اختار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هذا التوقيت ليعلن ما سماه خطته للسلام ليخفف بلا شك الضغوط التى عليه داخليا، وفى الوقت نفسه يمنح صديقه نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل فرصته الأخيرة لتحقيق مايمكنه من نتيجة فى الانتخابات التى تجرى للمرة الثالثة فى مارس تمكنه مما فشل فيه مرتين فى عدة شهور وتنقذه مع زوجته من اتهامات الفساد الموجهة إليهما وعقوبتها السجن.
لكن المؤكد أنه إلى جانب الأسباب الذاتية لترامب ونيتانياهو فإن هناك سببا أكبر لإعلان خطة ترامب وهى حالة الضعف والهوان والتمزق التى وصل إليها العرب بحيث يصعب أن يجد ترامب ونيتانياهو مثل هذه الفرصة التى باختصار شديد تقضى تماما على القضية الفلسطينية وتحول الفلسطينيين إلى سكان يقيمون فى ضيافة ما تنازلت عنه إسرائيل.
كل رؤساء أمريكا كانوا منحازين إلى إسرائيل، ولكن ترامب تجاوز خط الانحياز واستخدم فى حديثه عن العرب أسلوبا لم يسبق لغيره أن استعمله فى الاستهانة بالعرب إلى حد الإهانة أحيانا.
أنور السادات ـ رحمه الله ـ عرف كيف يستثمر لحظة القوة التى وصل إليها بعد حرب 1973 قبل أن تبرد نيرانها، ويغرى رئيسا أمريكيا مثل كارتر وزعيما إسرائيليا مثل بيجين ويدفعهما إلى اتفاق السلام الذى تم، وبالتالى فإن اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل لم يكن نتيجة نوايا يحملها أطراف الاتفاق، وإنما نتيجة ظروف قوة كل منهما وثبات مصر على موقف القوة الذى استندت إليه ونجاحها فى إدارة مرحلة الاتفاق بحيث لا تترك فرصة للعبث بها.. وعندما وقع ياسر عرفات مع شيمون بيريز اتفاق أوسلو عام 1993 كان ذلك أيضا تعبيرا عن حالة القوة التى كان عليها عرفات، لكن ماحدث فى مرحلة إدارة اتفاق أوسلو أدى إلى تبخر الاتفاقية ودخول الفلسطينيين فى صراع محلى أكبر من صراعهم مع إسرائيل . واليوم سوريا وليبيا والعراق والسودان واليمن ودول عربية أخرى تعانى ..هل هناك فرصة أفضل من ذلك لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية؟!
[email protected]لمزيد من مقالات لندن صلاح منتصر رابط دائم: