رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منتصف العمر ومنحنى السعادة

إذا كنت فى أواخر العقد الخامس من العمر، وتحديدا فى الثامنة والأربعين، ولاحظت انهيارا فى مستويات شعورك بالسعادة وتصاعدا فى معدلات شعورك بالقلق والاستياء وعدم الرضا عن النفس... لاتقلق لست وحدك، وهذا ليس اكتئابا ولا أزمة منتصف العمر ولكنها مرحلة انتقالية ستتجاوزها قريبا. فوفقا لدراسة اقتصادية حديثة، نشرت قبل أيام، يشعر الإنسان بأقصى درجات البؤس فى عمر السابعة والأربعين فى الدول المتقدمة، والثامنة والأربعين فى الدول النامية. ولكن الأخبار السعيدة أن ذلك الشعور لن يدوم طويلا وأن معدلات شعورك بالسعادة ستستعيد عافيتها مرة أخرى فى بداية مرحلة الخمسينيات لتصل إلى ذروتها فى السبعين!.

وتشير الدراسة، التى نشرها المكتب الوطنى للأبحاث الاقتصادية وأجراها ديفيد بلانشفلاور، الأستاذ بجامعة دارتموث، لقياس العلاقة بين الرفاهية والعمر واعتمدت على تحليل بيانات من 132 دولة، إلى أنه فى كل دولة كان هناك منحنى للسعادة على شكل حرف u فى اللغة الإنجليزية، وأن النقطة الأكثر انخفاضا فى الشعور بالسعادة كانت فى منتصف العمر. وشملت عوامل الشعور بالبؤس التى اعتمدت عليها الدراسة الإحساس باليأس، القلق، الوحدة، التوتر،الرهاب، الأرق، الاكتئاب، فقدان الثقة فى النفس، عدم القدرة على التغلب على المشاكل أو الشعور بالفشل. ومن العوامل المؤثرة على السعادة أيضا درجة التعليم، والوضع المهني، والحالة الاجتماعية، فالمتزوجون أسعد حالا. كما قامت الدراسة بتحليل رد الفعل للأوضاع فى الدولة ومستقبل العالم. وهنا أكد بلانشفلاور أن الركود الاقتصادى الذى أعقب الأزمة المالية العالمية فى 2008 والعولمة كان لهما تأثير سلبى للغاية على أزمة منتصف العمر. وربما تسأل نفسك ما العلاقة بين الأبحاث الاقتصادية والسعادة ؟. والإجابة هى منذ بداية الألفية الثانية اهتم الباحثون الغربيون بالمزج بين الاقتصاد وعلم النفس وذلك فى محاولة للتعمق فى بحث إمكانيات تقدم الدول وتحقيق النمو.

ونعود لنظرية منحنى السعادة، التى تناولها بلانشفلاور فى ورقة بحثية سابقة فى عام 2008 وأكاديميون آخرون فى أمريكا وبريطانيا كما ألف جوناثان راوتش، الباحث بمعهد بروكينجز، كتابا عنها بناء على تجربة شخصية، فتجد أن ارتباط قمة البؤس بأواخر العقد الخامس لا يتعلق بالصورة النمطية لأزمة منتصف العمر حيث يتمرد المرء، وخاصة الرجل ،على حاله ويقدم على مغامرات غير محسوبة. ولكنها مجرد فترة انتقالية طبيعية ترتبط بمرور الزمن!. ويصفها راوتش بأنها دوامة من السخط يدخل فيها كثيرون بعد تجاوزهم سن الخامسة والأربعين رغم عدم وجود أسباب أو مشاكل واضحة لذلك. و يوضح راوتش أن الأكثر عرضة للدخول فى تلك الدوامة هم من يتمتعون بحياة سلسة هادئة نوعا ما وبالتالى يكونون أكثر قدرة على ملاحظة مرور الزمن وتأثيراته. أما العالقون فى طاحونة الحياة فقد لا يلحظون مرور العمر أصلا. ويؤكد راوتش أنه سرعان ما تتحسن الأمور بعد بلوغ الخمسين، فحينها تتكاثر المشاعر الإيجابية وتتراجع المشاعر السلبية، ويصل الإنسان إلى قمة السعادة والاستقرار العاطفى فى الفترة ما بين الستين والسبعين. وهنا تشير كريستينا بريانت، أستاذ علم النفس بجامعة مالبورن الكندية، إلى أنه مع التقدم فى العمر يكتسب المرء قدرات إدراكية تمكنه من التعامل مع الحياة بصورة أفضل مما يمنحه شعورا بالسعادة والرضا. فلا داعى للجزع إذا كنت حاليا فى قمة منحنى البؤس وتتأسى على ما فاتك، فسرعان ما تمر هذه الفترة الانتقالية. وتذكر الكاتب الفرنسى الشهير فيكتور هوجو، والذى سبق بلانشفلاور وراوتش، عندما قال سن الأربعين هى شيخوخة الشباب والخمسين هى شباب الشيخوخة.


لمزيد من مقالات هناء دكرورى

رابط دائم: