رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رائحة البحر وقصة أخرى

محمود فهمى;

رائحــة البحــر

لم يكن هناك غير عامل منهك فوق شاطئ غادره الناس، متشابهين تمامًا يجلسان فى مواجهة البحر.

قال أحدهما للآخر: أريد النزول إلى البحر.

نظر العامل المتعب مندهشًا مما سمع بينما كان يجمع ماتركه الناس فوق الرمال، كان الوقت متأخرًا وشمس حمراء تسقط هناك عند نهاية البحر.

أجابه الآخر: الوقت قد تأخر كما أننا لا نجيد السباحة.

صمت ونظر إليه فى حزن وواصل باستسلام مراقبة سفينة تغيب فى عمق البحر.

الليل حل والعامل المجهد اختفى، ولم يبق غيرهما، عجوزين تهدلت ملامحهما المتشابهة، يسيران ببطء ينظر أحدهما إلى الأخر نظرات ملؤها اللوم والأسى بينما تقطر من ملابسه مياه بحر لم يجرؤ أن ينزل إليه أبدًا.







بنت وموسيقى



عبرتْ الطريق مسرعة وكأنها تهرب من شيء ما، سارت خطوتين فوق الرصيف المقابل، توقفت، قاومت رغبة فى الاستدارة والنظر إلى الرصيف الآخر، واصلت سيرها بإيقاع أسرع من سيرها المعتاد، دخلت إلى شارع مزدحم، كانت تتنقل بين المارة بخفة فراشة بالرغم من الثقل الذى تحس به فى روحها وقلبها، عند نهاية الشارع توقفت، نظرت إلى الخلف، رأت شارعًا يغرق فى الضجيج وفى ضوء منتصف النهار، انحرف بها الطريق يمينًا إلى شارع مظلم، شارع لا يمر به أحد سواها، صعدت الدرج القديم لأحد البيوت، فتحت الباب ودون أن تلقى التحية على المتسمرين أمام التلفاز دخلت وأغلقت عليها حجرتها، لم يكن لها من دواء بعد الجرح الذى لازال ينزف سوى الموسيقى، هى تعرف ذلك، دائمًا ما تقول لنفسها وهى ممتزجة بمقطوعة تسمعها أنها لو استمرت لساعات على تلك الحال، تستمع إلى الموسيقى مغلقة العينين فربما يمكنها الطيران.

قامت من مكانها، فتحت الشباك رغم برودة الطقس، أدارت معزوفة تحبها وجلست جوار النافذة، أغلقت عينيها، مدت يدها ودون أن تفتح عينيها رفعت صوت الموسيقى، ستترك الموسيقى تجتاحها، تتسلل إلى مسامها، تتسرب بداخلها، تعصف بذرات الحزن التى تسكنها، شعرت أنها تخف، فردت ذراعيها، قالت لنفسها الآن أستطيع الطيران، فتحت عينيها، نظرت إلى جسدها، لم تجده، فبدلًا من أن تمنحها الموسيقى القدرة على الطيران تحولت هى نفسها إلى نغمات موسيقية، تحولت إلى سحابة من الموسيقى خرجت من الشباك وأمطرت فوق شوارع المدينة.

كنت أقف فى الشرفة حين نزلت قطرة من الموسيقى فوق كفى فتذكرت بنتًا رأيتها صباحًا تقف على الرصيف المقابل تمسح دمعة عن خدها قبل أن تدخل إلى شارع غارق فى الضجيج والزحام.


 

نشر فى العدد الماضى قصة بعنوان «فوق شاطئ بعيد»

للكاتب محمود فهمى، ونسبت بالخطا للكاتب محمد رفاعى، وتصحيحا للخطأ ننشر القصتين المرفقتين للأديب محمود فهمى على سبيل الاعتذار.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق