فيما يبدو أن الأزمة بين حكومة اونتاريو بقيادة رئيس وزراء المقاطعة دوج فورد وبين العاملين في مجال التربية والتعليم تتجه نحو تصعيد متبادل من الجانبين، حيث قررت الحكومة أن تدفع لأولياء الأمور تعويضا يتراوح بين 25 و 60 دولارا عن كل يوم تغيب فيه التلاميذ عن المدرسة بسبب الاضراب الذي ينظمه العاملون في مجال التعليم والذي بدأ يتخذ شكلا دوريا حيث لا يمر اسبوع دون يوم يتغيب فيه التلاميذ عن مدارسهم بسبب الاضراب.
الامر بدأ منذ انتخبت حكومة جديدة لمقاطعة اونتاريو ذهبت بحكومة الليبراليين السابقة وجاءت بحكومة محافظة بدأت عملها بإعلان سياسة تقشف في المقاطعة ومحاولة اعادة التوازن لميزانية المقاطعة وذلك عبر تقليل النفقات الحكومية في المقاطعة وتحديدا في مجالي الصحة والتعليم. ويوضح شريف سبعاوي النائب ببرلمان اونتاريو وعضو حزب المحافظين بالمقاطعة أنه بمراجعة ميزانيتي الصحة والتعليم سنجد العديد من النفقات التي لا تشكل عائدا حقيقيا في الخدمات المقدمة للمواطنين فعلي سبيل المثال جزء ضخم من ميزانية الصحة يتم انفاقه علي برامج تشجيع الاقليات العرقية المختلفة وهو امر لا ينعكس علي جودة الخدمة الطبية للمرضي، أما فيما يتعلق بالتعليم فإن مستوي طلبة المدارس الذين يلتحقون بالجامعة سنويا بات متدهورا للحد المقلق مما يثير التساؤل حول ما إذا كان مدرسو المراحل التعليمية ما قبل الجامعية مؤهلين بدرجة كافية لتخريج طلبة قادرين علي الالتحاق بالجامعات ام لا؟ خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار ان اكثر من ثلثي ميزانية التعليم يذهب لرواتب المدرسين انفسهم.
المدهش في الأمر أن الاجراءات التي اتخذتها حكومة اونتاريو فيما بعد لتقليل نفقات وزارة الصحة لم يقترب ابدا من برامج تشجيع الاختلاف وتعيين الاقليات في المجال الطبي بل اكتفي بتقليل ميزانية التأمين الصحي الذي تقدمه المقاطعة والذي يشمل دعم الدواء للمواطنين وإلغاء التأمين الدولي للمواطن الكندي خارج كندا الذي كانت تقدمه الحكومة لمواطنيها في اثناء اقامتهم بالخارج سواء للترفيه او العمل.
أما علي مستوي التعليم فإن العاملين في مجال التعليم رفضوا، فور علمهم برغبة الحكومة في تقليص ميزانية التعليم، مقترحات الحكومة. وبعد فشل المفاوضات بين الجانبين أعلنت النقابات التعليمية بمقاطعة اونتاريو سلسلة من الخطوات التصعيدية منها اضراب جزئي عن العمل بالوزارة ممكن ان يتحول لإضراب كلي اذا لم تلتزم الحكومة بالعودة لطاولة المفاوضات من جديد.وبالفعل تم تنفيذ عدد من الاضرابات الجزئية في مختلف مدن مقاطعة اونتاريو وهو ما دفع الحكومة للجلوس مرة اخري مع ممثلي النقابات التعليمية بأونتاريو لمناقشة طلباتهم ومرة اخري تفشل المفاوضات بعد أقل من أسبوع ويبدأ جميع العاملين في القطاع التعليمي بتنفيذ اضراب كلي عن العمل وهكذا صار طلبة المدارس يتوقفون عن الذهاب للمدرسة مرة واحدة في الأسبوع في الفترة الأخيرة. الأمر يذهب باتجاه تصعيد اكبر اذا ما فشل الطرفان في التوصل لحلول توافقية.
في بداية الامر تلقي اولياء الامور رسائل بالبريد الالكتروني من المدارس تشرح فيها ان المفاوضات مع الحكومة وصلت لطريق مسدود وانه لم يعد لديهم سوي الاضراب وتبلغهم بتواريخ ايام الاضراب .ولكن ما اثار الضيق لدي المواطنين هو ابقاء تفاصيل المفاوضات سرية بين الجانبين، وهو مادفع المسئولين عن النقابات للإعلان صراحة عن مطالبهم واجرءات الحكومة التي يرفضها العاملون في مجال التعليم لما لها من تأثير سلبي علي التلاميذ ومستواهم الاكاديمي. وهو ما وضع الحكومة في مواجهة مع الرأي العام الذي بدأ يبدي تعاطفا مع مطالب المعلمين.
ويقول سام هامندون رئيس نقابة العاملين في قطاع التعليم الابتدائي «حتي اليوم لم تقم الحكومة بصرف 39 مليون دولار الميزانية المخصصة لبرامج التعليم الخاصة بالطلبة من أبناء السكان الأصليين والقادمين الجدد غير الناطقين بالانجليزية. وكذا 50 مليون دولار مخصصة لميزانية تعليم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، رغم ان سياسة المقاطعة هي دمج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في الفصول العادية.
وردا علي ذلك علق ستيفن ليتش وزير التعليم في اونتاريو بقوله : طرح هذا الامر هو نوع من التضليل لان هذه المخصصات اصلا مطروحة للمناقشة علي طاولة المفاوضات.
وحول زيادة كثافة الفصول يقول ممثل النقابات ان الحكومة تريد الإبقاء علي عدد الطلبة كما هو في مرحلة التعليم التمهيدي وحتي الصف الثالث الابتدائي علي ان تزيد كثافة الفصل الواحد بداية من الصف الرابع وحتي الثامن طالبا واحدا ثم ترتفع لأكثر من ستة طلبة في المرحلة الثانوية. في حين يري المعلمون ضرورة الإبقاء علي كثافة الفصل كما هي حتي الصف الثامن لانها مرحلة تأسيسية تتطلب من المدرس العمل بشكل مباشر مع كل طالب علي حدة. وحول هذه النقطة اكتفي وزير التعليم بقوله إن الحكومة علي استعداد لتقليل الزيادة في كثافة الفصل في المرحلة الثانوية إلي أربعة طلاب فقط.
وأشار سام هامندون، رئيس نقابة التعليميين إلي رفض الحكومة التعهد كتابيا بإبقائها علي نظام اليوم الكامل في المرحلة التمهيدية. وهو ما لم يستطع الوزير نفيه مكتفيا بقوله إن الحكومة ملتزمة بسياسة اليوم الكامل.
اما فيما يتعلق بقضية الاجور، أكد وزير التعليم ان الحكومة ملتزمة بزيادة سنوية في الرواتب قدرها 1% في حين أصر ممثلو النقابة علي ان هذه الزيادة لا تتوافق مع زيادة تكلفة المعيشة خاصة ان سياسة الحكومة الحالية قلصت الميزانية المخصصة لامتيازات الاجازات والمتابعة الصحية للعاملين بالقطاع التعليمي.
يأتي الاسبوع المقبل وكل هذه الملفات مازالت مطروحة علي طاولة التفاوض بين حكومة اونتاريو وممثلي النقابات التعليمية في المقاطعة دون اي تطور في الموقف وكلا الجانبين يبدو اكثر تشددا في التمسك بمواقفه وهو ما يهدد بخطوات تصعيدية أكبر ويبدو أن المتضرر الأول في الأمر هو التلميذ الذي يقف الخلاف بين الحكومة ومعلمه حائلا بينه وبين حصوله علي التعليم اللازم.
رابط دائم: