعتى القاهرة وعين شمس رصدنا ظاهرة ليست بالجديدة، لم تنته رغم محاولات القضاء عليها بشتى الطرق وهى ظاهرة الملازم والملخصات التى يفضلها العديد من طلاب الكليات النظرية ولكنها لا تغنيهم عن شراء الكتاب.
تقول منار عبد الله طالبة فى كلية الحقوق جامعة عين شمس: لا أقرأ كتب بعض المواد الدسمة حتى ولو من باب التعرف على المنهج وتكتفى بالملزمة ولكنها تلتزم فقط بشراء الكتاب اذا اكد الدكتور ضرورة شرائه اما اذا لم يبد اهتماما فهى تحصل على نسخ مصورة تباع فى المكتبات المتعددة المحيطة بالجامعة فيما يعرف بمنطقة «الممرات».
وهى أشبه بمنطقة بين السرايات المجاورة لجامعة القاهرة وشارع المحطة المجاور لجامعة حلوان فهذه المناطق لا تعترف بأى حال من الأحوال بالملكية الفكرية أو حقوق المؤلف، وكثيرا ما تباع فيها الكتب الجامعية بأقل من أسعارها داخل الجامعة أو المكتبات التى يعلن عنها الاساتذة.
ويشير كريم سعد طالب بكلية الآداب إلى ان الاساتذة يوضحون للطلاب من أين يحصلون على كتاب المادة والبعض منهم يوفر الكتاب فى المنافذ الموجودة داخل الجامعة والبعض الآخر يشير إلى مكتبات خارجها وتظهر «مؤشرات» وتلميحات ضرورة الشراء إذا أوضح أستاذ المادة أن الشراء سيكون بموجب «كارنيه» الكلية وضرورة تسليم نسخة منه للبائع ويقول كريم:» فى هذه الحالة وحتى إذا لم يصرح الدكتور باى شيء نشترى فورا الكتاب خوفا من « شيل» المادة.
أما نسمهار على الطالبة بكلية التجارة فهى تكتفى بتصوير الكتب وتشترى فقط الكتاب المصحوب بملزمة تدريب أو «شيت» وتقول:»نعلم جيدا ان الدكتور لن يصحح هذه الشيت ولكنها طريقة ألزمنا بها بشراء الكتاب والحقيقة ايضا ان عددا قليلا جدا من الاساتذة يفعل ذلك والكثير منهم لا يهتم اذا كنا نحمل نسخة أصلية أو مصورة من الكتاب»
أما ناردين فؤاد طالبة بكلية الألسن فترى أن جودة الكتاب هى التى تفرض على طالب تقديره، فعلى سبيل المثال بعض الأساتذة يطبعون الكتب على ورق شبيه بورق الجرائد وتكون النسخ غير دقيقة أو بها اخطاء أو صفحات فارغة أو يستخدم حجما كبيرا جدا للخط لزيادة عدد الصفحات أو يكرر فصولا بالكامل من كتب اخرى له فى كتاب جديد وتقول:» نحن كطلبة نفهم تماما أن الغرض هو تحقيق مكسب معين وهذا يوجد صورة ذهنية معينة عن هذا الأستاذ. وفى المقابل يطبع البعض الاخر الكتب على ورق فاخر وتصميم جيد وحينها اشعر اننى يجب ان أقدر الكتاب وأحتفظ به كمرجع فى هذه المادة»
من جهتها، تسعى إدارات الجامعات لتطوير الكتاب فقد أعلن مؤخرا رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت مجموعة من الضوابط والمعايير لوضع الكتاب الجامعى أهمها التطبيق الكامل لحقوق الملكية الفكرية، ومواكبة التطور العلمى وتضمنها لعدد من المراجع التى تشجع الطالب على عملية البحث.
وشدد رئيس الجامعة على عدم تجاوز الأسعار الاقتصادية أو المغالاة فيها، وعدم اجبار الطالب باى صورة على شراء الكتاب، بالاضافة الى تشكيل لجان مراجعة علمية للكتب الجامعية المقترح تدريسها، إلى جانب قيام اللجنة العلمية بالاعتماد على مواصفات قياسية لجودة الكتاب، ومنها جودة إخراج الكتاب والتزامه بالمواصفات الفنية مثل عدد الصفحات التى تتوافق مع ساعات تدريس المادة فى اللائحة ، وخلوه من الأخطاء الإملائية والنحوية.
التطوير قادم
ويرى الدكتور ماجد نجم رئيس جامعة حلوان أن تطوير الكتاب الجامعى قادم لا محال فالأصل فى الدراسة الجامعية هو المراجع و يجب ألا تختزل العملية التعليمية فى كتاب يدرسه الطالب وأضاف: «يحيل الاستاذ الطالب الى مجموعة من المراجع للبحث والاطلاع وأرى ان المستقبل سيكون للكتاب الإلكترونى الذى سيكون فى متناول الطالب «ليحمله» على اى جهاز الكترونى حديث مثل التابلت وبالطبع لن تغفل الجامعات حقوق الاساتذة وسوف يكون هناك تعاقدات أيضا على تلك الكتب»
ويتوقع رئيس جامعة حلوان أن يختفى الكتاب الورقى من الجامعات خلال ثلاث سنوات مع اكتمال عملية التحول الرقمى داخل الجامعات.
تطوير شامل
«لا يوجد ما يمكن أن نسميه الكتاب الجامعى وأتمنى زواله» هكذا بدأ الدكتور عبد الفتاح سعود نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب حديثه معنا قائلا :«ربما يحتاج الطالب للكتب فى صفوف التعليم ما قبل الجامعى ولكن حتى هذا يتم تغييره الان بفكر وزير التربية والتعليم الذى يدعم الاتجاه نحو البحث عن المعلومة وهو ما يجب أن يحدث فى الجامعة حيث تختلف فيها طريقة التعليم وتعتمد على قراءة الطالب وبحثه وتوسيع مداركه»
وفى مجال تطوير الكتاب الجامعي، أوضح الدكتور سعود ان جامعة عين شمس تسعى الان لتحويل الكتاب الجامعى لما يعرف بـ«ستادى جايد» اى «مرشد» للطالب وهو ما يواكب أيضا عملية تطوير شامل فى طرق التدريس والتقييم حيث تم انشاء ادارة لتطوير التعليم تعمل على تغيير نظام التعليم بالكامل وطرق التلقى التى سوف تتضمن التعليم والتدريس عن بعد وايضا طرق التقييم لتكون أكثر عدلا.
وفى هذا الإطار انضمت جامعة عين شمس ايضا الى المنصة الالكترونية المتصلة باليونسكو مع 11 جامعة إفريقية وآسيوية والصين من خلال مبادرة «المعهد الدولى للتعلم عن بعد» وتعد جامعة عين شمس ولمدة عام هى وحدة الرئاسة لهذه المبادرة التى تهدف إلى تغيير فكر التعليم بالتعاون مع اليونسكو للاستفادة من الوسائل الإلكترونية فى التعلم وإيجاد حلول، على سبيل المثال مشكلة الأعداد الكبيرة فى الطلاب وذلك من خلال نشر جزء من المحاضرات على منصة تعليم الكترونية يستطيع الطالب من خلالها أن يشارك فى المحاضرة وأن يكرر الاستماع لها مرة اخرى على ما يعرف بـ«الموديل» الذى من خلاله يتمكن الطالب من التفاعل مع الاستاذ ويضيف: بناء على هذا التطوير سوف يتم ايضا تطوير الامتحانات بشكل الكترونى وبشكل موضوعى لا يعتمد على الحفظ وهذا فى المواد التى تسمح بذلك، وتعاقدت الجامعة على 75 شاشة تفاعلية ونفذت بالفعل أول حجرة تدريس ذكية بكلية الهندسة حيث تجرى محاضرات دولية وتسجل على المنصة ويمكن للطالب استعادته فى أى وقت.
معلومات «جاهزة»
وترى الدكتورة راللا عبد الوهاب المدرس بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس أن الطالب ايضا عليه عامل كبير فى عملية تطوير الكتاب الجامعي، فالعديد من الطلاب لا يرغبون حقا فى إجهاد أنفسهم بالبحث فى المراجع أو الذهاب الى مكتبة الجامعة أو حتى البحث على الإنترنت عن المعلومات فهم «يستسهلون» الحصول على المعلومات الجاهزة فى الكتاب ليحفظوها و يتم تسميعها فى الامتحان، بينما تسعى الجامعة لدعم طلابها بشتى الطرق، فعلى سبيل المثال من حق الطالب أن يحصل على ثلاثة كتب مجانا من خلال استمارة يسجلها فى ادارة رعاية الشباب ولكن العديد منهم لا يعرف هذا الحق وتضيف قائلة:» العديد من الأساتذة يتيح الكتب للطلاب بأسعار مناسبة وبعضهم أصبح يوفر لهم ملزمة يمكنهم تصويرها أو حتى تصوير الكتاب نفسه والبعض الآخر يتيحه لهم بصيغة «بى دى اف» ليسهل عليهم الأمر»
حضور المحاضرات
أما الدكتورة ليلى ابو اسماعيل امين سر لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب فترى أن الكتاب الجامعى اصبح من الامور «البالية» التى يجب أن نعمل على تطويرها بشكل سريع وفقا لمتطلبات كل جامعة وكلية. فالمطلوب الآن لسوق العمل خريج له قدرات خاصة ويفهم أصول البحث العلمى وأولها البحث عن المعلومة وهى مهارة تسعى الدولة الان لتعليم طلاب الابتدائى والثانوى عليها من خلال برامج متطورة فى بعض المدارس مثل مدارس «ستيم» وايضا من خلال توفير مواد تعليمية ومصادر ومراجع متنوعة للطلاب على بنك المعرفة، فكيف بالطالب الجامعى أن يستمر فى تلقى العلم عبر كتاب يٌطلب منه حفظه وتسميعه !
وترى أنه من المهم أن يحضر الطالب المحاضرات ويتعرف منها على الموضوعات التى يناقشها الأستاذ الجامعى ثم يقوم بمهمته فى البحث عن المزيد من المعلومات عن تلك الموضوعات ثم يتم عرض نتائج تلك الأبحاث ومناقشتها والخروج بأفضل المقترحات ومن خلال تنوع عملية البحث بين الطلاب تنمو قدرات الطالب على التفكير والنقد وهذا ما تتبعه العديد من الجامعات فى دول أخري.
حقوق مهدرة
من ناحية أخري، يشير الدكتور خالد عبد الفتاح أستاذ القانون الدولى ووكيل الدراسات العليا بكلية الحقوق جامعة حلوان إلى أن الكتاب الجامعى مرجع موجود فى كل دول العالم ولكن المثير للدهشة فى مصر أن أغلب الاساتذة يهدرون حقوقهم ولا يبلغون عن المعتدين ويقول: يلاحظ عدم الاهتمام الكافى بحقوق الملكية الفكرية فيما يخص الكتاب الجامعى بينما هى احد اسباب التقدم فى دول أخرى، فقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 الذى نص على حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والحقوق الصناعية والذى أصدرته مصر بموجب توقيعها اتفاقية «التربس» يضمن لاساتذة الجامعات ومؤلفى الكتب الجامعية حقوقهم المهدرة فى مناطق مثل بين السرايات وداخل المكتبات التى تنسخ وتقلد الكتب وتصمم الملازم والملخصات بدون اذن المؤلف بل تقدم مواد علمية زائفة وغير صالحة وتعد مؤلفات مشتقة تستخدم اداة لاكتساب المال بينما ينص القانون فى المادة 181 بالحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيها ولا تتجاوز عشرة آلاف جنيه أو احدى هاتين العقوبتين على كل من باع أو اجر أو قلد مصنفا محميا بموجب قانون الملكية الفكرية، كما تخضع ايضا النسخ الإلكترونية لحماية نفس القانون ولا يجوز الاعتداء عليها بالتزييف أو النسخ. واضاف :«حاليا المراكز الموجودة بجوار الجامعات تعد عملا اجراميا على صعيد حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بالاضافة لكونها تقدم مادة علمية سيئة ومضرة للطالب، فعلى سبيل المثال يتخرج طالب الحقوق لا يعرف كيف يكتب مذكرة بسبب اعتماده على الملخصات»
وأكد استاذ القانون الدولى ان الكليات والجامعات والاساتذة أصحاب تلك الكتب منوط بهم الدفاع عن حقوقهم كمبتكر للمصنف.
رابط دائم: