الحفاظ على حى الزمالك الراقى أمانة ومسئولية، فهذا الحى يتكسب شهرته من تاريخه وموقعه الجغرافى المتميز، فهو جزيرة تحاط بالنيل من كل اتجاه وتاريخ انشائه يعود إلى عصر الخديو إسماعيل وحتى وقت قريب كانت الضوابط صارمة فى تطبيق القانون على حركة الإنشاءات وتصاريح الأنشطة التجارية فيه حفاظا على طابعه المتميز ولمنع كل مظاهر العشوائية أو الفوضى المرورية التى قد تلحق به.
الآن الصورة مغايرة تماما حيث انتشرت بشكل مخيف المقاهى فى شارع 26 يوليو بدرجة لا يمكن وصفها وامتدت بطول سور النادى الشهير كما تستمر المخالفات الجسيمة على مجرى النيل بالحى الراقى إضافة إلى اختناق الطرق المؤدية إليه من وسط المدينة أو من اتجاه المهندسين دون حلول.
تتعالى أصوات سكان الحى غيرة عليه وأملا فى أن يتدخل المسئولون لوقف كل المخالفات غير القانونية التى يعنى استمرارها تغيير طبيعة المكان وضياع صورة حى راق فى قلب القاهرة تفصله خطوات قليلة عن مبنى وزارة الخارجية وعن مثلث ماسبيرو المشروع الحلم الذى تتبناه الدولة لإعادة تخطيط المنطقة وفق التنسيق الحضارى المأمول لعاصمة المعز. ففى الوقت الذى يجرى فيه العمل على قدم وساق لتطوير منطقة مثلث ماسبيرو وإنشاء تجمع سكنى تجارى بالمواصفات العالمية يشهد حى الزمالك حركة تخطيط غير مدروسة بافتتاح وإنشاء مبان لمقاه ومطاعم على حساب خصوصية الحى وعراقته وتاريخه وسمعته. الأمر الذى يتوقعه سكان الزمالك هو أن يبادر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بكل الملكات التى يتمتع بها والخبرات الطويلة فى مجال الإدارة وتخطيط المدن بالتدخل السريع لمنع المزيد من التدهور فى الحى وضمان استمراره بنفس السمات التى كان عليها قبل سنوات، وهناك تجارب ملهمة للحكومة المصرية فى التعامل مع مثل هذه المخالفات التى تخترق القانون ففى حى الدقى على سبيل المثال وبالتحديد فى شارع سليمان جوهر تطبق محافظة الجيزة تجربة رائدة فى القدرة على فرض النظام العام للدولة ووقف التجاوزات فى حق الشارع، وأعادت سليمان جوهر إلى الحياة من خلال منع كل أشكال استغلال الشارع وإلزام المحال بأن يقتصر نشاطها داخل حدود المبني، وهى تجربة كانت تبدو مستحيلة غير أن الإرادة والمتابعة وهمة رئيس حى الدقى الشجاع ودعم محافظ الجيزة أعاد الانضباط إلى الشارع الذى كان على مدى عقود من الزمن نموذجا للفوضى وعدم الانضباط ومرتعا للباعة. هذا هو الجانب الإيجابى فى مهمة الحكومة والمحليات ولهذا لا تتوقف مطالبات سكان حى الزمالك للمسئولين بسرعة العمل على إعادة الهدوء للحى ومنع المقاهى والمطاعم وجميعها دون تراخيص رسمية والسؤال كيف تعمل فى وضح النهار وطوال ساعات الليل وهى لا تحمل التراخيص القانونية وكيف يتم البناء بارتفاعات على مجرى النيل؟.
الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اليوم الأول وهو يحارب بكل الإمكانيات ظاهرة العشوائيات فى المحليات وفى الإدارة وفى التخطيط ويحث المواطنين على أهمية الوعى بمكتسبات الوطن حتى تنهض مصر الجديدة وهى تبنى عاصمة إدارية ومدنا جديدة عملاقة وفى الوقت نفسه تحافظ على أحيائها وتاريخها من سوء التصرف.
سكان حى الزمالك لا يطالبون بأى مميزات كل ما ينادون به هو الحفاظ على المكان وعدم تغيير معالمه ،وان يبقى هادئا بعض الشيء ولديهم الثقة الكاملة فى اهتمام الدكتور مصطفى مدبولى واللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة وان يبادر رئيس الحى بالعمل على فرض النظام ووقف الأنشطة المخالفة لضمان سهولة الحركة ومنع المزيد من التلوث البيئى فى الحى .
الحديث عن المعالم التى يزخر بها الزمالك قد لا يأتى بالجديد لكن عندما نذكرها نستشعر قيمة المكان وعظمة هذه المعالم التى ربما معلم واحد منها يمثل ثروة تاريخية لدول فى العالم تفتقد مثل هذه الكنوز، وهناك دول لديها معلم تضع من حوله سياجا شائكا وضوابط ملزمة لزيارته وقد يكون أقل بكثير فى القيمة والأهمية من المعالم التى يعج بها حى الزمالك، ففيه على سبيل التذكرة عدد مهول من البعثات الدبلوماسية مع وجود عدد كبير من المتاحف التاريخية التى تبرز صورة مصر الحضارية وبرج القاهرة وفندق الماريوت التاريخى ومجمع اللغة العربية ومتحف الفن الحديث ودار الأوبرا المصرية وقصر عائشة فهمى وغيرها من المعالم التى لا مجال هنا لحصرها لكنها باقية وتشهد على تاريخ الحى وقيمته.
لمزيد من مقالات ماهر مقلد رابط دائم: