رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رحلة مع.. «الميت»!

مزيج من المشاعر المتضاربة أصابتنى، وأطباء اللجوء إلى كل ما هو طبيعى والبعد عن الدواء على سبيل التجربة، يدعوننى إلى السفر لمراكز الاستشفاء الطبيعى فى العالم.. ومن تلك الاختيارات كانت «الأردن»!، وبالتحديد إلى البحر الميت.

كلمة «الميت» كانت تصيبنى بالرعب، فما الذى سيفيدنى من كائن ميت حتى ولو كان بحرًا أو بركة؟

اقترانه بالبقعة الملوثة التى خسف بها الله الأرض بقوم لوط، لا أنكر أنه كان يثير بداخلى الرعب والاشمئزاز!

ومع ضغط الصديقات ومع فكرة الاندهاش بكل ما هو جديد فى البلاد التى لم أفكر فى زيارتها أبدا.. رحلت.

وعلى بعد ساعة ونصف الساعة من عمان الأردن، سافرت إلى أسفل بقعة فى الأرض التى تصل إلى 420 مترا تحت سطح المتوسط. وتذكرت سى السيد عندما كان يعود مرهقا من العمل ليجد الست أمينة تحضر له وعاء «المية بالملح» ليتخلص من إرهاق اليوم!!

كنا نظنها رفاهية ذكورية وانسحاق أنثوى فى عصر جاهلية انعدام المساواة، وإلخ من الأفكار الشاذة التى أتت علينا وأردتنا إلى الأرض، لكن فى الحقيقة أن الست أمينة كانت تمارس علاج الطب البديل دون أن تعلم على زوجها الذى يكد ويشقى من أجلها وأولادها طول النهار، والذى يدفعنا الآن دفعا إلى استخدام الملح بالمياه للتخلص من السموم ومن المياه الزائدة ومن الطاقة السلبية، فيعود لك نشاطك بعد أن يذهب عنك التعب وكأنك تبدأ اليوم من أول وجديد. ومن هذا المنطلق ارتديت المايوه الشرعى، وفى يدى «جردل» بلاستيك وزجاجة مياه فارغة لأملأه للزملاء والأصدقاء المشتاقين لمياه الميت بتركيز الملح الزائد، وسرت وكأننى طفل صغير يذهب إلى البحر فى مهمة رسمية محددة، وبمنتهى الجدية وصلت إلى هدفى وأنا أهبط درجات الشاطئ إلى الأسفل ثم الأسفل، ثم أسفل السافلين لأصل إلى بقعة لا تتحرك من المياه ذات اللون الأسود!! والطمى الأسود يحيط البركة الميتة! هذا الطمى الذى أضافوه إلى فكرة العلاج والتخلص من السموم بتلطيخك لوجهك وجسمك كله والجلوس تحت الشمس لمدة عشر دقائق، ثم تندب على ظهرك فى البحر الميت لمدة عشر دقائق أخرى تمتص منك كل الآلام!!

كتمت ضحكتى وأنا أكاد لا أميز صديقاتى ولون الطمى الأسود يصبغهن بشكل واحد، وبدأت فى تلطيخ وجهى مثلهن، وما ظهر من يداى وقدماى ومن حولى عصبة الأمم المتحدة القادمون من كل فج عميق فى سياحة اللجوء إلى الطب البديل والتخلص من الآلام والأمراض الجلدية دون عقاقير.

وتحت الشمس كعادتى سرحت لأعود بأحلامى إلى مصر وسياحة الاستشفاء وعيون حلوان الكبريتية والبحر الأحمر ولماذا؟ وكيف؟ ومتي؟ وعلامات استفهام أفقت منها على «مستر محمد» الغطاس، الذى نصحنى بالتخلص من الطمى فى البحر بعد عشر دقائق، ونسى أن يذكرنى أن الوقوف مستحيل، وأننى سأطفو مثل «الفلة» على ظهرى، وأن استخدام المياه لإزالة الطمى من على الوجه ممنوع لأنها بمذاق الخل، وكل ما لم ينصحنى به فعلته!!

وإذا بى مثل البطة المقلوبة كلما حاولت السباحة على وجهى انقلبت، ولم ينقذنى من مأزق الغرق فى الميت إلا عصبة الأمم المتحدة من السواح، الذين يتحدثون كل اللغات ما عدا الإنجليزية.


لمزيد من مقالات دينا ريان;

رابط دائم: