-
كونت أول فصيلة مقاومة شعبية بعد حرب 1956
-
خرجت فى مظاهرات ضد عبد الناصر ثم ضربت له تعظيم سلام بعد ذلك
قدم العديد من الأعمال فى السينما والتليفزيون وتنوعت أدواره ما بين الطيب والشرير والضابط ورجل المخابرات وشارك فى أفلام لكبار المؤلفين والمخرجين ووقف أمام أكبر النجوم ومع ذلك لم يبق من هذه الأنماط المختلفة فى ذاكرة الجمهور إلا شخصية المتحرش التى ارتبط اسمه بها حتى أصبح صاحب أشهر نظرة على كل وسائل التواصل الاجتماعى.. عن سبب هذا الارتباط وندرة ظهوره فى الحوارات الصحفية والتليفزيونية وأشياء أخرى كثير كان لنا هذا الحوار مع الفنان حمدى الوزير.
قبل أن نبدأ حوارنا.. أنت تقريبا لم تظهر فى برامج تليفزيونية أو حوارات صحفية طوال مشوارك الفنى إلا نادرا.. فما السبب؟
لأنى أرى نفسى ممثلا فقط ولا أفضل أن أظهر على الشاشة إلا كممثل أما الكلام عن أدوارى وما أقدمه فهو أمر متروك للجمهور ولكن عندما طلبتونى اليوم فى حوار لـ «الأهرام» فطبيعى أن أوافق وشرف لى أن أتحدث للناس عن مشوار أكثر من 40 سنة مسرح وسينما من خلال أكبر وأعرق جريدة فى مصر والشرق الأوسط.
بعد أكثر من 40 سنة.. هل مازلت تذكر أول عمل سينمائى؟
بالتأكيد كان فيلم «الأبالسة» مع محمد خان ولكن ما لايعرفه الناس عنى أننى بدأت التمثيل فى السينما فى سن كبيرة لأننى قضيت فترة صباى وشبابى الأولى كمجند فى الجيش المصرى ورغم عشقى الشديد للفن إلا إننى لم يكن يشغلنى شيء فى حياتى سوى حب الوطن وكيفية المشاركة فى عودة حق وانتصاره بعد الهزيمة المريرة التى تعرضنا لها فى 1976
معنى ذلك أنك شاركت فى حرب 1973؟
نعم ومن قبلها شاركت أيضا فى حرب 1967 وكنت أصغر مجند فى القوات المسلحة وبالمناسبة أنا كان عندى تأجيل من الجيش لأنى أخى الأكبر كان مجندا وقتها ولكنى ذهبت إليهم بنفسى أطلب تجنيدى لأنى ولدت فى مدينة بورسعيد الباسلة وكان كل أهالى بورسعيد يعتبرون أنفسهم جنوداً فى القوات المسلحة وأنا أبدا ما حييت لن أنسى مشهد بيتنا فى حى المناخ وهو يقع بسبب ضرب الطائرات والمدافع فى عدوان 56 بعد تأميم قناة السويس وكنت وقتها فى الصف الثانى الإبتدائى ولكنى شعرت بالانكسار وأنه لابد أن يأتى يوم أثأر فيه لبلدى وأهلى خاصة أننى نشأت فى بيت يتمتع بوعى سياسى واجتماعى كبير وكنت أقف بجانب أمى وسيدات الحى وهن يواجهن الاحتلال البغيض بالعصى وغطيان الحلل الى أن انسحبت قوات الاحتلال والأهم من ذلك أننى تأثرت جدا بكلمة عبدالناصر عندما خاطب الناس من الأزهر بعد 56 وقال «حنحارب» رغم أنى غضبت منه بعد ذلك لذا بمجرد أن وصلت الى عمر 17 سنة كونت أول فصيلة مقاومة شعبية فى بورسعيد كان اسمه تنظيم سيناء العربية للدفاع عن الوطن وهذا الكلام موثق بالتواريخ والصور وكان الجيش المصرى يسلمنا السلاح ويدربنا عليه بالإضافة الى أن المدارس كانت تخصص حصة تربية عسكرية اسمها
«الفتوة» وكنا نرتدى فيها الأفرول ونحمل السلاح ونتيجة لخطأ معين حصل وقتها أن قام الجيش بجمع السلاح من الشباب فغضبت غضبا شديدا وقررت أن أسلم نفسى للتجنيد بالرغم من أنى كنت أستعد لامتحانات نهاية العام وبالفعل سافرت مع أحد أصدقائى مسطحا على القطار لأننى لم يكن معى ولا مليم حتى وصلت الى منطقة التجنيد الخاصة بنا فى التل الكبير بالشرقية فرفضونى لأنى معى تأجيل وصغير فى السن فإعترضت وبدأت أشرح لهم وجهة نظرى بعصبية شديدة وصادف دخول قائد المنطقة فطلبنى بمكتبه أو بمعنى أصح الهنجر فلم يكن هناك مكاتب وقتها لأن البلد كان فى حالة حرب وسألنى عن سبب غضبى ورغبتى فى الالتحاق بالجيش فأجبته بجملة واحدة «أنا عايز أحارب» فطلب لى ليمونا وطعاما وألحقنى بفترة الإعداد أو التعليم الأساسى بمدرسة المهندسين العسكريين التى كان قائدها فى هذه الفترة اللواء أحمد حمدى وكنت أصغر شاب فى القوات المسلحة كلها وكنت أحد الذين قاتلوا فى حرب الاستنزاف كلها وحرب أكتوبر 1973.
قلت إنك غضبت من عبدالناصر.. فما سبب الغضب وأنت مجند فى الجيش؟
لم يكن غضبا ولكنه كان اندفاع شباب فأنا كما قلت لك نشأت فى بلد كل فرد فيها كان يعتبر نفسه مناضلا فى الجيش المصرى لذا فحب الوطن عندنا موضوع غير قابل للنقاش ولإنى كنت صغيراً فى السن فلم يكن لدى تقدير جيد للأمور لذا غضبت جدا من عبدالناصر بعد مبادرة روجرز وخرجت فى مظاهرة سلمية ضده ولكنى اكتشفت بعد ذلك أننى كنت مخطئا لأنى لم أدرك أن الرئيس كانت لديه رؤية سياسية وأن هذه المبادرة كانت السبب فى إنشاء حائط الصواريخ الذى حمى مصر فى أكتوبر 1973 لذا بعدما علمت بكل هذا وقدرت الموقف ضربت تعظيم سلام للزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
قضيت فترة ليست قصيرة كمجند فى الجيش.. فهل هذا هو سبب تأخير ظهورك فنيا؟
بعد ما أنهيت فترة تجنيدى ودراستى تم تعيينى مشرفا فنيا على قصر الثقافة فى بورسعيد وكنت مفتونا بالتمثيل والإخراج المسرحى، ولأنى كنت المشرف على الفرقة الفنية فقمت بإخراج مسرحية عن الحرب وجاء ليشاهدها الأستاذ العظيم ـــ رحمة الله عليه ـــ سعد الدين وهبة فأعجب بها وسأل عن المخرج وقام بتعيينى فى وزارة الثقافة وكنت مرشحا لجائزة الدولة التقديرية كمخرج مسرحى خاصة أننى صقلت موهبتى بالدراسة بعدما سافرت الى النمسا وفيينا وهولندا على حسابى الخاص لدراسة المسرح من خلال الورش الفنية هناك وكان أحد زملائى فى واحدة من هذه الورش النجم العالمى «خوليو إجلاسيوس» بالرغم من أنه مطرب ولكنه يهتم بدراسة المسرح لمجرد أنه يقف ويغنى عليه وبالتالى لابد أن يجيد كل حركة وانفعال يقدمه مع أغنياته وكأنه ممثل يؤدى الكلمات قبل أن يغنيها.
وكيف جاءت البداية فى السينما؟
بالصدفة فأنا لم أفكر فى السينما أبدا وكان كل انشغالى بالمسرح ومرة كنت عند صديقى المقرب بشير الديك فى البيت وكان وقتها يجهز لفيلم مع محمد خان الذى جاء لزيارته بالصدفة وتعرفت عليه وحصل بيننا تلاق فكرى وسألنى إن كنت أحب أمثل فى السينما فرفضت وقلت له إننا ممثل ومخرج مسرحى ولكنه أقنعنى بتقديم دور من أربعة مشاهد فى فيلم «الثأر» وفعلا لعبت الدور أمام الفنانين محمود ياسين ويسرا والمفاجأة أننى حصلت فيه على جائزة أحسن ممثل دور ثان ثم قدمت ثلاثة أفلام فى نفس السنة مع كبار المخرجين وقتها وهم فيلم « المحاكمة « مع الأستاذ نادر جلال و»الأبالسة « مع الأستاذ على عبدالخالق و» سواق الأتوبيس» مع المبدع عاطف الطيب وأمام العبقرى نور الشريف ثم «الحريف» مع محمد خان وعادل إمام و»البريء» مع أحمد زكى، والحقيقة أنا كنت محظوظا أن بدايتى فى السينما كانت مع المجموعة التى قدمت أهم أفلام السينما المصرية لذا أنا دائما ما أقول إن مفيش مخرج أو ممثل عليه القيمة فى مصر إلا وإشتغلت معه.
وألم تشعر بالظلم وانك كنت تستحق مكانة فنية أكبر؟
إطلاقا.. والحمدلله أننى طوال حياتى لم أسمح للشهرة أو الفلوس أن تستعبدنى وقدمت أعمال كنت مقتنعا بها مائة فى المائة ويكفينى أننى مثلت فى اثنين من أهم أفلام عاطف الطيب وهما التخشيبة وسواق الأتوبيس وثلاثة أفلام مع محمد خان وهى الحريف والغرقانة والثأر والمحاكمة والشطار مع نادر جلال وكل أدوارى كانت أمام نجوم كبار ثم قدمت مع حسين كمال فيلم «أيام فى الحلال» وقدمت مع سعيد مرزوق فيلم «المغتصبون» فى النهاية المسألة ليست بالكثرة وإنما بالتأثير.
رغم كل هذه الأدوار التى قدمتها مع نجوم ومخرجين كبار فإن الناس لاتتذكر لك إلا أدوار المتحرش حتى إنك أصبحت أشهر متحرش فى تاريخ السينما المصرية.. فما تفسيرك لذلك؟
هذا حقيقى ولكنى دعينى أؤكد لك أننى قدمت دور المتحرش أو المغتصب دون أى ابتذال لذا فأنا فخور أن يقال عنى إننى أشهر متحرش فى تاريخ السينما المصرية لأن هذا يدل على اتقانى للدور وقدرتى كممثل على إقناع الناس به بالإضافة الى أنى قدمت هذه الشخصية فى أفلام تناقش قضايا اجتماعية وإنسانية تمس الرجل بالمرأة وهى علاقة فى منتهى الأهمية ففيلم المغتصبون كان يتحدث عن قضية فتاة المعادى وهى قصة حقيقية وكذلك فيلم قبضة الهلالى وقد أسهمت هذه الأفلام فى تغيير القوانين الخاصة بهذه القضايا وتغليظ العقوبة على المتحرش.
ألم يزعجك ارتباط اسمك بهذه الشخصية المريضة؟
بالعكس لأن الشخصيات التى تعيش مع الناس وتبقى فى ذاكرتهم هى الشخصيات المريضة والشريرة كما قلت وبالرغم من أنها شخصيات ثرية فنيا إلا اننى أهوى تجسيدها بهدف كره الناس لها ونبذها من المجتمع وبالمناسبة أنا فى فيلم المغتصبون تحديدا حصلت على جوائز تمثيل لاتحصى.
ولكنك بسبب هذه الشخصية وتحديدا نظرتك الشهيرة فى فيلم قبضة الهلالى أصبحت رمزا للمتحرش على وسائل التواصل الاجتماعى؟
أنا فعلا الأشهر على الإطلاق على وسائل التواصل الاجتماعى والحقيقة أن هذا الموضوع بدأ ضدى لهدف معين ولكنه مع الوقت تحول لمصلحة لدرجة أن شركة فيس بوك وثقت الصورة كما أن هناك مطاعم بسبب هذه النظرة أصبحت تعد وجبات باسم حمدى الوزير وكذلك شركة ملابس واستعانت بهذه الصورة لوضعها على أحد التيشرتات وقد طلب منى أصدقائى المحامين رفع دعاوى قضائية ضد هذه الشركات لاستغلال اسمى ولكنى رفضت إيمانا منى أن الفنان ملكية عامة لجمهوره خاصة أن الصورة مأخوذة من أحد أفلامى وليس حياتى الخاصة والمفارقة أن هذه الصورة تحديدا كانت من فيلم قبضة الهلالى ولكنه ما لايعرفه الكثيرون خاصة الأجيال الجديدة أن هذه النظرة لم تكن للفنانة الكبيرة ليلى علوى وإنما ليوسف منصور الذى كان يقوم بدور شقيقها عندما أصطحبنى الضابط للمستشفى ليتعرف على الشخص الذى ضربه وسرقه والغريب أننى لم أتعمد النظر له وإنما كان المفروض أن أنظر له نظرة تهديد حتى لايقول الحقيقة ولكنى كنت سأضحك فى المشهد وتجنبا للضحك وحتى لانعيد التصوير قمت بوضع لسانى داخل فمى بهذا الشكل فكانت تلك النظرة الشهيرة التى قدمتها بالصدفة.
مشاهد الإغتصاب غالبا ما تكون صعبة على المشاهد.. فماذا عن الممثل الذى يقدمها؟
طبعا هى مشاهد صعبة جدا وتكمن صعوبتها أنها تتعرض لقضية أخلاقية لذا فأنا كنت أحرص على تقديمها دون أى ابتذال بالإضافة الى أننى عمرى فى حياتى ما جرحت ممثلة أو لمستها وأنا أقدم معها مشهد الاغتصاب رغم أنى قدمته مع أكبر وأهم نجمات مصر وأذكر أننى فى فيلم المغتصبون طلبت من المخرج سعيد مرزوق إخلاء البلاتوه من العمال أثناء التصوير لإنى أراعى شعور زملائى أثناء العمل خاصة فى تأدية هذه المشاهد أو فى أى مشهد عنف وأذكر أننى مرة كنت أؤدى شخصية زوج الفنانة إلهام شاهين وأقوم بضربها وسحلها فى الشارع ومع ذلك قدمت المشهد دون أن تشعر بأى ألم وهذا يعود الى الاحترافية فى العمل ولكنى أنا الذى تعرضت للضرب من نجمة كبيرة كنت أؤدى معها مشهد اغتصاب فانفعلت وقامت بضربى بقوة على عينى حتى تورمت.
ولكن هذه الأدوار جعلت الأغلبية العظمى من جمهورك من الشباب الصغير الذى لم يحظ بأى درجة من التعليم أو الثقافة!
هذا شرف لى فالشاب الذى لم يحظ بأى درجة من العلم أو الثقافة يمكن لمشهد واحد فى السينما أن يغير من أفكاره وربما يعلمه ما لم تعلمه له الكتب والمدراس وبالتالى عندما يرى العقاب الذى يناله المتحرش فى آخر الفيلم وكره الناس لها بالتأكيد سينبذ هذه الشخصية ولا يفكر أبدا أن يفعل مثلها. ألا ترى أنك حصرت موهبتك فى شخصية المغتصب والمتحرش؟
مما لاشك فيه أن نجاحى فى هذه الشخصية خاصة أننى قدمتها فى عدة أفلام أشهرها المغتصبون والتخشيبة وقبضة الهلالى جعل بعض المخرجين يرون أننى لاأصلح إلا لشخصية المتحرش فقط ولكنى استطعت أن أكسر هذه النظرة بعدة أدوار أخرى أهمها الشخصية التى قدمتها مع الأستاذ العظيم محمود عبدالعزيز والمخرج الكبير يحيى العلمى فى مسلسل رأفت الهجان والذى جسدت فيه رجل المخابرات كإنسان قبل أن يكون ضابطا مكلفا بمتابعة جاسوس مصرى فى إسرائيل .
ارتباطك فى أذهان الناس بشخصية المتحرش.. هل سبب لك يوما حرجا فى حياتك العادية أو فى حياة أولادك؟
يضحك وهو يقول.. حصل فعلا.. فمرة كنت داخل أحد الفنادق وقام شاب من الأمن بتوصيلى للأسانسير كنوع من تقديم التحية لى وكانت هناك سيدة على باب الأسانسير وأول ما رأتنى صوتت وجريت ولولا أن هذا الشاب معى كانت الناس فى الفندق صدقت أننى تحرشت بها أما أولادى فأنا عندى بنتان على درجة عالية من العلم والثقافة لأنهما نشأتا فى بيت به مكتبة لاتقل عن أى مكتبة كبيرة فأنا قارئ نهم والحمدلله أن بناتى ورثتا منى حب القراءة والثقافة وبالتالى لديهمامن الوعى ما يكفى لإدراك أن كل ما قدمته على الشاشة تمثيل ليس له أى علاقة بشخصيتى الحقيقية وهما فخورتان بكل ما قدمته فى السينما والتليفزيون.
ماذا عن مشاريعك المقبلة؟
أقدم شخصية طلحة بن خويلد الأسدى فى مسلسل
«سيف الله» الذى يقدم شخصية خالد بن الوليد وأنا سعيد وفخور بهذا الدور والعمل ككل لأنه يسلط الضوء على حقبة مهمة جدا فى التاريخ الإسلامى كما انتهيت من كتابة فيلمى الجديد «المتحرش» والذى أتعرض فيه لقضايا اجتماعية إنسانية بشكل كوميدى ساخر حيث إننى أؤكد فيه أن التحرش ليست بالضرورة أن يكون جسديا أو لفظيا إنما أى سلوك غير سوى هو تحرش ورغم أن الفيلم من تأليفى فإننى ليس البطل لأنى طوال حياتى لم أفكر فى البطولة المطلقة فتوفيق الدقن ومحمود المليجى وعبدالمنعم إبراهيم عمرهم ما قدموا دور البطولة ولكنهم سيبقون فى ذاكرتنا وذاكرة السينما دائما.
رابط دائم: