رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أعظم استثمار مصرى فى جامعة شيكاغو

أتاحت لى الظروف، الاقتراب بمسافة معقولة من عوالم جامعة شيكاغو.. تلك الجامعة التى أنشئت قبل مائة وثلاثين عاما بتقاليد صارمة.. واحدة من أقوى عشر جامعات فى أمريكا بنيت بمبادرة مالية ستمائة ألف دولار عام 1890 من جون روكفلر وجون ديوي، ورؤية تحاول الجمع مابين مزايا المعاهد البحثية الألمانية والتعليم الانجليزي، (ميزانيتها السنوية الآن تصل الى ما يقرب من عشرة مليارات دولار) ليس أمرا مستغربا، اذن، إن جلست يوما فى مطعم الكلية المعنية بالدراسات الاقتصادية والمالية بجامعة شيكاغو، ان تجد على الموائد المتناثرة ثلاثة أو أربعة، من حائزى جوائز نوبل فى الاقتصاد والذين غيروا فى الاقتصاد كعلم وأسواق، يتناولون طعامهم وسط الطلاب.. أول نوبل حصل عليها أستاذ من شيكاغو كان بعد إنشائها بعشر سنوات فقط، وكانت لباحث فى قياس سرعة الضوء.

جامعة شيكاغو عموما شرسة وطالب هذه الجامعة لابد له من مواصفات خاصة ، لا تقتصر على مجرد التلقى الجيد او مجرد الاستيعاب, وعندما تتحدث عن مدرسة جامعة شيكاغو فى الاقتصاد، أنت تعنى المدرسة التى تغير بسببها اقتصاد العالم مؤخرا، هذا الموضوع وثيق الصلة بما أردت أن يلتفت اليه القارئ .. وهو أعظم استثمار يقدمه مصرى لمصر، حين يفتح الطريق ويرعى شتلات مصرية فى واحدة من أرقى وأشرس كليات الاقتصاد فى العالم..الحكاية انى سمعت فى الجامعة عما يسمى ببرنامج ساويرس، حين التقيت مصادفة بابنة احد الأصدقاء طالبة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، التى جاءت لقضاء عام دراسى كامل بجامعة شيكاغو، ضمن برنامج يموله رجل الأعمال ناصف ساويرس ..لم أملك تفاصيل حتى تعرفت على أستاذة علوم سياسية، مصرية بجامعة شيكاغو، وهى فى نفس الوقت مساعدة لعميدة الجامعة لشئون البرامج الدولية، الأستاذة الدكتورة دينا راشد، وعلمت أنها المشرفة على برنامج ساويرس، تصورت فى البداية ان الحكاية مجرد استقدام طالب او أكثر، او مجرد منحة فإذا بى أكتشف أن برنامج التمويل لساويرس، هو أكبر برنامج للمنح، و أن مصر بفضل هذا البرنامج، صاحبة العدد الأكبر من أبنائها الدارسين للعلوم الاقتصادية والمالية والسياسية تحديدا، من بين كل دول منطقة الشرق الأوسط ، بكل دولها الثرية، تنفرد مصر بفضل برنامج أسسه رجل الأعمال ناصف ساويرس فى 2007 بعدد أبنائها المنخرطين فى أقسام الاقتصاد والعلوم المالية. مر برنامج ساويرس بأكثر من مرحلة، فقد بدأ بمجرد عقد شراكة بين جامعة شيكاجو وجامعة القاهرة وطبعا برعاية مالية ومعنوية من ناصف ساويرس، لاستقدام طالب واحد من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، للدراسة لمدة فصل دراسى واحد, كطالب زائر، ثم انضم أيضا طالب مصرى من الجامعة الأمريكية, من نوابغ الصعيد وخريجى المدارس الحكومية، والذى يتكفل ناصف ساويرس بمنحة تعليمهم فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. بعد عامين من هذه المنحة تم تقييم التجربة من قبل جامعة شيكاجو وأوصت الجامعة بأن الاستفادة سوف تتحقق بصورة أكبر فى حال لو درس الطالب عاما كاملا فى جامعة شيكاغو بدلا من مجرد فصل دراسي.. واستجاب ناصف للتوصية بل قرر ان زيادة عدد المنح من منحة دراسة لطالبين لمدة نصف عام، الى خمس طلاب لعام دراسى كامل بحيث تتولى المنحة تغطية كافة تفاصيل المسئولية المادية من مصاريف الى إقامة وأكل وتأمين صحى حتى يتفرغ الطلاب تماما للدراسة. عام 2014 كان نقطة تحول حقيقية فيم يتعلق بمستقبل منحة ناصف ساويرس فى جامعة شيكاغو.. دعا المصرى ناصف رئيس جامعة شيكاغو إلى المؤتمر الاقتصادى الذى انعقد وقتها بمدينة شرم الشيخ وأعلن أنه سوف ينشىء وقفا قيمته عشرون مليون دولار، ينفق من عوائده على عشرة من الطلاب المصريين سنويا، ليضمن الاستمرار للمنح، بعدها بخمسة أعوام، 2019، ضاعف المصرى الناجح قيمة مبلغ الوقف، ليصل الى أربعين مليون دولار، فى أعظم استثمار لمصر.. الاستثمار فى العقول ..العلم والاحتكاك.. تم تخصيب خمسة وثمانين شتلة مصرية، او خمسة وثمانين طالب و طالبة، منذ قرر ناصف ساويرس، أن يؤسس برنامجه فى جامعة شيكاغو.


لمزيد من مقالات ماجدة الجندى

رابط دائم: