رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أزمة السد.. قصة نجاح وطن ورئيس

يبدو أننا شارفنا بالفعل واقتربنا أخيرا من تجاوز الأمتار العشرة الأخيرة فى سباق الألف متر بشأن اخطر معركة سياسية وحياتية واجهتها مصر بعد انهيارات وتشظ وخلل لكل مؤسسات الدولة والشارع المصرى بعد أحداث ثورة يناير عام 2011 واقصد هنا معركة أزمة مياه النيل وإنشاء سد النهضة الاثيوبى الذى كان احد أسوأ نتاج الفوضى الكارثية التى تم استغلالها من قبل الجانب الاثيوبى لتغيير قواعد وأسس الاتفاقات مع الجانب المصرى وآخرها اتفاقية 1959 والتأثير فى حصة مصر التى تبلغ 55مليار متر مكعب منذ ذلك الوقت.

ويبدو من وقتها ان المصريين لم يعيشوا سيناريوهات أسوأ أزمة أكثر من تلك خاصة ان أمهات المشكلات والأزمات التى مررنا بها تم تجاوزها رغم صعوبتها وكارثيتها ابتداء من عام 2014 وحتى الآن أى منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الأمور ودفة القرار فى قصر الاتحادية واستطاع بمهارات وقدرات غير مسبوقة أن يسارع بوضع هذا الوطن مصر على الطريق الصحيح ويعيد تصويب البوصلة نحو البناء الثالث لدولة عصرية حديثة كبرى لمصر فى الإقليم واعتقد ان ما تحقق خلال قرابة السنوات الست الماضية هنا فى كل مناطق وأقاليم ومدن مصر يتحدث عن نفسه ويتجاوز فى النقاء والاطلاع والوجود على ارض الواقع ظهيرة شمس أغسطس لكن ظلت قضية سد النهضة التى أراد البعض جعلها حائط المبكى للبكاء والنواح عليها طيلة الوقت، البعض للأسف وهم قلة مسيسة فى الداخل والبعض الآخر وهم جماعات منفلتة من كل عقال وطنى ويوجدون فى فنادق ومنصات النضال ذات الأصوات الزاعقة بالضلال والأكاذيب والبهتان فى الدوحة واسطنبول وأنقرة أى الفئات الأكثر خصومة وثأرية مع الدولة والشعب بعد هزيمة مشروعهم الخبيث والغالبية منهم المحسوبة على مجاميع الإخوان الإرهابية وكأن لا غرض ولا هدف لهم سوى ارتداء قميص عثمان والسعى بدأب مثير للنيل من أى نجاحات مصرية فى الداخل المصرى والعزف على دفوف الحرب والبؤس والجفاف والتصحر والموت الذى ينتظرالجميع

وبالطبع وظف لهذا الغرض لسنوات طوال دفاتر شيكات مهولة فى الدوحة واسطنبول ولندن لعقد ندوات ومؤتمرات لتصدير مثل هذه السيناريوهات والمشاهد لكل المصريين فى الداخل والخارج ناهيك عن توظيف صحف ومراكز دراسات وبحوث استراتيجيات فى العديد من الدول الكبرى لتعزيز هذا الهدف أضف الى كل ذلك توظيف برامج وحلقات متتابعة فى منصات الإعلام القطرى والتركى المناوئ بحدة وثارية مميتة وكارهية عميقة لأهل مصر ودولتهم وبالتالى كان هذا احد الرهانات التى لجا إليها كل تلك المجاميع لتسويد الصورة والقفز فوق الانجازات والنجاحات دوما فى مصر ولكن كانت بداية الضربة الحقيقية التى تلقاها كل هؤلاء فى مقتل كانت فى خطاب الرئيس السيسى فى الامم المتحدة فى دورة سبتمبر السنوية عندما طالب المجتمع الدولى بالقيام بواجباته والتعاون مع أطراف دول أزمة سد النهضة الاثيوبى وابلغ الجميع رسالة واضحة مدوية أن القاهرة لن تقبل أى تجاوزات أو تكريس لسياسات أمر واقع حيث إن هذا الأمر مرفوض تماما وأنها تملك وتعرض كل الخيارات باعتبار قضية المياه لكل المصريين مسالة حياة وقضية وجود واستطاعت الدبلوماسية الرئاسية المصرية الرهان فى الوقت المناسب على الخيار الأمريكى ليكون الوسيط الفعال لتحريك المياه الراكدة لهذه الأزمة وفى توقيت بالغ الحيوية بعد تعثر قرابة ست جلسات ثلاثية بحضور إثيوبيا والسودان نتيجة المراوغات والتسويف الإثيوبى والرعونة السودانية بالاصطفاف مع اديس ابابا وبقية القصة معلومة للكافة.

وفى تقديرى أن ابلغ نجاح اعتمدته القيادة المصرية بعد الوصول الى حائط مسدود مع الطرفين الاثيوبى والسودانى هو جرهم الى الملعب الأمريكى ليتولى مسئولية الوساطة ورعاية المفاوضات بمشاركة البنك الدولى وعندئذ لن يكون هناك مجال للتسويف والمراوغة حيث إن كل طرف سيوضع أمام مسئولياته ولن يكون لديه فرصة الهروب إلى الأمام كما كانت تفعل إثيوبيا وتلجا لسياسة شراء الوقت لخلق امر واقع على الأرض بتسريع وتيرة رفع البناء فى السد باقصى سرعة ممكنة ووضع المصريين أمام الأمر الواقع ومن ثم إجبارهم على القبول بهذا الواقع حتى لو كان مرفوضا ومؤلما واعتقد ان هذا السيناريو كان حاضرا وبقوة فى عقل وإستراتيجية التعاطى من قبل الرئيس السيسى فغير المعادلة فى الحال مع إثيوبيا والذهاب الى مفاوضات برعاية واشنطن والبنك الدولى ومن ثم إعداد العدة وتغيير قواعد اللعبة والتفاوض وموازين قوى الضغط المصرى وإعداد خلية فريق عمل من وزيرى الخارجية والرى وخبراء الوزارتين والمخابرات والقانونيين المحترفين وأساتذة الجامعات من أهل الاختصاص وكانت جولات مفاوضات واشنطن الشاقة حيث كانت إستراتيجية المفاوض المصرى التى وضع اسسها الرئيس، ان المعركة مع إثيوبيا والسودان تبدو كمعركة طويلة على لوحة لعبة الشطرنج كل حركة من طرف تستتبعها حركةومراوغة من الطرف الآخر وبالتالى لابد ان تكون مهمة المفاوض المصرى حشر مفاوضى الطرفين الآخرين فى الزاوية دوما لدفعهم إلى تقديم التنازلات والعودة إلى القبول والاعتداد بجملة الحقائق والحقوق المصرية مع اتباع سياسة النفس والباع الطويل مع الأخذ فى الاعتبار ان الطرف الاثيوبى ورئيس وزرائه ابى احمد يلعب بورقته الأخيرة بعد ان وصل البناء حاليا فى السد ما يقارب 70 فى المائة وبالتالى فى مثل هذه المعارك والمفاوضات السياسية - الدبلوماسية انه لا يجب تحقيق الانتصار وقصب السبق بالضربة القاضية بل عبر الفوز بالنقاط فى ضوء تغيير المعادلات فى الإقليم مع الأخذ فى تحريك الأمور دوما فى مصلحتك وإحراز نقاط فى كل جولة بهدف توفير كم تراكمى من النجاح فى نهاية الأمر وعدم القبول بسياسة الإبقاء على المؤقت دون حل لأنه ليس هناك شيء دائم أكثر من الشيء المؤقت تلك كانت إستراتيجية التفاوض والنجاح المصرية فى تلك المفاوضات وهذا ما أكدته المواقف والبيانات الصادرة عن كل الأطراف فى الجولة الأخيرة لواشنطن منذ ثلاثة أيام بانتظار التوقيع على الاتفاق النهائى نهاية فبراير الحالى بعد انتهاء واشنطن والبنك الدولى من الصياغة الأخيرة للاتفاق النهائى حاليا.

لا مبالغة فى القول انه عند توقيع الاتفاق وحصول مصر على كل حقوقها وتكريس استحقاقات ثابتة فى قضية مياه النيل من الآن فصاعدا إنما يؤشر لقصة نجاح وطن ورئيس فى أشرس معركة حياة وموت وقضية وجود لمائة مليون مصرى ولكل الأجيال القادمة وينزع صواعق التفجير ويضرب حيل ومؤامرات العابثين الذين راهنوا على تركيع الوطن ولكن خاب ظنهم فى مقتل لتنتهى فزاعة مياه النيل وسد النهضة ليعاود الوطن والشعب والرئيس تسطير بناء ومعجزة بناء الدولة العصرية الجديدة فى مصر.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: