رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
الأخت نخبة تراقبك!

فى عمله الرائع «1984»، ينطلق الكاتب البريطانى جورج أورويل (1903ــ 1950) من فرضية طغيان الدولة وتحكمها بحياة الفرد، فارضة الرقابة والتجريم على تفكيره. المفارقة أن بعض النخب المثقفة تتصرف بنفس المنطق بل تتخذ مواقف أكثر رجعية وتسلطية.

يصدر منتج ثقافى ما، كتاب أو مسرحية أو فيلما أو أغنية، قد يكون صادما ومتجاوزا ومغلوطا. لا تبدأ النخبة الخطوة المنطقية: قراءة أو مشاهدة العمل، ثم مناقشته والتعرف على وجهات نظر صانعيه. تصل مباشرة لخط النهاية، مطالبة بالمنع أو الحظر.

بل تصدر بالفعل قرارها، إذا كانت لديها الصلاحية، مثل نقابة الموسيقيين التى حظرت المهرجانات ومطربيها. غالبا ما يكون القرار مشفوعا ببيان عريض عن حماية الذوق العام من الإسفاف والتدنى والفحش لتتحول لسلطة أخلاقية تحاسب وتحاكم بدلا من الاهتمام بمصالح أعضائها وترقية وتطوير تخصصهم. تخرج أصوات مثقفة أخرى داعمة المنع وعازفة نفس اللحن ومطالبة بعقوبات أقسي.

أخذت بعض النخب دور الدولة الشمولية الذى هاجمه أورويل شارحا كيف تتفنن بابتكار وسائل مراقبة الفكر وتجريم من تسول له نفسه ممارسة تلك (الرذيلة). بل أحيانا تتبادل النخب الأدوار مع الدولة، وتحضرنى هنا إدانة بعض النخب بمصر عام 2000 طبع رواية وليمة لأعشاب البحر غير المعروفة آنذاك، فإذا بها ملء السمع والبصر. وكم كان مثيرا للسخرية خروج أصوات رسمية آنذاك تدافع عن الطبع مدافعة عن حرية الأديب بينما النخبة المحافظة تصب لعناتها عليه.

لم يخطر ببال أورويل، باعتقادي، أن بعض النخب يمكن أن تكون بحد ذاتها سلطة للمنع والوصاية على أهل الفن والثقافة تحدد لهم ماذا يكتبون ويبدعون، وسلطة على المجتمع تقرر بالنيابة عنه ماذا يفيده وماذا يضره؟.

عندما نقرأ 1984، نشعر بالتوجس، كما تقول الأستاذة الجامعية البريطانية جين سيتون، إذ نقيس عليها أين أصبحنا وإلى أين نتجه نحن وبلداننا والعالم على خريطة الجحيم الذى وصفه أورويل؟.

وعندما نتأمل تصرفات بعض النخب عندنا، نشعر بما هو أكثر من التوجس خاصة إذا جمح بنا الخيال وتصورناها صاحبة قرار فى أمور الحياة الأخري.. ترى ماذا ستفعل؟.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام

رابط دائم: