رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كُن إنسانا بالحقيقة

وقت مجيء السيد المسيح متجسدا فى بيت لحم إلى القرية الفقيرة فى فلسطين .... كان وقتاً فريداً فى تاريخ البشرية إذ أراد الرب أن يتواصل مع البشر مباشرة ولذا أصبح واحدا منا. لم يرسل ملاكاً ولا رئيس ملائكة ولا نبيا ولا رجل سياسة ولا سفيرا وذلك لأن اعلان الحب لأحد لا يكون من خلال مندوب .. الحب لا يصل الا من خلال صاحبه نحو محبوبه مباشرة.

وصار عمانؤيل الله معنا، وان كان الله معنا فمن علينا (رو 8 : 31) ولكن بسبب الخطية التى دخلت العالم تسلل الحقد والعنف والجريمة فى حياة البشر وصارت حياة البشر مليئة بالصراعات والحروب التى راح ضحيتها ملايين من البشر .. وفقد الإنسان إنسانيته ورخصت الحياة فى عينيه وتملك الحقد ورفض الآخر من قلبه وصار انسان هذا الزمان يبحث عن إنسانيته التى ضاعت وكذلك التكنولوجيا باختراعاتها التى جعلت منه (إلها) ولم تعد الأجهزة الحديثة عبدا للإنسان بل صارت سيده وتتحكم فيه طوال النهار والليل .

وجاء ميلاد السيد المسيح ليحقق للإنسان إنسانيته المفقودة والتى تقوم على ثلاثة أعمدة أساسية :

1 - معايشة الحب.... أن يعيش الحب ويعيش بالحب كل يوم.

2- ممارسة الخير... أن يصنع الخير تشبهاً بسيده صانع الخيرات.

3- مُعاينة الجمال ... أن يتذوق الجمال فى الطبيعة وفى الآخر.

واحداث الميلاد المجيد التى يرويها الانجيل المقدس تكشف لنا هذه السمات التى تقوم عليها الانسانية الحقيقية.

اولا معايشة الحب ... وقد ظهر هذا جلياً فى طبيعة الرعاة البسطاء الذين كانوا أول من عاينوا ميلاد السيد المسيح وتلقوا الاخبار الأولى بفرح وابتهاج.لقد كان سهرهم وامانتهم فى قيادة القطيع هو السبب الرئيسى فى معرفتهم بالخبر السعيد وقد اختبروا عن قرب أنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به تكون له الحياة الأبدية ( يوحنا 3 : 16) ومع هذا السهر كان استعدادهم واستجابتهم الفورية لإعلان الملاك ها أنا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب (لوقا 2 : 10) ثم حضورهم الى المزود وزيارتهم للطفل يسوع وهم فى غاية الاستقامة والحب لكل أحد: القطيع والطبيعة والملائكة وكل البشر.

لقد كانت بساطتهم صورة من صور الحب الذى يحركهم فى علاقاتهم مع الآخر وهكذا صاروا بإنسانيتهم صورة جميلة لمن يعيش الحب ويعيش بالحب فى كل يوم.

ثانيا ممارسة الخير ... وقد ظهر هذا فى طبيعة المجوس القادمين من الشرق إذ كان بحثهم عن النجم وتفسيرهم لمعنى ظهوره ثم استجابتهم وتقديم هداياهم القيمة واستعدادهم للحضور فى رحلة طويلة وشاقة على ظهور الجمال حتى وصولهم وبحثهم الدقيق عن الصبى .

كان لديهم إصرار على أن يمارسوا خيرا ويقابلوا هذا الصبى الذى يعلن لهم الحقيقة التى كان يبحث عنها فلاسفتهم وكتبهم وكذلك عودتهم من طريق أخرى بعيداًعن الملك.

وعلى نفس السياق نجد أن أصحاب المزود الذين استضافوا القديسة مريم العذراء وهى حامل والقديس يوسف النجار حارس سر التجسد الالهى وسط زحام البلدة الفقيرة بيت لحم والتى لم يكن فيها موطئا لقدم. لقد صنعوا خيرا وبصورة دافئة استحقوا هذه البركات التى حلت على مكانهم عبر الزمان وصار المزود مقصد الأجيال للبركة والصلاة.

الإنسانية تتحقق فى الإنسان بعمل الخير لكل أحد حتى للغرباء وهذه هى المشاعر الإنسانية الحقيقية.

ثالثا معاينة الجمال .. اى تذوق الجمال الذى كان فى احداث الميلاد المجيد والذى على قمته جوقة الملائكة التى ظهرت فى السماء وانشدت الملائكة المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام والناس المسرة ( لو 2 : 14)

بلا شك كان مشهداً سماوياً بديعاً كله جمال، والكلمات التى تعبر عن إنسانية الإنسان من خلال تمجيد اسم الله فى حياته وثانيا بنشر السلام بين الآخرين واخيراً بحصاد الفرح والمسرة لكل أحد وهذا هو الهدف الاصيل للحياة أن يحيا كل انسان سعيداً كقول الكتاب وجئت ليكون لكم حياة وليكون لكم افضل (يو 10 : 10 ). يتأمل القديس يوحنا ذهبى الفم ويعتبر أن نجم الميلاد كان ملاكا ً وهو الذى رسم لوحة جميلة فى السماء مع الملائكة التى أنشدت تسبحة الميلاد المجيد .

ايها الانسان العزيز إن أردت أن ترى الإنسانية فى وجودك، وقصد الله من خلقتك، فعليك أن تعيش الحب وتكون محبا ومحبوبا لكل أحد حتى الى الأعداء، وعليك أن تصنع الخير وتمارسه دوماً مع كل أحد بلا استثناء، واخيراً أن تتذوق الجمال فى أسرتك وحياتك والطبيعة والكنيسة والمجتمع الذى تعيش فيه، واعلم انك بغير ذلك تتخلى عن انسانيتك وتكون اى شيء إلا انساناً.

ونحن نحتفل بهذه المناسبة السعيدة نصلى من أجل وطننا العزيز مصر ولكل المسئولين فيه وفى المقدمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية الذى يقود البلاد بهمة ومسئولية وجدية وإخلاص مما يرفع شأن بلادنا وسط العالم الذى صار يحترم مصر وقيادتها، كما نصلى لأجل مناطق الصراع والعنف لكى يحل السلام فى ربوعها وتنعم بالاستقرار والتنمية من أجل شعوبها وكل عام وجميعكم بخير وسلام.

 

> بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية


لمزيد من مقالات ◀ البابا. تواضروس الثانى

رابط دائم: