رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تحليل إخبارى: المليارديرات يهددون الديمقراطية

فايزة المصرى

فى نوفمبر الماضى قرر الملياردير الأمريكى مايك بلومبرج (78عاما) خوض الانتخابات آملا ان يصبح مرشح الحزب الديمقراطى فينافس الرئيس الجمهورى ترامب فى سباق الرئاسة القادم. وخلال تلك الفترة الوجيزة، أنفق بلومبرج أكثر من 400 مليون دولار من ماله الخاص على الإعلانات الانتخابية. ويعادل ذلك ثلاثة أضعاف ما أنفقه المرشحون الديمقراطيون الآخرون مجتمعين، لكنه لايمثل إلا مايزيد قليلا على سُدس الواحد فى المائة من ثروته التى تقدر بحوالى 64 مليار دولار.

لايتمتع بلومبرج بشخصية كاريزماتية، وليس مفوها، كما أن أداءه فى المناظرات الانتخابية التى جرت حتى الآن تراوح بين ضعيف جدا ومتوسط، يضاف لذلك أنه لم يقدم رؤية واضحة تثير خيال الناخبين وتأسر قلوبهم. وعلى عكس ترامب الذى تبنى شعار «جعل أمريكا عظيمة مرة أخري»، قال بلومبرج إنه سيدير الأمور للأفضل، وهى عبارة تليق بمدير تنفيذى لا بزعيم لأمة عملاقة.

وعلى مدى الأسابيع الماضية ظهرت لبلومبرج مقتطفات من وقائع سابقة عندما كان رئيسا لبلدية نيويورك تُظهر نزعة عنصرية، حيث كان يشجع رجال الشرطة على توقيف المواطنين السود وتفتيشهم دون أن يرتكبوا أى مخالفات. كما ظهرت له أيضا تصريحات ونكات يمكن أن تكون دليلا على التحرش والتعالى ضد النساء.

بالرغم من كل ذلك، فإن قدرة بلومبرج على الإنفاق بلا حدود تجعله فى عيون كثير من الشخصيات المؤثرة داخل حزبه المرشح الأقدر على منافسة ترامب فى نوفمبر القادم، والفوز عليه.

وفى اللحظة الراهنة يواجه الحزب الديمقراطى مأزقا بعد تراجع أداء جو بايدن نائب الرئيس السابق، وصعود نجم بيرنى ساندرز الذى يمثل اليسار داخل الحزب. وثمة مايشبه الإجماع على أن مرشحا ذا نزعة اشتراكية لن يستطيع الفوز على ترامب والوصول للرئاسة فى أمريكا، قلعة الرأسمالية مهما بلغت شعبيته بين مؤيديه. كما أن هناك تخوفا من أن فوز ساندرز بترشيح الحزب الديمقراطى سيترتب عليه خسارة الحزب للأغلبية فى مجلس النواب فى الانتخابات المقبلة.

ويظل تمويل الحملات الانتخابية واحدا من التحديات التى تواجه أى مرشح. وفيما يعتمد المرشحون على تبرعات الأثرياء، فإن الحد الأعلى للتبرع هو 2600 دولار للفرد. فى المقابل ترى المحكمة الدستورية العليا الإنفاق السياسى نوعا من حرية التعبير التى ينص عليها الدستور ويحميها. ومعنى ذلك أن المرشحين الأثرياء يستطيعون الانفاق على حملاتهم من أموالهم بلا حدود. وإذا كان صعود زعماء شعبويين من أمثال ساندرز يعود فى جانب منه لضيق الناخب العادى من سيطرة أموال الأغنياء على الانتخابات، فإن وقوف المؤسسة الحزبية وراء المرشح الأكثر ثراء يعد اختبارا عمليا لقناعات قادة الحزب، الذين يبدون وكأنهم لايعترضون على سيطرة المال على السياسة، بل يريدون فقط استبدال ملياردير بآخر. وستكون المحصلة النهائية فى الواقع تغليب حكم الثروة (الأوليجاركية) الذى يمثله بلومبرج على الحكم الشعبوى (بوبيولزم) الذى يمثله ساندرز، والحالتان بعيدتان عن الديمقراطية.

ربما يكون المرشح بلومبرج مؤهلا ليصير رئيسا جيدا للولايات المتحدةـ، لكن اختيار الحزب له بسبب ثرائه سيكون سابقة تفتح الأبواب لتدافع الأثرياء لخوض انتخابات الرئاسة بأنفسهم، وليس فقط التحكم فيها عن بُعد عن طريق تبرعاتهم السخية لحملات المرشحين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق