رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تراث منهوب وعقول مغيبة

لماذا توقف العرب عن البحث العلمى فى التراث.. سؤال يبدو أنه رفاهية فى زمن الانحدار العلمى والثقافى والاقتتال والاحتراب بين أبناء الأمة الواحدة رغم أهمية الحفاظ على الخيط الرفيع الذى يربط بقوة بين ماضى هذه الأمة وحاضرها ومستقبلها، بل إن مستقبل هذه الأمة أحد أعمدة نجاحه الاستفادة من تاريخ العلوم العربية وتدريسها فى المدارس والجامعات ففى المقابل استفاد الغرب من تراثنا حيث تمتليء خزائنه بمخطوطاتنا وعلمنا القديم، أما نحن فنتفنن فى دفن ماضينا بأيدينا فى مقبرة خزائن المخطوطات واكتفينا بتذكره عند زيارة متاحف العلوم والمخطوطات.

المرحوم الدكتور مصطفى العبادى صاحب مبادرة إحياء مكتبة الإسكندرية كان يرى أن تخلفنا فى البحث العلمى أساسه افتقادنا لمكتبة عظيمة بحجم تراثنا العلمى العظيم والضخم والسبب الآخر افتقادنا لمعامل حديثة والجمع بينهما هو المنقذ مما نحن فيه.

إن مكتبة الكونجرس بما تحويه من أمهات الكتب والمخطوطات والتراث ثم الأحدث فالأحدث تبلغ ميزانيتها أكثر من 500 مليون دولار، فى الهند لديهم مئات المنح السنوية فى مكتبة جواهر لال نهرو فقط. نحن نحتاج مكتبات متخصصة فى تاريخ مصر الفرعونى حتى الحديث، نحتاج عقولا متعلمة جدا ، نريد وضع برنامج محدد تشترك فيه كل الدول العربية كل حسب قدراته وإمكاناته للكشف عن الجوانب المجهولة والمنسية والمهملة فى التراث العربى . نريد جمع تراثنا المخطوط والموزع بين أرجاء العالم أو بالأحرى المنزوى فى الخزانات الخطية فى العالم.

نريد استحضار هذه المخطوطات وتلك أمام أعين أهل هذا الزمان فى محاولة لعبور الهوة الفاصلة بين ثقافتنا المعاصرة وجذورها التاريخية، فالتراث مرايا تنعكس على صفحتها طبيعة المعرفة فى كل الحضارة العربية والإسلامية، وعلماؤنا العرب كانوا وما زالوا قامات عالية فى زمانهم وزماننا فيجب الإطلال على هذا العالم الغنى لاستكشاف موقعه فى المنظومة العالمية والممتد أثره من خلال القرون المديدة من عمر الثقافة العربية الإسلامية تلك الثقافة الكتابية المدونة.

إن تاريخ العلوم عند العرب فى عهد الخليفة العباسى المأمون على سبيل المثال فقط لهو تاريخ ضخم حيث اهتم بالعلم والعلماءوقام ببناء بيت الحكمة وشرع فى مشروع الترجمة الضخم للمخطوطات الموجودة آنذاك حتى أصبحت العربية لغة العلم والتعلم. لو لم يكن تراث الأمة كنوزا، يجب الحفاظ عليها والنهل منها للمستقبل فلماذا تكررت الجريمة الكبرى لنهبه وحرقه فى بغداد العراق مرتين، مرة عندما حرق التتار الكتب والمخطوطات وأغرقوها فى نهر دجلة والفرات أيام الدولة العباسية، والأخرى عندما نهب الأمريكان والصهاينة أول ما نهبوا بعد غزوهم العراق فى 2003 المتاحف والمكتبات بعد سرقة البترول. فى عام 2006 زار معرض العصر الذهبى للعلوم العربية الذى أقيم فى باريس و الذى تناول الفترة بين القرنين الثامن والخامس عشر التى ازدهرت فيها علوم الحساب والفلك والجغرافيا وقياس الوقت والكيمياء والبصريات وحركة الترجمة من اليونانية إلى العربية أكثر من 1200 زائر يوميا ليتعرفوا على الحضارة العربية غير المعروفة لهم بعيدا عن الصورة الذهنية السيئة عن العرب والمسلمين بسبب الإرهاب. إن حث الحكومات فى الدول العربية التى لا تهتم بتدريس تاريخ العلوم العربية فى مدارسها وجامعاتها لأمر غاية فى الأهمية، لأن ذلك سيعيد للأمة وعيها وللغة العربية الروح التى غابت عنها والربط بشكل عملى بين علماء العرب فى القديم والحديث وبيان كيف استفاد كثير من العلماء فى الغرب من العلم العربى رغم انكارهم ذلك.

إن تاريخ العلوم العربية ليس مجرد ماض يقرأ للتسلية ثم مصمصة الشفاه تحسرا على ماكنا فيه وإنما للاستفادة منه مستقبلا، فلنعد اكتشاف هذه الكنوز ولا نجعلها مجرد نقوش وزخارف أو رسوم على الحوائط أو تشكيل فسيفسائى نسعد لمجرد مشاهدته وكفى وكان الله بالسر عليما.


لمزيد من مقالات سهيلة نظمى

رابط دائم: