ذهبتُ إلى حى روض الفرج العريق مرات عدة فى زيارات، واختزنت ذاكرتى بعض معالمه التى لاحظت أنها لا تتغير كثيراً بخلاف الحال فى أحياء أخرى فى القاهرة. استعدتُ شيئاً من ذكرياتى عن هذا الحى عندما توجهت إليه فى الأسبوع الماضى لأداء واجب العزاء فى زميل دراسة قديم استمرت الصلة بيننا عبر اتصالات هاتفية كان معظمها فى الأعياد ومناسبات أخرى. تلقيتُ نبأ رحيله، وموعد العزاء، فى رسالة نصية وأخرى عبر الواتس، وهو ما أصبح نمطا يزداد انتشاره هذه الأيام. كان العزاء فى منزله فى شارع أحمد حافظ عوض، الذى يقع فى المربع الواسع بين شارع روض الفرج، وشارع طوسون،.
وهذه منطقة هادئة، بخلاف الانطباع السائد عنها، وعن حى شبرا. لم أجد تغيرا يُذكر فى معالم هذا الشارع الصغير. مازالت بناياته القديمة، التى لا يزيد أعلاها على ستة طوابق، كما هى باستثناءات قليلة. أُقيم العزاء فى نصف، أو ربما ربع، سرادق عند مدخل البناية التى يوجد فيها منزله. أعادنى اسم الشارع إلى شبابى الباكر حين بدأت فى التعرف إلى تاريخ مصر الحديث خلال دراستى الجامعية، وعملتُ مع د. على الدين هلال فى دراسة أعدها عام 1978 عن السياسة والحكم فى مصر 1923-1952. قرأت الكثير مما كُتب عن تلك الفترة، التى برز فيها أحمد حافظ عوض ضمن أقطاب الصحافة الوفدية بعد ثورة 1919، إلى جانب محمود عباس العقاد، وعبد القادر حمزة، وغيرهما.
كما عُدت بذاكرتى إلى ما قرأته عن حى روض الفرج فى تلك المرحلة، عندما كان أحد مراكز الفن المسرحى فى القاهرة، منذ أن قرر الشيخ سلامة حجازى فى أوائل القرن الماضى استمرار عمل فرقته المسرحية فى القاهرة خلال فصل الصيف للمرة الأولى. لم تكن هناك مسارح فى روض الفرج حينئذ، فاتفق مع صاحب مقهى على النيل على تحويله إلى مسرح. ونجحت التجربة، وتحول روض الفرج إلى مركز فنى حفل بأعمال بعض رواد الفن مثل نجيب الريحانى، وعلى الكسار، ومحمود شكوكو، وفاطمة رشدى، وأمينة رزق، وفتحية أحمد، وغيرهم. فياله من حى عريق.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: