رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رجل الصحف وإسرائيل!

علمتنا الأساطير والفنون الدرامية ان لكل قصة حبكة موازية، ولكل بطل داعمين، مثل شخصية ما تقف وراءه و تلعب دورا بالغا فى قراراته. فى اللقاء الأخير الذى تم بالبيت الابيض بين الرئيس الامريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو الذى اعلن فيه خطة السلام، ظهر فى الصور شخص قصير القامة يناهز الثمانين من العمر يتفجر فرحا وسعادة، وغير معروف انتماؤه للجانب الرسمى الامريكى او الاسرائيلى. أنه شيلدون أديلسون أحد اغنى الرجال فى العالم وأحد اهم داعمى اسرائيل عالميا. الرجل الاقرب فى الملامح للممثل دانى دى فيتو فى ادوار رجل العصابات فى افلام مارتن سكورسيزى، لا يقوم بعمل الا ويترك وراءه الكثير من الضجة والعديد من الاعتراضات من المدافعين عن المبادئ فى كل مكان. لا أحد يتصور ان هذا الرجل الذى وصلت ثروته اليوم الى 40 مليار دولار ويحتل الرقم 24 فى قائمة أثرى أثرياء الكون، كان ابنا لاسرة فقيرة من المهاجرين اليهود من اوكرانيا فى مدينة بوسطن الامريكية لأب يعمل سائق تاكسى وأم بائعة سكاكين. وقصته مع البيزنس غريبة وغامضة لم ينكشف منها الا القليل وهو الذى يبلغ من العمر 87 عاما. فى سيرته المعلنة يقال انه بدأ حياته باقتراض 200 دولار من عمه للحصول على رخصة بائع صحف، وهو العشق الذى واصله طوال حياته بلا هوادة. لم ينجح فى التعليم، فقرر دخول الجيش. وسرعان مافشل فيه ايضا وتركه ليقترض مبلغا جديدا من عمه بلغ عشرة آلاف دولار، مما سمح له بالبدء فى اول عمل تجارى حقيقى فى مجال ماكينات بيع الحلوى. وبعدها دخل مجال الماكياج ومنها الى مجال المنظفات. ودائما ما كان له اعمام وراء الستار يشاركونه التمويل والارباح. حتى بلغ عدد التجارات التى دخل بها 50 نوعا. عام 1970، اقتحم مجال تنظيم المؤتمرات وابتكر كومدكس اكبر معارض الكمبيوتر الامريكية التى باعها بعد ربع قرن هو وشركاؤه الى عملاق الاستثمار اليابانى سوفت بنك. وكما يتضح، لم يطرق شيلدون اديلسون اى مجال صناعى مؤثر، انما مجرد انشطة هامشية لما يجذب الناس. ثم صوب وجهته عام 1988 الى لاس فيجاس واشترى كازينو شهيرا افلس اسمه ساندز او رمال، واصبح هو الاسم الذى اشتهر به لاحقا. و قام بهدمه وبنى مكانه فندقا اسطوريا سماه ابن فينيسا، والذى صنف من وقتها من افخم واكبر فنادق وكازينوهات العالم على نمط مدينة البندقية الايطالية، حتى إنه يربط ما بين مبانيه ببحيرات وجسور عليها مطربون. ثم اتجه الى مدينة ماكاو الصينية التى ظلت مستعمرة برتغالية حتى عام 1999، واسس فيها كازينو اصبح اكبر مركز للمقامرة فى قارة آسيا بأكملها. والمدينة نفسها احد اهم الوجهات الغامضة فى الكون لسيطرة عصابات المافيا عليها طوال عقود.

وبالتوازى مع تطور ثروته ونشاطه الاقتصادى الضخم، اخترق شيلدون عالم السياسة، واصبح من اكبر المؤثرين فى المشهد السياسى الامريكى والاسرائيلى على حد سواء ومن اكبر المتبرعين علنا فيهما. فى آخر انتخابات امريكية مثلا: كان تبرعه المعلن لحملة الرئيس ترامب 25 مليون دولار، بالاضافة لخمسة ملايين اخرى لحفل تنصيبه رئيسا. وهو كذلك من اكبر المتبرعين فى تاريخ الانتخابات الاسرائيلية وتحديدا لحزب الليكود. وبفضل أمواله وصلاته، استطاع عام 2017 ان يكون رئيسا للمجلس الاسرائيلى ـ الأمريكى ، ثم حوله لمؤسسة سياسية تدافع عن مصالح الشعب الاسرائيلى بتطرف فى مواجهة جماعة ضغط اخرى من اليهود الأمريكيين هى ايباك تتحدث عن حل الدولتين. لكن أديلسون عبر غير ذات مرة عن انه يرى ان الفلسطينيين ليسوا شعبا متجانسا بل خليط من الشعوب، فى هجوم دائم ومتكرر عليهم وعلى عدم احقيتهم فى ارض فلسطين. حاول الرجل عام 2007 شراء صحيفة معاريف الاسرائيلية. وعندما فشل، اسس جريدة اخرى مجانية هى اسرائيل هيوم التى أصبحت الاكثر توزيعا فى الاراضى المحتلة بعد يدعوت احرونوت. بل إنها أكثر توزيعا من صحيفتى هاأرتس ومعاريف مجتمعتين. فى امريكا، اشترى واحدة من اقوى الصحف الامريكية وهى لاس فيجاس ريفيو جورنال، وواجه حربا مع اشهر محرريها وكتابها الذين فضحوا ملفاته السوداء فى البيزنس وعالم القمار، ثم اجبرهم على الرحيل من الصحيفة. لكنهم كشفوا للعالم كيفية استخدامه امواله وأموال من وراءه للتأثير على السياسيين الى حد سن قوانين مجحفة لا تخدم المجتمع انما تخدم مصالحهم. صحيفة الجارديان البريطانية العريقة وصفته منذ عام ونصف العام بانه الرجل الذى يقود سياسة ترامب فى الشرق الاوسط. لكنه يفعل اكثر من ذلك بكثير.


لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف دره

رابط دائم: