رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المحافظون الجدد.. وفرص حقيقية للنجاح

شهدت السنوات القليلة قبل يناير 2011 حالة شديدة من الاستقطاب السياسى والمؤامرات الإخوانيه بالشكل الذى كان له انعكاسات واضحة على مناخ العمل العام وشعر بذلك على وجه الخصوص من كانوا يشغلون مواقع تنفيذية ذات طبيعة جماهيرية مثلما هو الحال مع المحافظين وهو الأمر الذى أربك وربما أعاق البعض منهم من إتمام مشروعات كان من المنتظر أن يكون لها فائدة كبيرة فى محافظاتهم. وفى الفترة التى أعقبت ثورة 30 يونيو، كان هناك أيضاٍ انفلات كبير وأنماط غريبة فى السلوك، فيما يعرف فى العادة بسلوك ما بعد الثورات، وهو ما عانى منه المحافظون لفترة قبل أن تستتب الأمور نسبياً بعد ذلك، وصولاً إلى المناخ الحالى الذى يتسم بالاستقرار وتظهر فيه مظاهر واضحة لصلابة الدولة وقوتها وهو أمر لاشك أنه داعم ومساند لفرص المحافظين فى تحقيق إنجاز حقيقى على أرض الواقع.

نجاح المحافظين الجدد سوف يعتمد ليس فقط على استقرار الأوضاع وعلى صلابة الدولة وإنما على قدرتهم أيضاً على استيعاب المشهد العام واستيعاب الفرص وتفهم التحديات التى تتقاطع ومهام أعمالهم، عليهم مثلاً إدراك أنهم واجهة الدولة والمسئولين عن التعامل اليومى المباشر مع الجماهير، وهو ما يتطلب حسا سياسيا عاليا وقدرة على التحاور والمواجهة والنزول إلى الشارع والتعامل الفورى مع الأحداث اليومية، وتفهم طبيعة وتواضع الموازنات المخصصة مباشرة للمحافظات وأنها لا تمثل كامل الإنفاق حيث هناك مشروعات تتبع الوزارات المركزية لكنها تتم على أراضى المحافظات وهو الأمر الذى يستتبع التعامل الحصيف مع الوزراء من ناحية وتعظيم سبل زيادة الموارد المحلية من ناحية أخري. ومما يزيد من فرص الإنجاز الحقيقى على أرض الواقع اعتبارات مهمة مثل تفهم طبيعة علاقة المحافظ مع الوزارات المختلفة وما يتبعها فى المحافظات، حيث لا ولاية له على الوزارات السيادية مثل الدفاع والعدل والخارجية والداخلية، بينما له ولاية إدارية على ما يتبع وزارات الخدمات ومنها الصحة والتعليم والتموين والزراعة والرى بينما أمورها الفنية من سلطة الوزراء. عليهم الاهتمام بالقضايا الجماهيرية والتى تختلف من محافظة إلى أخري، ففى المحافظات الحضرية تحتل النظافة والنقل العام ورصف الطرق ومواجهة العشوائيات وخدمات المياه والصرف الصحى والتعليم والتشغيل وانضباط الشارع وانتشار الباعة الجائلين أهمية كبيرة لدى المواطن. بينما يهتم المواطنون فى المحافظات الريفية بقضايا توافر مياه الرى ومتطلبات الزراعة مثل توافر الأسمدة والتقاوى وسهولة نقل وتداول وتسويق الحاصلات الزراعية وكذلك تحسين وتنظيم النقل الداخلى وقضايا التشغيل وانتشار البطالة وضعف الخدمات الصحية. وكذلك من المهم الوجود الدائم داخل حدود المحافظة، ومعرفة خصائصها وإمكانياتها ومميزاتها النسبية عن باقى المحافظات بحكم موقعها الجغرافى أو اتساع الأراضى الزراعية بها أو مناطقها الصناعية الضخمة أو موانيها أو جامعاتها الكبرى والآمال والتطلعات الكبرى لمواطنيها والتعامل مع كل ذلك فى إطار التشاور مع مراكز الأبحاث والاستشارات المنتشرة فى الجامعات، وكذلك الجمعيات الأهلية الجادة والنقابات المهنية والقيادات الطبيعية وأصحاب الرأي. من المهم أن تتسم إدارة المحافظ بالجدية والحيادية اللازمة، وأن يحرض على المتابعة المستمرة لقضايا المحافظة ومشروعاتها، وأن تكون مجاملاته الاجتماعية بضوابط صارمة وتفويض الصلاحيات لنوابه ومعاونيه كلما أمكن والبعد عن الشللية والتحوط من محاولة البعض استغلال أى مظاهر للقرب منه لترسيخ مفهوم أن له وضعا خاصا يسمح له بالتكسب له من ورائه، وأن يكون مدخله فى اتخاذ القرار هو دائماً مدخل الرجل الرشيد الذى يحرص على البعد عن العواطف والمجاملات والشبهات فى قضايا تمس الشأن العام أو المال العام. من المهم أيضاً أن يكون للمحافظ اهتمام بقضايا المرأة والمرأة المعيلة على وجه الخصوص وأوضاع الطفل فى الأسر الفقيرة ومتحدى الإعاقة ومحدودى الدخل والفئات المهمشةواستيعاب قضاياهم والعمل على إنصافهم وكذلك تشجيع الجمعيات الأهلية المحلية والقومية فى مشروعاتها لخدمة هذه الطبقات بصورة حقيقية تبعد عن المظهرية أو الأهداف الدعائية. ويجب على المحافظ أيضا أن يدرك الأهمية القصوى للقضايا المصيرية المتجذرة فى محافظته، وهنا يجب أن يدرك من هو فى وضع المسئولية أن الاهتمام بهذه القضايا قد لا يكون له مردود يظهر خلال سنوات توليه المسئولية، إلا أن المؤكد أن جهوده وجهود من يتولون المسئولية بعده فى مواجهتها، ستحقق المراد خاصة فى قضايا محو الأمية والزيادة السكانية ومحاربة الفقر وكلها مرتبطة ببعضها البعض وتحتاج مجهودا كبيرا ونفسا طويلا فى التعامل معها.


لمزيد من مقالات د. جلال مصطفى السعيد

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق