خلال السنوات القليلة الماضية، أصبح الحديث عن الصناعات الإبداعية ودورها فى دعم الاقتصاد من الموضوعات التى تحظى بالاهتمام، خاصة أن لمصر تاريخا طويلا من الريادة فى العديد من الصناعات الإبداعية، سواء فيما يتعلق بالحرف اليدوية والتراثية، أو فى مجال الفنون مثل الموسيقى والأفلام السينمائية، أو البث الإذاعى والتليفزيوني، أو النشر.
ولعل هذه المقومات كانت المحرك الرئيسى لكى يتبنى المجلس الثقافى البريطانى مشروعا رائدا لوضع إطار عام لاقتصاد الصناعات الإبداعية، وخريطة للقطاعات المستهدفة بالاهتمام والتطوير، وهو المشروع الذى استغرق عامين، ونفذه المجلس نيابة عن اتحاد المعاهد الوطنية الأوروبية للثقافة «يونيك»، حيث استهدف المشروع رفع الوعى بأهمية الاقتصاد الإبداعي، وتأكيد دوره فى تحقيق التنمية وخلق فرص العمل وتحقيق عائد اقتصادى للأفراد وللاقتصاد الوطني.
ومؤخرا، احتفل المجلس بانتهاء المشروع بعقد مؤتمر ختامى لهذا المشروع، الذى يحمل اسم «نحو تطوير صناعات الاقتصاد الإبداعى»، أكدت خلاله إليزابيث وايت مديرة المجلس الثقافى البريطانى فى مصر، والممثلة لاتحاد المعاهد الوطنية الأوروبية «يونيك» أن هذا المشروع هو نتاج للتعاون مع وزارات الثقافة والتجارة والصناعة والبيئة والتضامن الاجتماعي، وكذلك ممثلو المجتمع المدنى والقطاع الخاص، ومن حصيلة الجهود المبذولة والنقاشات المثمرة، استطاع المشروع أن يوضح ويحدد من خلال خريطة هذا الاقتصاد الإبداعى فى مصر الوظائف المطلوبة والمهارات اللازمة للقطاعات الأساسية فى هذا المشروع، فضلا عن اقتراح 12 مشروعا سيتم تقديمها للاتحاد الأوروبى لبحث تمويلها، على أن يتم استكمال المشروعات التى سيقع عليها الاختيار وتقديمها للجمهور بنهاية العام الحالي.
وأشارت وايت إلى أن هذا المشروع يتوافق مع استراتيجية التنمية المستدامة التى وضعتها الحكومة، والتى حددت من خلالها أهدافا محددة وآليات واضحة للتنفيذ، ووضعت فى مقدمة اهتماماتها تمكين المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة.
وبدورها، أوضحت كاثى كوستين رئيسة قسم الفنون بالمجلس البريطانى أن مفهوم الاقتصاد الإبداعى موجود فى المملكة المتحدة منذ عقدين تقريبا، ويضخ عوائد ضخمة فى الاقتصاد، وهو واقع يود المجلس أن ينقل للجانب المصرى الخبرات المتعلقة به.
وأشارت إلى أنه حتى الآن، نجح برنامج تنمية الصناعات الإبداعية الذى يتبناه المجلس فى تأمين شراكات مع عدة وزارات ومنظمات غير حكومية، ووفر تدريبا للعشرات، ودعم تنفيذ عدد من المشروعات الواعدة فى 14 محافظة من الدلتا إلى الصعيد.
كلمات المتحدثين خلال جلسات المؤتمر الختامى الذى شاركت فيه نخبة من الأكاديميين والمتخصصين وصناع المحتوى، والنقاشات التى دارت، وشهادات المشاركين فى المشروع، كلها عكست الجهد المبذول لتحقيق هذا الهدف الطموح وإنجاز هذا المشروع المتفرد، واتضح من خلالها مدى جدية المجلس الذى حرص خلال عامى 2018 و2019 على ضمان مشاركة أكثر من 250 فنانا وأكاديميا وممارسا للصناعات الإبداعية على مدى أكثر من 30 لقاء ومائدة حوار لمناقشة المشهد العام لقطاع الاقتصاد الإبداعي، وتحديد التحديات والفرص وأفق التطوير ووضع توصيات لدعم الصناعات الإبداعية فى مصر، والتى اتفق من خلال المناقشات على أن يتم التركيز خلالها على خمسة قطاعات إبداعية هي: السينما والموسيقى وفنون الأداء والنشر والتصميم، حيث تكون لكل قطاع من هذه القطاعات مجموعة عمل ناقشت الواقع الفعلى والتحديات القائمة وانتهت إلى أفكار وتوصيات لدعم هذه القطاعات الواعدة، من خلال العمل على زيادة وعى المشاركين وإنشاء منتدى لتبادل المعلومات بين الأطراف المعنية فى مجال الصناعات الإبداعية فى مصر ودول الاتحاد الأوروبي، وإصدار توصيات للجهات المانحة لمناطق التمويل المحتملة.
كما انتهى المشروع بإصدار 12 مقترحا لتنفيذ برامج تغطى هذه المجالات الخمسة الرئيسية، مع توضيح المبادرات الحكومية الهادفة لدعم الصناعات الإبداعية.
رابط دائم: