قبل أن أزور باريس شاهدتها من خلال إبداع عميد الأدب العربي.د.طه حسين فى وصفها... ولا أنسى أبدا فى بدايات حياتى الصحفية يوم التقيت العميد فى فيلا رامتان لتسجيل حلقة من برنامج رمضانى أكتبه وتقدمه الاذاعية الكبيرة الراحلة نادية صالح، يومها تأكد يقينى بأنه واحد من أعظم المبصريين بقلوبهم وأن من إبداع الخالق فى عدالة خلقه انه لا حاسة من حواس الإنسان تغيب إلا وتستعوض بقدرات أكبر تحتاج من يدرك ويرعى ويطلق هذه القدرات... كانت بصيرته نافذة ترى الماضى والحاضر والمستقبل وحضوره شامخ ومهاب... ويومها حصلت على أهم شهادة تقدير لنطقى للغة العربية عندما قال لى بصوته القادم من عمق تجليات بصيرته: إنك تحسنين نطق العربية.
> تداعت هذه الذكريات والزميل عليوة الطوخى يبلغنى بإعداده لمبادرة لتلبى مطالب وحل مشاكل مجموعة من أبنائنا المبصرين بقلوبهم... ولم يكن يحتاج الى سؤال عن مشاركتى للدعوة إلى المبادرة فلم يكن لديً يوما أهم من تخفيف ألم أو معاناة مواطنين بكلماتى المتواضعة وحملها الى المسئولين عن حلها ولم يكن لى هدف من قبولى أى مهمة أو مسئولية إلا تحقيق هذا الهدف الأسمي... كنت ومازلت أراها أنبل مهمات الكاتب... ورغم جهود الدولة لتخصيص عام لذوى الهمم والقدرات الخاصة ومحاولات تعويضهم عن إهمال طويل ودمجهم فى مؤسسات الدولة من خلال فهم صحيح لإمكاناتهم وقدراتهم... إلا أن الاستماع الى المبصرين بقلوبهم كشف عن تقصير ومعاناة وأن تطبيق كثير من القرارات والسياسات بل والقوانين التى استحدثت لتعويضهم عن حقوقهم فى بلدهم لا تحترم من الاجهزة التى عليها القيام بالتنفيذ وتجعل جهودا مهمة للدولة فى خدمة المواطن يفٌسدها ويحولها الى شعارات هذا الاداء غير المسئول ومن أمثلتها تأخير استخراج شهادات التأهيل الخاصة بهم خاصة خارج القاهرة وعدم تسليم بطاقات الخدمات المتكاملة لقطاع عريض منهم وعدم مراعاة ظروفهم الخاصة فى الوصول الى مواقع ادارات الشئون الخاصة بهم وتجهيز دور الأيتام التى تضم أبناء منهم بما يؤهلهم لأسواق العمل كالحاسب الآلى وغيرها من العديد من التسهيلات والمطالب التى تساعدهم وتسهل لهم أداء مطالب حياتهم وتنمية مواهبهم وعدادهم وتأهيلهم بما لديهم من إمكانات والتعلم والعمل بكفاءة وخدمة أنفسهم وبلدهم. أثق فى النتائج المهمة التى ستتحقق بوضع المبادرة لهذه المطالب أمام. د. نيفين القباج وزيرة التضامن والتى عرفت أنها على موعد للقاء مع مجموعة من المبصرين بقلوبهم والذين يقارب عددهم 3 ملايين وأرجو أن تسارع الوزيرة بآتخاذ كل ما يجعل السياسات التى أرادت بها الدولة أن تعتذر به عن كل اهمال تعرضوا له وتوفر جميع اشكال الرعاية والاهتمام الواجبة حقائق وان يكون هناك من اشكال الرقابة والمتابعة لأستبعاد وحساب من يعوزه الضمير لإدراك الواجب الإنسانى والاخلاقى لتنفيذها.
> معاناة المبصرين بقلوبهم والمسافات الواسعة بين المأمول والواقع تتكرر فى قضايا بالغة الخطورة وتنعكس آثارها ونتائجها على الملايين معاناة وغضبا وافتقادا لأولويات حقوق وعدالة المواطنة وأقرب مثال يحضرنى الآن آلاف الشكاوى عن الأوضاع الصحية التى تواصل تلقيها منظومة الشكاوى بمجلس الوزراء وما نشر قبل أسابيع عما وصلها فى يناير من آلاف الشكاوى والاستغاثات ثم ما نشر 9/2 عن الاستجابة لمجموعة أخرى مما ينشر بالصحف والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعى ومكتب خدمة المواطنين وما ورد عن طريق الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى ودور رعاية الايتام ودور رعاية المسنين ومعظم الاستغاثات تعلقت بحالات خطيرة كعمليات جراحية وزراعات النخاع والعظام والعمود الفقرى والجلدية والحروق والاجهزة التعويضية وجراحات العيون وزراعة القرنية والامراض النادرة وفصائل الدم والصفائح الدموية والأدوية غير المتوفرة والسؤال المهم.. هل ممكن أن يضطر المواطن الى الشكوى والاستغاثة اذا وجدت منظومة علاجية واضحة ومعلنة ويستطيع كل مواطن ومهما تواضعت ظروفه وأينما كان أن يلجأ اليها ويستفيد منها ويحتمى بها؟! وكم مريض لم يستطع أو لا يعرف كيف يرسل استغاثته الى منظومة الشكاوى الحكومية وكلها حالات حرجة لا تستطيع أن تصمد وتنتظر.. والى حين تدخل واستجابة المنظومة كم مريض صبر عليه المرض؟! لماذا لا تعلن من خلال جميع وسائل النشر القادرة على الوصول لكل مواطن أسماء مستشفيات الدولة التى يلجأ اليها المواطن فى كل محافظة ويجد كل ما يجب ان يحصل عليه من رعاية وإلى جانب الاقسام المجانية أقسام للعلاج بأسعار رحيمه تلجأ اليها الملايين التى أصبحت عاجزة عن أسعار المستشفيات التى تحولت الى مشروعات استثمارية والتى وصف تحقيق بالاهرام ما يحدث فى كثير فيها أنه موت وخراب ديار وأن أسعار العلاج فوق إمكانات البشر العادى والطبيعى والإنساني.
> المرض لا يأخذ إجازة أو ينتظر حتى تصل الاستغاثات الى منظومة أو بوابة شكاوى أو ينتظر حتى تستكمل مطالب وميزانيات وتطبيق جاد لمنظومة التأمين الصحى فى غياب عمل مؤسسى واضح ومعلن يلجأ اليه المواطن دون حاجة أن يصرخ ويشكو ويستنجد ويجد ما يعالج ويقضى على المسافات الواسعة والبعيدة بين الواقع والمأمول!.
> ووسط الظروف الصعبة والمؤسفة التى يواجهها المرضى والمستشفيات والأطباء والتمريض وأجهزة الرعاية والحضانات والدواء وانتشار الاوبئة وهزيمة البشر أمام كورونا هل تحتمل الأمور صراعا وتبادل شكاوى واتهامات بين وزارة الصحة والنقابة بدلا من التكاتف والتعاون لتخفيف بعض آلام وأوجاع الأوضاع الصحية المؤسفة!.
> والأمر ينطبق على منظومة مواجهة بطالة الشباب.. فرغم المعلن من اهتمام للدولة بهم وانخفاض نسب البطالة مازالت الصرخات عالية والنداءات متواصلة بحثا عن فرص عمل واإنقاذ ووجود بيانات شفافة وواضحة بالمتاح من فرص لعملهم فى كل محافظة واحصاءات دقيقة تقوم بها أجهزة الشباب والرعاية الاجتماعية بأحوال الشباب فى كل محافظة وبيانات دقيقة عنهم وعن فرص العمل المتاحة وقواعد عادلة للتعيين تنهى الوساطات والقرابات والتوصيات ويستبدلها بتوزيع عادل لاستحقاقاتهم فى التحرر من آلام البطالة ويؤكد أن اهتمام الدولة بالشباب يصل كل شاب دون تمييز وتفرقة تعمق المسافات بين المأمول والواقع.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: