كلمات حرة
ليبيا فى مؤتمر برلين

لماذا كان هذا الاهتمام العالمى الواسع بالوضع الراهن في ليبيا، والذى تمثل في رعاية مستشارة ألمانيا القوية أنجيلا ميركل، المؤتمر الذى عقد في برلين والذى حضرته الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، فضلا عن ألمانيا وإيطاليا، وكذلك مصر والإمارات والجزائر وتركيا، وبحضور ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية... إن اهتمام مصر باستقرار ليبيا أمر لا نقاش فيه، بل هو أمر حيوى وواجب، بحكم الجوار الجغرافى على حدود مصر الغربية كلها. ولا نحتاج هنا للتذكير بالمخاطر التي أحدقت بمصر بعد سقوط نظام القذافى، من خلال تسرب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمخدرات...إلخ، ولا بالعمالة المصرية في ليبيا. باختصار، وكما نكرر دائما، أمن ليبيا هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، على نحو لا شبهة فيه ولا مساومة على الإطلاق. ولكن ليبيا مهمة أيضا للغاية للعالم كله من نواح اقتصادية واستراتيجية لا شك فيها. ففى الأرض الليبية يختزن أكبر احتياطي نفطى في إفريقيا، وهي تاسع دولة في الاحتياطيات النفطية المؤكدة في العالم. ليبيا أيضا رابع دولة من حيث المساحة في إفريقيا لا تسبقها إلا الجزائر والكونغو والسودان، وتحتل المرتبة السابعة عشرة من حيث المساحة على مستوى العالم كله، أي أكبر من بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو تركيا أو اليابان...إلخ . غير أن الاهتمام العالمى الراهن بليبيا يرتبط أيضا وقبل كل شيء بحقيقة أن الصراع الجارى فيها، وحالة الانفلات الأمني والانقسام في السلطة، تجعلها مصدرا محتملا دائما لتسلل الإرهابيين، ولموجات الهجرة غير الشرعية الكثيفة من افريقيا إلى أوروبا. لقد عكس البيان الذى صدر عن اجتماع برلين هذه المخاوف كلها، متحدثا عن عملية برلين الداعية لحل سلمى للأزمة الليبية، وعدم إمكانية الحل العسكرى..هذا كله مفهوم، ولكن الوصول لسلام حقيقى وآمن وعادل، يستلزم قوة تفرضه وتحميه!.