يطلق عليه «المجتهد سيئ الحظ»، إذا لم ينل الممثل والمخرج السينمائى باستر كيتون خلال حياته التقدير الذى يليق بفنه وإسهاماته خلال حقبة «السينما الصامتة» الهوليوودية. وظلت تلك الحقبة، فى ظلم شديد لكيتون، مرتبطة باسم زميله تشارلى شابلن، وإن كان الأخير لم يضاه كيتون فى مستوى الإبداع، وفقا لتأكيدات النقاد.
يطرح المخرج الأمريكى بيتر بوجدانوفيتش فيلمه التسجيلي» باستر العظيم: احتفاء» فى 20 مارس الحالي، فى محاولة لرد الاعتبار للممثل والمخرج الأمريكى الكبير الذى ولد عام 1895، وبدأ مسيرته مع التمثيل عام 1917. اسمه بالكامل جوزيف فرانك كيتون، ولد فى ولاية كانساس الأمريكية لوالدين يعملان فى السيرك، واعتادا تدريبه على الحركات البهلوانية والحيل الفكاهية.
وبخلاف اتقانه لهذه الحركات والحيل، كانت من سمات كيتون المميزة، حفاظه على وجه جامد لا تتبدل ملامحه أمام مجريات الأحداث وأثناء المطاردات وعند وقوعه ضحية لضربات الخصوم، كما يحدث مع شخصية الصعلوك الشهيرة لتشارلى شابلن. ووفقا لمصادر متعددة، فإن سنوات عمل السيرك مع والديه، جعلته يدرك أن التزامه ذلك الوجه الجامد كردة فعل على أى ما كان يتعرض له، يثير الضحكات بشكل مضاعف. ولذلك أطلق عليه The Great Stone Face ، أو «صاحب الوجه الحجرى العظيم».
نقل تقرير لصحيفة الـ «جارديان» البريطانية عن بوجدانوفيتش تأكيده أن كيتون كان «عبقرى الكوميديا الصامتة»، فى تذكير بشهادات مماثلة ومتكررة كما ورد على لسان الناقد الأمريكى الراحل روجر إيبرت، والذى وصف كيتون بأنه «أعظم ممثل ومخرج» فى تاريخ الأفلام. ووصفه المعهد الأمريكى للسينما عام 1999، بأنه أكبر نجم بين الرجال فى تاريخ السينما الكلاسيكية.
يكرر بوجدانوفيتش فى تصريحاته لصحيفة الـ «جارديان» ما قاله كثيرون حول أن كيتون « كان الأكثر حداثة فى حقبة السينما الصامتة»، إذ إن الأفلام التى قدمها بين عامى 1920 و1928، كانت من الأفضل فى تاريخ السينما، إذ تضمنت كادرات تصوير متطورة، وحيلا إخراجية جريئة، وأحيانا خطرة، كما فى مشهد سقوط واجهة المنزل بفيلم «بيل والقارب البخاري» عام 1928. والتزمت أفلام كيتون الأخري، مثل «شيرلوك الصغير» 1924، و»الجنرال» 1927، بذات المستوى المتقدم فنيا.
وتذكر تصريحات بوجدانوفيتش ببداية التدهور فى حياة كيتون عقب توقيعه للعمل مع أستديوهات «مترو جولدين ماير»، وهو القرار الذى طالما وصفه النجم الأمريكى الراحل بأنه « خطأ كبير». إذ كانت بداية تدهور فى حياته المهنية والشخصية وانسحب من المجال العام حتى تحققت له عودة متواضعة فى الأربعينيات، ليقوم بعدد من الأدوار المساعدة بأفلام قليلة.
يحكى بوجدانوفيتش أن تأثير مدرسة كيتون الإخراجية عليه، يتضح فى أحداث فيلمه « ماذا هناك، دوك ؟ « من بطولة باربرا سترايسند وريان أو نيل، حيث إن مشهد المطاردة بالفيلم كان تجسيداً للكثير من تقنيات ومفاهيم كيتون السينمائية.
حصل كيتون على جائزة الأوسكار الفخرية عام 1959 وله نجمتان بممر المشاهير فى هوليوود، ولكن وفقا لبوجدانوفيتش، فإن هذه الجوائز والأعمال التوثيقية التى تم إنتاجها سابقا حول كيتون لم تفه حقه. يحكى بوجدانوفيتش، أنه حاول الالتقاء بكيتون، وأدرك عام 1965، أن النجم الكبير يقطن على مقربة منه، ولكن اللقاء لم يتحقق، حيث إن صحة كيتون تدهورت ليتوفى عام 1966. ويحاول بوجدانوفيتش تعويض ذلك اللقاء الذى لم يتحقق، بتقديم فيلمه المنتظر، وتعريف الأجيال الشابة بكيتون وسحر « السينما الصامتة»
رابط دائم: