رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ماذا بعد خطة ترامب؟!

رفض العرب فى اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية وحضره الرئيس الفلسطينى محمود عباس خطة السلام، التى أعلنها الرئيس الأمريكى ترامب وإلى جواره رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نيتانياهو فى لقاء بالبيت الأبيض، واعتبرها العرب بمنزلة نكسة جديدة فى جهود السلام الممتدة على مدى عقود ثم توجت بالقرارات الأمريكية الأحادية المجحفة والمخالفة للقانون الدولى بشأن القدس والجولان والاستيطان، ولن يُكتب لها النجاح، لأنها لا تضمن الحد الأدنى من طموحات وتطلعات وحقوق الشعب الفلسطينى وفى مقدمتها حق تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وأكد العرب الالتزام بعدم التعاطى مع هذه الخطة المجحفة أو التعاون مع الإدارة الأمريكية بعدم تنفيذها بأى شكل من الأشكال، كما أكدوا مجددا مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطين، وحق دولة فلسطين بالسيادة على كل أراضيها المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوى والبحرى ومياهها الإقليمية ومواردها الطبيعية وحدودها مع دول الجوار، كما أعادوا تأكيد أن مبادرة السلام العربية، كما أقرت بنصوصها عام2002 هى الحد الأدنى المقبول عربيًا لتحقيق السلام من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لكامل الأراضى الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل يتفق عليه لقضية اللاجئين مع تأكيد أن اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لن تحظى بالتطبيع مع الدول العربية ما لم تقبل وتنفذ مبادرة السلام العربية، وتأكيد التمسك العربى بالسلام خيارًا استراتيجيًا لحل الصراع، وضرورة ان يكون أساس عملية السلام هو حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية المعتمدة، والسبيل إلى ذلك من خلال مفاوضات جادة فى إطار دولى متعدد الأطراف، ليتحقق السلام الشامل الذى يجسد استقلال وسيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، واخيرًا التأكيد على أهمية العمل مع القوى الدولية المؤثرة والمحبة للسلام العادل لاتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء أى خطة من شأنها أن تجحف بحقوق الشعب الفلسطينى ومرجعيات عملية السلام بما فى ذلك التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرهما من المنظمات الدولية، والتحذير من قيام إسرائيل, القوة القائمة بالاحتلال، بتنفيذ بنود الخطة بالقوة متجاهلة قرارات الشرعية الدولية، وتحميل الولايات المتحدة واسرائيل المسئولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسة ودعوة المجتمع الدولى إلى التصدى لأى إجراءات تقوم بها حكومة الاحتلال على أرض الواقع، وتأكيد الدعم الكامل لنضال الشعب الفلسطينى فى مواجهة هذه الخطة وأى خطة تُقوِّض حقوق الشعب الفلسطينى أو تهدف لفرض وقائع مخالفة للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وكان الرئيس الفلسطينى محمود عباس قد طالب خلال خطابه فى حضور وزراء الخارجية العرب ، العالم العربى بالوقوف الى جوار الموقف الفلسطينى فى معطياته النهائية التى تؤكد أنه لا سلام ولاخطة ولا تفاهم ولا تفاوض دون القدس .

كما أكد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن على العرب أن يؤكدوا للعالم أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وأن القرار الفلسطينى له ظهير عربى داعم ومساند، لأن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم فهى قضية عربية تجمع شمل العرب من المحيط الى الخليج، ومنذ الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ عامين إلى غير ذلك من الإجراءات والسياسات والمواقف الأمريكية التى شكلت فى مجموعها ضغطا غير مسبوق على الفلسطينيين، إلا أن الطرح الأمريكى الأخير كشف عن تحول جاء فى محددات الموقف الأمريكى لا يصب مع الأسف فى مصلحة السلام أو الحل الدائم، إذ اعتبر بمنزلة ضوء أخضر للمضى قدما فى خطة استهدفت ضم المستوطنات كلها وغور الأردن بأكمله، والانتقال أحاديا عن بقية الأراضى المحتلة فى الضفة، وتكريس الاحتلال الإسرائيلى وتحصينه وشرعنته ومثل هذه السيناريوهات لا تجلب استقرارا أو تقيم أمناً، بل تضع بذور مائة عام أخرى من الصراع والمعاناة، وأن البديل المنطقى الصحيح والأمن هو التفاوض المباشر من أجل الوصول إلى حل يستطيع كل منهما التعايش معه والقبول به ، ومن ثم ينبغى ألا تكون نقط البدء لهذا التعارض الحد الأقصى لمطالب طرف دون الآخر، ولا أن تكون خطط الحل وتفاصيله مفروضة فرضا على الجانبين أو أيهما ومقررة سلفا، لأنها إن كانت مقررة سلفا فعلام إذن يكون التفاوض؟! ، وإنما المطلوب أن يبدأ التفاوض على أساس صحيح ومتكافيء، يأخذ فى الاعتبار مطالب الطرفين وتطلعاتهما فى ضوء تجارب التفاوض السابقة التى تحمل فى طياتها خطوط الحل وصورة التسوية النهائية بنسبة تقرب من 90 فى المائة، وبما يأخذ فى الاعتبار مبادئ القانون الدولى والقرارات الأممية وأسس العدالة.

ولن يستطيع الفلسطينيون مجابهة التحديات المفروضة عليهم دون الالتزام بوحدة الصف والتصرف الذى يجمع كل القبائل فى موقف موحد يلم شمل فتح وحماس والجهاد وكل تجمعات الفلسطينيين وفرقهم، ودون توحد الموقف الفلسطينى وإنهاء تشتت أطرافه وتشرذم جماعاته، بما يضمن توافق كل الأطراف ليس فقط على مجرد خطوط عريضة بل على ضرورة توافق وتكامل كل مكونات مواقفهم بما يسد كل ثغرة متاحة تتيح النفاذ الى داخلهم، لأن الطرح الأمريكى الأخير الذى يمثل تحولا حادا فى السياسات الأمريكية تجاه الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى وتسويته منذ بدأت سيرة التسوية السياسية عام 1991 لا يصب مع الأسف فى مصلحة التسوية أو الحل العادل، كما أن السياق الذى تم خلاله الطرح الأمريكى الأخير فى حضور الطرف الإسرائيلى دون الطرف الفلسطينى والذى يبدو وكأنه محصلة تناقض بين الوسيط وأحد طرفى النزاع، يكشف عن انحيازمسبق لا يلتزم الموضوعية أو الحيدة ومراعاة أبسط قواعد التناقض التى ينبغى أن تلزم الوسيط بقدر من الموضوعية والحيدة تحقق ثقة كل أطراف النزاع فى عملية الوساطة.

ومن المؤكد أن السياق الذى قدم فيه الرئيس الأمريكى طرحه الأخير لم يكن السياق الصحيح لوسيط غير مُنحاز سلفًا يرغب فى كسب ثقة كل الأطراف لأن حضور الطرف الإسرائيلى ممثلا فى رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو إلى جوار الرئيس ترامب فى البيت الأبيض لحظة إعلان الرئيس الأمريكى لأول مرة طرح خطته للتسوية دون وجود ممثل فلسطينى هو فى الجوهر تأكيد توحد الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية فى مواجهة إرادة الفلسطينيين وعلى تحالف طرفين متوافقين فى مواجهة طرف ثالث، وذلك فى حد ذاته يمثل عنصر قلق وهاجس خوف لا يدعو فقط للشك والريبة، ولكنه يستدعى القلق العميق فى أن يكون هناك تواطؤ يكشف عن تآمر واضح للعيان لا يحرص على توخى أدنى الشروط لتحقيق الحيدة.


لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد

رابط دائم: