رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منمنمات ثقافية
استمتعوا بهواتفكم الكريهة!!«6»

بعد ظهور أجيال متطورة من أجهزة تعتمد على تطبيقات الذكاء الاصطناعى تؤدى العديد من المهام المعتادة للبشر، وتصميمها أحيانا على صورة الإنسان لتوظيفها فى مجالات تتطلب حسن المظهر ـ كالحسناء صوفيا والمذيعة الروبوت فى اليابان، و«زانج زاو» أول مذيع آلى يقدم نشرات الأخبار فى الصين ـ، وبعد أن تلاشت لحظات الدهشة والانبهار الأولى - طبقا للمثل الشائع «ذهبت السكرة وأتت الفكرةّ!»-، شُغل الباحثون فى القارة الأوروبية وبلاد العم سام بدراسة كيفية معالجة العقل البشرى للمعلومات والبيانات التى يتلقاها يوميا ومقارنتها بالعمليات التى تتم من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعى وتداعيات توغل منظومة الذكاء الاصطناعى فى حياتنا وتأثيرها على عمليات التواصل بين البشر وطرق التفكير وعلى منظومة القيم الاجتماعية والمهنية فى المجتمع.

وكما سبق وأشرنا فى المنمنمة السابقة، تم طرح أسئلة جديدة على طاولة البحث من قبيل، تحديد طبيعة الأعمال التى يتم توظيف الروبوتات فيها والمخاطر الناجمة عن سوء استخدامها سواء من خلال تغذيتها ببرامج تحليل للخطاب تؤدى للتمييز ونشر الكراهية.فرغم أن كثيرين لم تشغلهم فى البدايات إلا المحصلة النهائية للعمل وإتقانه، فإن البعض أدرك أن التكنولوجيا الحالية مليئة بمخاطر أخلاقية جديدة مثل نشر «خطاب الكراهية والتمييز» من قبل من يديرون المنصات الإعلامية عبر الإنترنت من خلال استخدامات معينة للغة والبرامج التى يتم استخدامها لبرمجة الروبوتات.فى هذا السياق اقترح البعض وضع ضوابط وقوانين تضمن عدم إساءة استغلال المعلومات وتحديد المسئولية والمساءلة عن أنظمة الذكاء الاصطناعى ونتائجها، والعمل على وضع أساليب لكشف خطاب الكراهية والتمييز لتلافى التحيز، بينما يشكك البعض الآخر فى جدوى هذه الآلية وتحسبوا من فكرة الضوابط والرقابة التى اقترحتها بعض المنظمات الدولية وتأثيرها السلبى على حرية التعبير وتداول المعلومة. كذلك أبدى البعض تخوفهم من اعتبار ما يعد مزحة، خطابا يحض على الكراهية لشخص أو جماعة ما، مؤكدين صعوبة تصنيف بعض المواد واعتبارها «خطاب حقد»، خاصة مع الكم الهائل من المواد المنشورة على الإنترنت. كما أبدوا تشككهم فى فاعلية تلك الضوابط، مشيرين إلى أن أى عملية لضبط «خطاب الكراهية» ستكون غير مكتملة، ومحذرين من احتمالات استهداف بعض الجماعات أو الأفراد بشكل غير مناسب.تزامن كل ما سبق مع اكتشاف الباحثين، فى مقارنتهم بين الذكاء الاصطناعى والبشري، قصور الأول مهما تبلغ درجة إتقانه للمهام الموكلة إليه، لافتقاده لخيال الإنسان وإبداعه وضميره الذى مكنه من صياغة القوانين وتعديلها طبقا للمتغيرات وابتكار العقاقير وعلاج الأمراض المستعصية والكشف العلمى وبالتبعية اختراع الذكاء الاصطناعي. فى هذا السياق لم يكن مستغربا ما طرحته نائبة مدير الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين، مارينا ووكر جيفارا ـ فى جلسات المؤتمر الحادى عشر للصحافة العالمية للتحقيقات الاستقصائية بمدينة هامبورج الألمانية ـ عندما أكدت أن تطبيقات الذكاء الاصطناعى عملية تحتاج إلى البشر ولن تحل مكان الصحفي. فإذا كانت تطبيقات الذكاء الاصطناعى تتجاوز القدرات البشرية فى سرعة فحص وتنظيم البيانات واسترجاعها ومشاركتها للوصول إلى رؤية شاملة للأشياء، إلا أن قيمة وجدوى هذه المهام مرهونة بالعقل البشرى القادر على برمجة هذه التطبيقات ووضع أهدافها أيا ما كانت. فاستبعاد التحيز أو تصعيده بطرق ملتوية، يعتمد على البرامج التى يتم تغذية الأجهزة بها عن طريق البشر، وبالتالى فإن الاستسلام لغواية الذكاء الاصطناعى ولفكرة الاستغناء عن العقل البشرى لمصلحة تطبيقات تحدد طريقة تفكيرنا وأنشطتنا، بات أمرا عبثيا مرفوضا.فإذا اعتبرنا أن الذكاء الاصطناعى «مستودع للعقل الجماعى» فإن مفتاح المستودع سيظل فى قبضة العقل البشرى ومهارات الإنسان. وسواء كانت هواتفنا كريهة أم رائعة، سيظل خيارنا الوحيد والأفضل الجمع بين إمكانات الذكاء الاصطناعى ومهارات البشر الذهنية فى كل عمل إبداعى سواء أكان اختراعا علميا أم إبداعا أدبيا أو إعلاميا وفى مجالات الترجمة والتدريس، ليظل العقل البشرى المحرك لأدوات مساعدة اسمها.. الذكاء الاصطناعي.


لمزيد من مقالات ســناء صليحــة

رابط دائم: