تنمية الوعى الثقافى

اذا كانت الثقافة كما عرفها علماء الاجتماع هي مجموعة القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات واللغة السائدة في مجتمع ما، فما هو الدور المنوط بالقائمين علي الثقافة في مصرنا الحبيبة. يعد غياب الخطاب الثقافي وتجديده، سببا مانعا لكل تواصل ثقافي للقيم الإيجابية في المجتمع التي كان من المفترض أن تتوارثها الأجيال وتنميها، فأصبحت القيم التقليدية الراقية بالية في رأي الأجيال الشابة، وعدم وجود أهداف ثقافية واضحة للمنظومة الثقافية في مصر، أدي بالضرورة إلي الفوضي غير الخلاقة، التي نتج عنها الشتات الفكري والقيمي والاخلاقي. وفي عصر السماوات المفتوحة والإعلام الجديد والرقمي ووسائله المتعددة، ازدادت ازمة الثقافة المصرية والعربية والإسلامية، في ظل عدم وجود إستراتيجية ثقافية واضحة وفاعلة. ان دور القائمين علي الثقافة في مصر ليس فقط تكريم الإبداع وإنما صناعة الإبداع نفسه، اي خلق أجيال مبدعة متفتحة قادرة علي صناعة القوة الناعمة وتوضيح صورة مصر الإيجابية وتصديرها للداخل قبل الخارج، أجيال قادرة علي تطبيق منهج نقدي وتحليلي علي فيض المعلومات والأخبار والشائعات، وتحري الدقة في التعامل مع مصادر المعلومات المتعددة.

والبعد الأهم هو الدور الارشادي والتوجيهي لوزارة الثقافة، فقد تأسست وزارة الثقافة عقب ثورة 23 يوليو تحت مسمي وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وعين اول وزير لها دكتور ثروت عكاشة عام 1958 ، وتم الفصل بين وزارة الثقافة والإرشاد القومي عام 1966 وليس المقصود هنا ان تصبح وزارة الثقافة وزارة للارشاد القومي مثلما كانت أو أن تفرض وزارة الثقافة أطرا فكرية علي العقول ولكن المقصود هو ان تحتفظ وزارة الثقافة بدورها الارشادي والتوجيهي، حيث لم تتخل دولة ما مهما يكن تقدمها عن سياسات التوجيه والإرشاد بالقدر الذي ينمي قيما ايجابية معينة في المجتمع. من المهم حقا أن نحدد القيم الثقافية التي نريد أن نبقي عليها وننميها، والقيم التي يلزم تغييرها وان يضع القائمون علي الثقافة تلك القيم أمام وزارات مهمة مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والإعلام والأوقاف والتضامن الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني،اي ان وزارة الثقافة توصي بالقيم التي ينبغي أن تكون متضمنة في كل عمل يمس المواطن المصري. تحديدا نحتاج إلي قيم تنمي الوعي الاقتصادي والسياحي والسياسي والاخلاقي، قيم تخلق لحمة فكرية وثقافية بين الافراد تبلور هوية متطورة وقادرة علي مواجهة تحديات العصر، الأمر يتطلب عقولا مفكرة وقلوبا مخلصة لهذا الوطن.

> عميد كلية الآداب جامعة حلوان