سلام عليك يا «صاحبى» الذى رحلت دون وداع، وتركت فى القلب حزنا ثقيلا، ووحشة باردة رابضة، تشى بأنها لن تغادر قريبا، وستبقى حتى النهاية، فمن رحل كان من رفاق الطريق الطويل، وشركاء البدايات البعيدة والصعبة.
هناك نوع من البشر فى حياتنا، حين نفقدهم فإننا لا نحزن عليهم، بقدر ما نحزن على أنفسنا، لأننا سوف نكمل الحياة دونهم، ونواجه كدرها دون دعمهم ومواساتهم، وهم الذين لم تنقطع صحبتهم، وكانوا دائما فى مرمى البصر والقلب، لا تبحث عنهم ولا يبحثون عنك، فهم موجودون فى كل الأوقات، وكل الضرورات، وكانوا رصيدا إنسانيا مفتوحا للسحب الحر، بضمان الرفقة الطويلة والمشتركات الكثيرة، التى تكونت و«خمرها» الزمن.
«محمد السيد» صاحبنا الذى رحل بغتة، وغادر مضمار الحياة، مثل «حصان» أصيل، لم يحتمل قلبه السباق حتى الآخر، كان من هذا النوع، وكم كنا نحبه، وكم كان وجوده خفيفا، لم يثقل به على أحد، وإن ابتسامته مثل طيبته وسلامه، كان عنوانا لهذه الشخصية الخاصة.
لا يوجد أصعب من فقد رفقاء الطريق والبدايات، وهو فقد ليس كطعمه وأثره فقد آخر، لأنه يأخذ من روحنا بعضها، حتى إذا جاءت النهاية، سوف نكتشف أنه لم يعد باق منا إلا القليل، لأننا نكون قد فقدنا كثيرا من وجودنا، وهذا ما يحدثه فقد الرفاق، الذين يتركوننا قبل نهاية السباق.
فى الختام.. يقول محمود درويش:
«كل حى يسير إلى الموت والموت ليس بملآن».
[email protected]لمزيد من مقالات محمد حسين رابط دائم: