رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معجزة إلهية
خيرية الجندية المصرية

مما لا ريب فيه أن الجندية شرف وبطولة، وهي الحصن المنيع للأوطان من كيد الأعداء والبغاة، ودرعها الواقية ضد مكر المتربصين، وهي مهمة شريفة ذات مكانة عالية في الدنيا والدين والآخرة.

وهذا أمر ثابت في الأدلة الشرعيَّة القولية والعملية؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل» (متفقٌ عليه)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ» (سنن الترمذي).

ويحتل جيش مصر المرتبة الأولى في هذه الخيرية عقيدة وقيادة وجندًا عبر الأزمنة والقرون، حيث ورد وصفهم بذلك على لسان الصادق المصدوق «صلى الله عليه وسلم» وذلك فيما رواه عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يقول: «إِذَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ مِصْرَ؛ فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الْجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ»، فقال أبو بكر الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: «لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة» (فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم)، وقد جاءت الآثار مؤيدة لذلك فيما ورد في دواوين السنة النبوية المطهرة التي تبين فضل الجند الغربي وهو جند مصر على مر التاريخ وعبر القرون والأزمنة.

وهي شهادة حق، شهد بصدقها الواقع والتاريخ، فلم يظهر على أعداء الدين والأوطان من أهل الشر الكائدين سواه في تاريخ الأمة الممتد عبر العصور، ومن ثَمَّ تماسك رمق الإسلام بهذه الانتصارات الخالدة، وبقيت بقية الدين، ولولا ذلك لانصدع بناء الأمة القويم، وانهدم عمود الملة.

إن شعب مصر هم الجند الغربي السالم من الفتن والمعافى من القلاقل والاضطرابات؛ فلم يصبه شيء مما أصاب غيره من شعوب الأرض عبر التاريخ في هذا الشأن، وهي منقبة جليلة ومعجزة نبوية ظاهرة، حيث كشف النبي «صلى الله عليه وسلم» عنها في صدر الإسلام بقوله الخالد الذي رواه الصحابي الجليل عمرو بن الحمق رضي الله عنه: «تكون فتنة، يكون أسلم الناس فيها، أو قال: خير الناس فيها الجند الغربي»، قال عمرو بن الحمق: «فلذلك قدمت عليكم مصر» (معجم الطبراني الأوسط).

وذلك لما امتازت به الأمة المصرية من وسطية فريدة بين الثقافات والأجناس والحضارات من جهة، ولعبقرية موقعها رأسيًّا وأفقيًّا على خريطة المعمورة من جهة أخرى، وهي سمات جعلت عند الإنسان المصري استعدادًا بالفطرة للمشاركة الإيجابية في مسيرة السلام والحضارة والعمران، والتفاوت في ذلك من شخص إلى آخر كتفاوت أهل العلم في تحصيل العلوم، كل هذا مع بركة خيراتها وتنوع خزائنها ومواردها.

لكن قدر الخير لهذه البلاد أن تحاط بجندية قوية عسكرية وأمنية تحفظ اتجاهاتها الاستراتيجية المتنوعة وأمنها القومي والداخلي برًّا وبحرًا وجوًّا في السِلم وفي الحرب وفي العلن وفي الخفاء مِن مؤامرات الأعادي عليها، وهي مخاطر وتحديات لن تنال من شموخ الجندية المصرية ولا كبريائها، فحال أصحابها يذكرنا بمقولة قالها الأعشى الشاعر القديم المعروف:  

كناطح صخرةٍ يومًا ليُوهنها ... فلم يضرها وأوْهَى قرنَه الوعلُ

فالجيش المصري سيظل برجاله وقادته رمز العزة والكرامة، وحامي حمى الأمة العربية والإسلامية والإنسانية، وملجأها في الشدائد والملمات، والمدافع عن حقوقها، وسيبقى الجندي المصري شوكة في حلوق المتربصين من هنا وهناك؛ لأن تزكية النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية لأهل مصر ودوام رباط جندها الأبطال تتساند مع بشارة ونصرة الله تعالى لرسوله «صلى الله عليه وسلم» في قوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)، والتي نستلهمها في الوقوف ضد التحديات والأخطار التي تحاك ضد هذا البلد الطيب مع إعداد العدة وتحقق الهمة في دحر الإرهاب والأعداء معًا بعون الله ومدده وقوته.


لمزيد من مقالات د. شوقى علام مفتى الجمهورية

رابط دائم: