رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الأبوان» يكشف محاذير وأسرار الدولة المقدسة للفاتيكان

مشيــر عبد اللـه

السينما سحر وخيال ولكن حينما يمتزج الخيال مع الواقع نكون أمام حالة فنية من نوع خاص يجسدها فيلم The Two Popes أو «الأبوان» لأنطونى هوبكنز وجونثان بيرسى حيث إنه مأخوذ عن أحداث حقيقية وقعت بين عامى 2012 و2013، وهى الفترة التى تنازل فيها بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر عن البابوية، البابا الحالى «فرنسيس» وفى قصة تحوى العديد من الأسرار التى لم تكن معلومة آنذاك، ولكن الخيال المتمثل فى الفيلم أزاح الستار عن الكثير منها سواء السياسية المتمثلة فى فساد مصرف الفاتيكان أو الفضائح التى رفض الفاتيكان مناقشة ملفها آنذاك المتعلقة بعدد من الكهنة التابعين له.

القصة كتبها أنطونيو ماكرتين وهو كاتب متخصص فى سرد السير الذاتية والأحداث التاريخية فهو كاتب أفلام «نظرية كل شئ» The Theory of everything والذى تدور أحداثه عن حياة العالم الكبير ستيفن هوكينج 2014، وفيلم الساعات الأشد سوادا The Darkest Hours الذى يحكى فيه عن تشرشل وكيفية توليه رئاسة وزراء بريطانيا وقت الحرب العالمية وكيف تعامل مع الألمان فى هذه الحرب فى أسرار نشرت لأول مرة عام 2017.

وفى 2018، «Bohemian Rhapsody » أو« المفتون بالبوهيمية» الذى يحكى عن فريق الموسيقى كوين QUEEN وبطل الفرقة فيردى ميركورى أو فاروق الاسم الأصلى له.

ثم جاء عام 2019، لنرى تحفته «الأبوان » التى تميزت بحوار مكثف فى موضوعات شائكة لا يقل الحوار فيها أهمية عن «الصورة» حيث بدأت الأحداث عام 2005 بموعظة للأب فرنسيس تبدأ عن « شاب فى الغابة اسمه فرانسيسكو برناردونى».

وفجأة وجد كنيسة مدمرة وجدرانا مهدمة وعندما دخل إليها وجد الصليب مازال معلقا فشعر بأنه مفتون به وتكلم معه وطلب منه إصلاح الكنيسة. ولأنه شخصية عملية ذهب للجبل وقطع أحجارا وأصلح الجدران المهدمة فأى رحلة مهما تكن طويلة يجب أن تبدأ من مكان ما وأى رحلة مهما تكن مجيدة يمكن أن تبدأ بغلطة لذلك عندما تشعر أنك تائه لاتقلق فالله موجود.

تبدأ الأحداث بوفاة البابا يوحنا بولس الثانى الذى كان نصيرا لحقوق الإنسان وناضل من أجل تحقيق العدالة للفقراء وتواصل مع ممثلى الأديان لتحقيق الوحدة .. وكيف كان حال الكنيسة وقت وفاة البابا يوحنا ثم طريقة اختيار البابا بنديكت السادس عشر وأول لقاء بين بنديكت وفرنسيس ولم يكن لقاء فيه تسامح من جانب بنديكت لأنه يعرف رأى فرنسيس صراحة فى الكنيسة.

أيضا دمج الأحداث السياسية التى شهدتها الأرجنتين فى السبعينيات و التى حدثت للبابا فرنسيس وحياته فى الخمسينيات والحياة الخاصة بالبابا بنديكت السادس عشر.

السيناريو كتب بحرفية عالية حتى إن الأحداث تجاوزت الساعتين أكثرها حوار بين شخصين لكن لا شعور بالملل وقد فاز كل أبطال أنطونيو ماكرتين فى أفلام السيرة الذاتية بالأوسكار.

التمثيل : أنطونى هوبكنز الحاصل على الأوسكار عام 1992 عن فيلم «صمت الحملان»، الذى أدى كل الشخصيات الشرير منها والطيب وهنا فى شخصية البابا بنديكت السادس عشر الألمانى الأصل يؤدى الشخصية وكأنه البابا فهو ممثل يكفى ذكر اسمه لنعرف أننا امام فيلم كبير: أداء سلس ومباراة فى الأداء قوية جدا كما فى المشاهد التى يكتشف فيها شخصية الاب فرنسيس ليتأكد أنه الذى يجب ان يأتى مكانه .

جونثان بيرسى فى شخصية البابا فرنسيس: بدأ التمثيل منذ بداية السبعينيات ورشح للجولدن جلوب مرتين عام 1993 عن فيلم «البرابرة عند البوابة»، وأدى العديد من الأدوار المهمة على مدى تاريخه السينمائى والتليفزيونى منها أفلام جيمس بوند ولعبة العروش فهو ممثل من طراز خاص وجاء اختياره لأداء شخصية البابا فرنسيس للتشابه الكبير بينهما ولكنه استطاع ان يؤدى مباراة فى التمثيل أمام هوبكنز قمة فى الروعة فى مشاهد الحوار بينهما التى اتسمت بهدوء من جانب هوبكنز والثورة من بيرسى بل ليترشح لجائزة الجولدن جلوب بجانب أنطونى هوبكنز.

جان مونجين فى شخصية «فرنسيس شابا » ممثل كبير فى السينما الأرجنتينية وفى أول ظهوره مع شبكة نيتفليكس استطاع أن يؤدى دور الكاهن بتفهم كامل للدراما ليكتمل بادائه شخصية البابا فرنسيس.

التصوير: سيزر شارلون: الصورة فى فيلم تدور أحداثه عن أشخاص وأماكن مقدسة تحتاج إلى نعومة خاصة فى الإضاءة وهو ما استطاع إبداعه سيزر فكان اللون الأبيض هو البطل ووضوح الوجوه فكانت الصورة ناجحة فى إيصال إحساس الشخصيات الدينية المتسامحة بألوانها بما يخدم الإحساس بالحالة التى نشاهدها عن شخصين كبيرين رغم استخدام الكاميرا المحمولة فى فترات طويلة واستخدام اللقطات القريبة بكثرة .. وقد رشح من قبل للاوسكار عن فيلم «مدينة العرب» 2002 .

المونتاج: فرناندو استتز: التعامل مع فيلم يقوم على الحوار يحتاج إلى إيقاع سريع لعدم شعور المشاهد بالملل وهو ما أجاده فيرناندو: أيضا عبر تعامله مع شريط الصوت واستخدامه خاصية الصمت والتقطيعات بين الأبوين بعد فوز فرنسيس بالمقعد البابوى من أجمل المشاهد التى تنقل فيها المونتاج وبين الأرجنتين وأيضا المزج بين التسجيلى الواقعى وأبطال الفيلم فكان سرد الإحداث سلسا.

الموسيقى لبيرسى ديسنير:رغم أعماله القليلة فى الأفلام فإنه تعامل مع الدراما بشكل مختلف فعند اختيار البابا بنديكت كانت الموسيقى فى الخلفية أغنية دانس كوين للفرقة السويدية «أبا» وهى الأغنية التى لا يستسيغها البابا الفائز .. ولكنه اختار الأغانى الإيطالية فيما بعد حينما وصل البابا لروما بعد مغادرته المنزل الصيفى وأيضا استخدم أغانى التانجو الأرجنتينية فى فترة الخمسينيات للبابا فرنسيس ودائما ما استخدم آلة وحيدة مثل الجيتار لإعطاء جو الأرجنتين وحينما وصل فرنسيس الى الفاتيكان ودخوله أول مرة لقاعة السياح والزائرين لانتظار البابا بدأ باستخدام الساكس ثم تابعها البيانو لإعطاء انطباع الانبهار بالمكان فكانت الموسيقى مواكبة لدراما الفيلم.

الإخراج لفرناندو ميرليس: التصدى لفيلم تدور أحداثه حول أشخاص فى أعلى سلطة دينية أمر شديد الصعوبة حيث إن أصحاب الشخصيات موجودون ونسبة المشاهدة ستكون عالية لقوة الموضوع فكيف تعامل فرناندو المرشح للأوسكار من قبل.

تعامل بهدوء فى حركة الكاميرا فى مشاهد الفاتيكان والإضاءة الناعمة على عكس تعامله مع مشاهد الأرجنتين سواء السبعينيات أو الخمسينيات بل أعطى الممثلين مساحة إبداع كبيرة ففترات صمت أنطونى هوبكنز فى الحوار مع بيرسى كانت فى خدمة الدراما ولم تخل بالإيقاع وهى عملية إخراجية فى قيادة الممثل بهذه الكيفية. أيضا اختيار الممثل الأرجنتينى جان مونجين فى شخصية «فرنسيس شابا» من المفردات التى خدمت الدراما فهو فيلم تطرق لمحاذير وأسرار كبيرة داخل الدولة المقدسة «الفاتيكان» فكان من أجمل ما أنتجت «نتفليكس».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق