كانت المفاجأة.. أن الكتاب عن فن السعادة.. والمؤلف قاض.. هنا تراجعت الأسئلة التى كانت تراودنى دائما عندما أرى كتبا عن كيفية الحصول على السعادة تملأ رفوف المكتبات ليقفز فى ذهنى هذا السؤال: ما الذى يدفع قاضيا لأن يكتب كتابا يطلق عليه اسم فن «السعادة المفقود»؟.. هل مر بتجربة مريرة جعلته يبحث عن السعادة لينقذ نفسه من السير فى الحياة بمشاعر حزينة بائسة.. أم أن عمله جعله يحاط بناس تعساء فأراد أن يساعدهم على رؤية الحياة من منظور مختلف فقرر تأليف هذا الكتاب؟.. عن هذا السؤال أجابنى القاضى «على زكريا» بأنه عمل قاضيا منذ عام 2009 لكن منذ تخرجه فى كلية الحقوق وهو يشعر بأنه غير سعيد.. فالعمل فى هذا المجال لم يكن أبدا حلمه.. أيضا الرحلات التى كان يقوم بها من آن لآخر لم تغير حالته.. فعرف أنه يجب ألا يقع فى فخ «عندما أذهب إلى هذا المكان سأكون سعيدا».. فالسعادة حالة نفسية داخلية.. وليست هدفاً أو مكاناً أو زماناً.. هنا قرر أن يبحث عن الأساليب والأنشطة التى تجعله فى حالة نفسية جيدة.. فأدرك أنه يستمتع برياضة الجرى وبالكتابة.. لذلك عندما كان يشعر بأنه غاضب وغير سعيد.. كان يكتب أو يجرى بدلا من الأكل بشراهة.. أيضا قرر حضور ندوات وقراءة كتب عن التنمية الذاتية، منها كتاب شهير اسمه «السر» تعلم منه أن أفكارنا تشكل حياتنا.. وهى التى تجعلنا سعداء أو تعساء.. المهم أنه قرر بعد حصوله على شهادة فى البرمجة اللغوية العصبية أن يكتب هذا الكتاب الذى يضم أربعة أجزاء هى العقل السعيد.. الأفعال السعيدة.. الجسم السعيد.. العلاقات السعيدة.. وهناك جزء خامس يضم مقابلات مع أشخاص استطاعوا الوصول إلى السعادة بعد تدريبات استمرت مائة يوم.. وأرسل النسخ الإنجليزية من الكتاب إلى عدد من مؤلفى كتب التنمية الذاتية.. واتصل بأحدهم وهو الأمريكى الشهير «إريك إدميدس» وطلب منه كتابة مقدمة الكتاب.. وبالفعل كتب «إريك» مقدمة قال فيها: إن السعادة أحد أهم الموضوعات المطروحة للنقاش فى الوقت الحالي.. فعندما يكون الناس غير سعداء يفعلون أشياء مزعجة لأنفسهم وللآخرين.. كما أن غياب السعادة يعد مشكلة اجتماعية وإقتصادية، حيث يكون الناس أقل إنتاجية عندما يكونون غير سعداء.
سألت القاضي «على زكريا» سؤالاً طالما تمنيت أن أسأله لمؤلفى كتب السعادة وهو: هل أنتم حقا سعداء ؟
.. فأجابنى: «لا يوجد إنسان سعيد كل الوقت، لذلك يعتبر سعيدا من يشعر بالسعادة معظم الوقت».. إجابته جعلتنى أشعر بأن سؤالى جاء فى توقيت كان فيه سعيدا.
لمزيد من مقالات عايدة رزق رابط دائم: