إذا كان قطار الزواج أيها السادة الكرام ..يا من يأكلكم قلبكم على البلد وسيرة البلد وسيرة الناس الغلابة أمثالى إحساسا وخوفا وقلقا وسهرا ـ وهم كُثر.. برفع الكاف..قد توقف وبلَّط ـ بتشديد اللام ـ فى الخط لحين مقدرة أو لحين ميسرة.. قد تجيء وقد لا تجيء.. وجلست الأمهات ومعهن بناتهن خلف الأبواب والشبابيك واضعين أيديهن على خدودهن.. فى انتظار العريس الذى طال غيابه..
ولم تعد تتردد فى البيوت الطيبة أغانى الزمن الجميل مثل تلك التى كنا نسمعها بصوت شريفة فاضل: جانا على سهوة.. وأبويا رحب بيه.. قدمت له القهوة.. وقِمت ـ بكسر القاف ـ عينى فيه.. لقيته شكله لطيف.. ظريف ودمه خفيف.. وقلبى من جوَّه.. نده وقال هوَّه..
قطار الزواج هذا الذى توقف فى المحطة.. لينطلق بدلا منه قطار آخر اسمه: قطار الطلاق.. بواقع كل 6 دقائق يدق جرس الطلاق فى محطة المجتمع المصرى بحالة طلاق واحدة.. يا ساتر يارب..
ويا ساتر يارب هذه من عندى أنا!
ـ ليه وعشان ايه؟
أسمعكم تسألون بالبلدى كده؟
إليكم أيها السادة والسيدات حكاية هذا القطار النكدي.. من البداية للنهاية:
◘◘◘◘
ولاننى أيها السادة وأيتها السيدات يا من نادين بالصوت الحيانى لفتح ملف نزيف الطلاق الذى أصاب الأسرة المصرية كلها فى مقتل + توقف قطار الزواج فى الوقت نفسه لأسباب معيشية وحياتية تتعلق بشغل الشباب وانشغالهم + انطلاق قطار البنات اللاتى انفك أسرهن وقد خلعن بعيدا عن رقابة الأهل.. برقع الحياء+ تلك الشقق التى قفزت أسعارها إلى السماء السابعة.. لينفرد قطار الطلاق وحده بركابه.. والذى يصعده الآن راكب وراكبة كل 6 دقائق.. تاركا قطار الزواج خاليا بلاركاب.. معطلا على رصيف الحياة..!
هذه هى الحقيقة أيها السادة.. شئناها أم أبيناها!
ولأننى كاتب هذه السطور لم أعد ـ بعد أن مضى بنا قطار العمر.. وأتعبتنا هموم الأيام وسُهد الليالى بضم السين وسكون الهاء والدال ـ ذلك الولد الشقى كما كان يصفنا عمنا محمود السعدنى فى كتاباته اللاذعة ـ الذى كان يقفز فوق حواجز الهموم ويصارع ثعالب الأيام.. فقد أرسلت زميلة عزيزة اسمها نادية أبو زيد من أيام الزمن الصحفى الذى وصفوه بالجميل وهو يستحق وأكثر.. وهى محامية أصلا.. ولها صولات وجولات فى ساحات المحاكم.. لتقوم مقامى فى الجرى و«التنطيط» والذهاب إلى كواليس محاكم الأسرة.. بحثا عن الحقيقة التى قطعت أنفاسنا والتى ننساها دائما ونحن نخوض بأقدامنا وعقولنا وقلوبنا فى وحل الطريق وسيئ المقاصد وغريب النوايا وتلاطم أمواج المشاكل فى بحر الأيام.. كما كنا نفعل فى شبابنا الصحفى فى الزمن الذى أصبحنا نسميه بالجميل والذى ولى وراح..
فذهبت هى وغابت ومعها دعواتنا لتركب قطار الزواج المعطل بفعل فاعل فى محطة الأيام.. فماذا يا ترى عادت به العزيزة المحامية نادية أبو زيد؟
◘◘◘◘
لقد عادت لتقول لنا: لم يعد الرجل يلقى بيمين الطلاق على زوجته المغضوب عليها كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا.. ولكن الزوجة بكل أسف صعدت إلى مقعد الزوج ولبست طربوشه بتاع زمان واعتلت منصة البيت المصرى وقالت للزوج فى وجهه أو عن طريق محام: أنت مخلوع يا باشا.. أنت من الآن لست زوجي.. وليس لك منى الطاعة والولاء.. لقد أصبحت من الآن حرة طليقة.. لتسجل بورصة الزواج والطلاق فى بلدنا.. حالة طلاق واحدة كل 6 دقائق.. يا خبر!
واحسبوها أنتم.. كم حالة طلاق مصرية فى الساعة.. ثم فى اليوم .ثم فى الشهر ثم فى السنة.. يا من تعرفون وتسمعون يا معشر الأزواج والزوجات..؟
تعالوا ياأولى الأمر نفكر معاً فى طوق نجاة نتعلق به لعله ينقذنا من انهيار وشيك للأسرة المصرية، فى ظل قانون قبيح الوجه.. سيئ النوايا.. خبيث المقاصد.. اسمه قانون الخلع الذى ــ شئنا أم أبينا ــ يقودنا كلنا إلى الهاوية!
الذى نعرفه أيها السادة أنه عندما يتم تشريع قانون يعالج مشاكل الزوجية ينبغى على المشرع أن ينظر إلى كل الوجوه فيه لأن الأسرة هى كيان المجتمع. فإذا انصلح حال الأسرة انصلح بالتالى حال المجتمع كله. هكذا تعلمنا وهكذا تربينا..
رفقا بنا أيها المشرعون العظام بأولادنا وبناتنا وبأنفسنا نحن من دعاوى الخلع هذه لأنهم فى النهاية هم من يدفعون الثمن.. ويا له من ثمن..!
فالزوجة عادة ترفع دعوى الخُلع دون مراعاة لما سيحدث لأولادها وسط الخلافات الأسرية.. ودعاوى الانفصال بين الأم والأب؟
◘◘◘◘
مازالت نادية أبو زيد تكتب: نحن فى حاجة لقانون يساعد الأسرة على الترابط والمحبة لا على الانفصال والضياع.. ليكون الأب والأم قدوة حسنة ..ويكون القانون هنا هو السند والحامى وراعى العدالة وميزانها.. فى الوقت نفسه. ومن عنده كلام آخر فليتفضل..
◘◘◘◘
تعالوا نفتح معا ملفات حالات الخُلع.
أولها: ملف حالة المهندس كارم.. السحاب فى حكايته يتراكم ليتساقط المطر كما تتساقط أوراق الشجر أيام الخريف، الجو ينذر بسوء الأحوال الجوية.
ولكن هل كان عمنا كارم يهتم بسوء الأحوال الجوية وهو يسوق عربته على الطريق السريع بعد يوم شاق فى موقع عمله كمهندس معمارى لأحد المشروعات الكبري.
وبقدر ما كان قلبه موجوعا حزينا ومنكسر النفس والفؤاد. فقد كانت صدمته هائلة فى زوجته وأم أولاده.. عشرة عمره كله التى كان ـ كما يقول ـ يلبى لها كل ما تطلبه.
فقد ترك الشقة التمليك ليأخذ بدلاً منها «شقة إيجار» لأنها فى منطقة راقية ولم يمانع، فى دفع مبلغ باهظ للاشتراك فى أحد النوادى الكبيرة + سيارة خاصة بها + طلبات كثيرة لا تنتهى وهو ميسور الحال فكان يلبى طلباتها عن طيب خاطر.. وحياتهم ـ كما يقول ـ كانت تسير وتمضى والأولاد آخر استقرار وفى خير حال.
وفى أحد الأيام.. وفى موقع عمله فوجيء بحضرة المحضر واقفا أمامه ليسلمه صورة من «حكم خُلع» تصوروا!
ايه الحكاية؟
الجواب: لقد رفعت عليه زوجته دعوى خُلع فجأة دون مقدمات وهو لا يعرف لماذا؟
وكيف لم يعرف أصلا بأن هناك دعوى خلع قبل صدور الحكم؟
وهل هذا الحكم بالخلع يا ترى بهذه الطريقة من أصول الشرع والقانون والدين؟
وكيف سيكون حال أولاده عندما يعلمون بالأمر؟
ثم كيف رفعت زوجته دعوى خلع ولم تخبره أصلا بالأمر؟
كانت أفكاره مضطربة وكان عقله شاردا وفى رأسه سؤال واحد: كيف غدرت به زوجته.. عشرة عمره فجأة ودون مقدمات، والسبب قانون دخيل علينا! اسمه قانون الخلع.. فرق بين الزوج وزوجته وأولاده.. دون علمه وفى غفلة من الزمن..
◘◘◘◘
تلك أيها السادة والسيدات كانت حالة من حالات الخلع التى تثير المواجع..
دعونا نتساءل: لماذا انهارت الحياة الزوجية لأسباب واهية ليدفع أولادنا الثمن؟
إليكم أيها السادة والسيدات حالة أخرى أكثر حزنا.. وأكثر شجنا وأكثر غرابة.. إنها حالة عمنا محسن ـ وهذا الاسم الأول من اسمه.. وهو محاسب بإحدى الشركات الكبرى ولكنه لم يوفق فى حياته ـ كما يقول ـ مع زوجته واتفق الاثنان على الانفصال والتعاون فيما بينهما على رعاية أطفالهم الصغار..
وتمضى الأيام وتعرف هو على سيدة مطلقة وعندها طفل وتزوج منها وطلبت منه أن يدخل ابنها مدرسة لغات مثل أولاده ـ فقد كان الطفل يعيش معهما ـ وانصاع هو لأمرها وألحق طفلها بمدرسة لغات هو الآخر مثل أولاده..
وبعد فترة مرض والدها بمرض فى القلب.. وقال الطبيب انه يحتاج لعملية بمبلغ كبير وظروف أسرتها المالية لاتسمح بإجراء العملية، ولكن زوجها تكفل بإجراء العملية عن طيب خاطر.. وبعد فترة طلبت منه شراء سيارة خاصة بها ولم يمانع وطلبت منه أن تكون شقة الزوجية باسمها تأكيدا على حبه لها ولم يمانع هو.. وبعد أن رزق منها بطفل فوجيء بأنها مازالت على اتصال بزوجها السابق..
وعندما سألها عن السبب؟
قالت: إن لها مشروع شغل مشترك معه من زمان.. وتعجب هو: لماذا لم تحدثه عنه من قبل.. ولكنه لم يجد إجابة!
وبعد فترة غيرت كالون باب الشقة حتى لايتمكن هو حتى من الدخول.. ولم تتوقف.. بل رفعت عليه دعوى خُلع.. تصوروا!
◘◘◘◘
ما الذى حدث للأسرة المصرية لتصل نسبة الخُلع أو الطلاق لـ 65% كما تقول آخر الاحصاءات.؟ ما الذى أصاب الاسرة المصرية حتى تتفكك هكذا فى وضح النهار؟
ولكن لذلك إن شاء الله.. حديثا آخر
-------------------------------------------------
كانت أفكاره مضطربة وكان عقله شاردا وفى رأسه سؤال واحد: كيف غدرت به زوجته.. عشرة عمره فجأة ودون مقدمات، والسبب قانون دخيل علينا؟ اسمه قانون الخلع..
Email:[email protected]
Email:
[email protected]لمزيد من مقالات عزت السعدنى رابط دائم: