الشرائط المتداولة التى يعترف فيها بعض أقطاب السلفيين ومشايخهم الكبار العمد بأخطاء علمية وفقهية وقعوا فيها وأفضت إلى فتاوى تخريبية فاسدة ذاعت وشاعت بين الناس وبالذات الشباب، هى مسألة ينبغى أن نقف أمامها كثيرا وطويلا، فالموضوع لا يخص أولئك المشايخ، ولا يخص فتاويهم التى اخترعوها وإنما هو أمر يتعلق بالدولة المصرية التى ينبغى أن تتحلى بالشجاعة وتتمالك نفسها فى مواجهة هذا النوع من الفكر أيا كانت الجهة التى دعمته طويلا وعززت وجوده فى المجتمع المصرى، وجعلت من مجموعة مشايخ (سوبر رجال دعوة) يفرضون سطوتهم على المجتمع. بعض أولئك السوبر مشايخ هم الذين أفتوا بمنع الاختلاط فى المدارس والجامعات، ووجوب ارتداء المرأة النقاب وحللوا بيع الآثار، وحرموا تهنئة غير المسلم فى أى عيد من أعياده، وقالوا: إن قراءة الفاتحة على الميت بدعة.. لماذا يعترفون الآن بأخطاء مروعة وقعوا فيها؟ هم ينسحبون انسحابا غير منظم إلى خطوط رجعة تمكنهم من معاودة محاولة اختراق المجتمع، والسبب هو هزيمة مشروعهم للإسلام السياسى وتوقف الكثير من القوى الإقليمية التى كانت تدعمهم تقليديا عن مواصلة مساندتهم. إن فيديوهات الاعتراف بالأخطاء التى يتظاهر فيها السوبر مشايخ بالاعتذار، والتى ذاعت فى مواقع التواصل ولخصتها جريدة (اليوم السابع) بشكل ممتاز هى ضوء ساطع غمر صورة السوبر مشايخ ونزع عنهم قناع الزيف، فها هو الحوينى يقول: جنينا على الناس وأفسدنا كثيرا ولم نكن ندرى تدرج الأحكام الشرعية.. وقال محمد حسان: أقر وأعترف بأننا كدعاة إلى الله تبارك وتعالى طيلة السنوات الماضية وقعت منا بعض الأخطاء فى الخطاب الدعوى وأسمعنا الناس بعض الكلمات التى لا يليق أبدا أن تكون مرتبطة بمنهج سيد الدعاة (صلى الله عليه وسلم).. الدولة المصرية تراجعت لعقود أمام هؤلاء المشايخ السوبر وسمحت لهذا اللون من الفكر بأن ينتشر ويتمدد وصار يحتاج منا إلى فكر مضاد يوقف الكارثة التى أدى إليها والمتمثلة فى انتشار ضلالات وأوهام باسم الدين، إنهم يتظاهرون بالندم حين أوشكت القوات المسلحة والشرطة على دحر الإرهاب فى مصر وحين كشفنا أدوار طلائع عملية يناير عام 2011 من المتسيسين والمستثقفين فى التمهيد لصعود وتمكين القوى الدينية المتطرفة والمتخلفة والرجعية من السيطرة على الحكم.
لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع رابط دائم: