رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

برعاية الأزهر الشريف..
«وحدة الوفاق» لعلاج التفكك الأسرى

تحقيق ــ مروة البشير
احدى الواعظات فى اثناء القائها محاضرة للطالبات

  • واعظات يلعبن دورا جديدا لمواجهة عقوق الوالدين وحماية الأبناء من التطرف
  • أمين عام مجمع البحوث الإسلامية: الأزهر يدرك أهمية المرأة فى المواجهات الفكرية وخبرة الواعظة تؤهلها للتعامل مع المشكلات
  • الأمين العام المساعد لشئون الواعظات بالمجمع: لدينا خطط داخل المدارس والنوادى لغرس الأخلاق وتصحيح الظواهر السلبية
  • هالة محمد: وسائل التواصل الاجتماعى من أهم المنابر لإصلاح المجتمع
  • كريمة سالم: المرأة مؤهلة لإيجاد حلول لأنها تمتلك الحجة والقدرة على الإقناع

 

 

 

يظن الكثيرون أن دور الدين يقتصر فقط على الجوانب الدعوية، وربما لا يعرف كثيرون أن المشتغلين بالدين كانوا قديما يقومون بكل شىء، بدءاً من التربية وتعليم مبادئ الأخلاق ورعاية الصغار حتى الفصل فى النزاعات بين الناس.. فالواعظ الدينى والواعظة كان لهما دور أساسى فى بناء الأسرة ووضع الركائز الاساسية للمنزل وحل المشكلات الأسرية وغيرها.

هذا الدور ربما يعود من جديد بعد تأسيس «وحدة الوفاق الأسري» التى تقوم عليها عدد من الواعظات المستنيرات لأداء دور اجتماعى جديد إلى جانب الدور الدينى الذى بات المجتمع فى أمسّ الحاجة إليه بعد تفشى الخلافات الأسرية وطغيان المشكلات الزوجية وكذلك تراجع دور الاسرة فى تربية الاجيال.. تفاصيل وتساؤلات كثيرة طرحتها سطور هذا التحقيق.

فى البداية تشير الواعظة هاجر عصام إلى أن هناك اعتقاداً لدى بعض السيدات فى قدرة الدجل على تخليصهن من المشكلات خاصة فى الريف، ظنا منهن انها وسيلة للحفاظ على الزوج، وتحصين الأموال والأولاد لدرجة قد تجعل السيدة تنفق الكثير من الأموال على الدجالين، وكان ذلك يغضب الزوج ويحدث الكثير من المشكلات بين الزوجين، وبالحديث مع الزوجة عدة مرات وبيان عدم قدرة هؤلاء الدجالين فى جلب أى خير أو دفع أى شر، من خلال أسئلة تجيب عنها الزوجة نفسها اقتنعت بحرمة هذا الفعل وعزمت على عدم العودة إليه مرة أخري، مما ترك أثرا إيجابيا على الأسرة بوجه عام.


الدكتور نظير محمد عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية

وتشير إلى العديد من المشكلات التى تتصدى لها الواعظات يوميا ومنها زوجة دائمًا تفتعل المشكلات مع زوجها بسبب غيرتها الشديدة عليه، لأن طبيعة عمل زوجها تقتضى التعامل مع السيدات، وبسؤالها عن أخلاق زوجها شهدت له بحُسن الخلق، ولكنها دائمًا تفسر المواقف بسوء ظن فى زوجها فنؤكد لها أن هذه الظنون من وساوس الشيطان التى تدمر كل علاقة زوجية ناجحة، لذلك يُخيَل إليها أفعال لم تصدر من زوجها، ونؤكد عليها ضرورة اتخاذ كل السبل للحفاظ على أسرتها وأن هذه الغيرة إذا استمرت قد تكون سببا فى فساد علاقتها بزوجها ونوضح لها أنه بالتدرب على ضبط النفس ستتعافى من غيرتها.

لافتة الى ان أكثر المشكلات انتشارا هى تدخل أهل الزوج فى حياة الزوجين حيث اشتكت أم من أن زوجة ابنها تخفى كثيرا من أحوال البيت عنها، وكانت الأم تعتقد بأن من حقها معرفة كل صغيرة وكبيرة عن بيت ابنها، وبالحديث مع الأم وبيان حدود الشرع فى العلاقات الأسرية، وبتذكيرها بحالها عندما كانت فى بداية حياتها الزوجية صححت الأم المفهوم الخاطئ التى كانت تعتقد به.

ومن المشكلات التى تحدث كثيرا فى المنازل والتى قد تصل مضاعفتها إلى الطلاق، كره الزوجة لأهل زوجها ومعاداتها لهم، حيث كانت تظن الزوجة بأن أهل زوجها يكرهون كل خير لها، وانزعاجها مع كل اتصال للزوج بأهله، وبالحديث مع الزوجة وبيان حقوق أهل الزوج عليه، وأنه يجب عليه برّ أهله ومعاملتهم معاملة حسنة، وأن هذا البّر سيعكس البركة على حياتها مع زوجها ومع أولادها، وكان ذلك بعرض مبسط لحقوق الوالدين وأن طاعتهما لا تتعارض مع حبه لزوجته، وبذكر بعض القصص الواقعية والتى كان لها أثر فى إقناعها بخطأ تصورها.

وحدة الوفاق الأسري

وعن وحدة الوفاق الأسرى ودور الواعظات من خلالها، تقول الواعظة أسماء أحمد حميدة، إنها وحدة تعالج أسباب الاختلال والعنف والتفكك فى الأسرة ودور الرعاية وعدم التوافق والنزاعات بين الزوجين وما يترتب على ذلك من هدم الكيان الأسرى بالفرقة أو الطلاق أو الخلع.... إلخ، وذلك بوضع الخطط المناسبة لعلاجها، وإصلاحها وإعادتها إلى الطريق الصحيح.

ومن أهداف الوحدة بناء علاقات أسرية سليمة؛ تسهم فى بناء مجتمع مستقر، والقضاء على التفكك الأسرى فى المجتمع، والقضاء على العنف بجميع أشكاله وألوانه والعقوق والخلع والطلاق، ونشر البرامج التوعوية للقضاء على هذه الظواهر، كذلك تنمية الوعى الثقافى لدى الفرد والمجتمع لبناء أسرة آمنة ومستقرة، والعمل على إرساء قواعد الحوار الأسرى السليم.

تدريب عملي

ومن جانبها تؤكد الواعظة كريمة عودة سالم أن المرأة مؤهلة للمشاركة بقوة فى حل المشكلات الأسرية من ناحية القدرة على الإقناع وامتلاك الحجج، فأنوثة المرأة لا تعوق قيامها بدورها فى حل المشكلات الأسرية خاصة إذا كانت مؤهلة ومدربة على ذلك، وهذا حال واعظات الأزهر اللاتى تم اختيارهن بعناية وكذلك تدريبهن العملى والتطبيقى على حل المشكلات التى تعرض فى لجان الفتوى والمصالحات الأسرية، بل إن وجود الواعظة فى لجنة المصالحة يعطى للمرأة إحساسا بالراحة بأنها وجدت من تشعر بها وبما تعانيه من مشكلات نفسية واجتماعية قد لا يستطيع الواعظ إدراكها. لذلك كثيرا ما تعرض على الواعظات أثناء الدروس المشكلات والمواقف التى يتم أخذ رأيها فى كيفية التعامل معها، وبهذا اكتسبت الواعظة الخبرة فى كيفية التعامل مع المشكلات الأسرية وأصبحت تمتلك وبقوة القدرة على إلاقناع بشتى الطرق النقلية والعقلية.


د.الهام شاهين

وسائل التواصل الاجتماعي

كما تقول الواعظة هالة محمد عبده ان وسائل التواصل الاجتماعى اصبحت من المنابر الدعوية المهمة، نظرًا لاستقطابها شرائح كبيرة بثقافات متعددة، لذلك لابد أن توضع فى الحسبان الدعوى والتوعوي، كما أن تنوع برامج التواصل الاجتماعى مع سهولة استخدامها أدى إلى تيسير سبل الوعظ عن طريقها، ولأن استخدام وسائل التواصل فى تقديم خدمة وعظية تؤتى ثمارها فى توصيل صحيح الدين لكل هذه الشرائح مع اختلاف ثقافتهم ليس بالأمر السهل، لذلك كان تقديم الخدمات الوعظية عن طريق واعظاتنا مدروسا وممنهجا وبعد مراجعة من أهل التخصص، لأننا نسعى دائمًا إلى إنشاء قاعدة جماهيرية تثق فيما يقدم من معلومات عن طريق الوعظ النسائي، وقد تم نشر مقالات دعوية عديدة بقلم واعظات الازهر اللاتى استطعن أن يخترقن القلوب والمنازل لينشرن صحيح الدين بأسلوب يتناسب مع الفئة المستهدفة.

الدعامة الأساسية

وأشارت الواعظة آية محمد عبد العظيم الى أن المجتمع أصبح متقبلا فكرة تواجد المرأة كمفتية فى لجان الفتوي، هذا الدور الذى أسفر غيابه عن كثرة المشكلات المجتمعية والأسرية، لافته الى أن أداء المرأة فى الجانب الدعوى يعكس صورة مشرقة للمرأة المسلمة إذ أنها نصف المجتمع وهى الدعامة الاساسية فى بنائه وحين تتحمل المرأة مسئولية الدعوة فهى تنطلق فى جميع الميادين متبعة منهج الوسطية الذى تربت عليه فى الازهر، مضيفة أن تواجد المرأة فى لجان الفتوى أمر مهم وضرورى حيث ان النساء جبلن على الحياء وقد تستحى التحدث مع الرجال فى الأمور التى تخصها سواء كانت على المستوى الشخصى أو الاجتماعي.

وتؤكد الواعظة رقية قطب عبد الموجود على تواجد الواعظات بمعظم لجان الفتوى على مستوى الجمهورية لتلقى أسئلة المستفتات من النساء والإجابة على الأسئلة التى تتحرج منها المرأة وكذا حل المشكلات الأسرية من الجانب النفسى والاجتماعى و الشرعي، مشيرة إلى أن الواعظات خضعن لورش عمل لمناقشة أبرز المشكلات الأسرية المجتمعية ومشكلات دور الرعاية والتى حاضر فيها أساتذة من علماء الأزهر الشريف، وعلماء الصحة النفسية، ومن ثم تم تكوين كوادر متميزة من الواعظات لديهن القدرة على التعامل مع المشكلات الناتجة عن الخلل الأسرى الذى يهدد المجتمع، والوصول إلى حلول جذرية لمشكلة أطفال الشوارع والحد منها من خلال بناء أسرة متماسكة قادرة على احتواء أفرادها، كما ساهمت الواعظات من خلال خطط السير لهن بالمساجد والأندية، ومراكز الشباب والمدارس ودور الرعاية فى حل المشكلات التى تواجه الفرد والمجتمع.

وتوضح الواعظة إيمان محمود مرعي، أن الأزهر الشريف يهتم بشكل مستمر بتدريب الواعظات على قضايا الأسرة والمجتمع للمساهمة فى حل المشكلات المجتمعية المختلفة، ومعالجتها من الجانب الشرعى والنفسى والاجتماعي.

وعن حياتهن الخاصة، وكيفية الجمع بين العبء الدعوى ومتطلبات أسرهن، تقول الواعظة سامية محمد إبراهيم، لا يكلفنا الأزهر بالعمل خارج نطاق المركز التابع له الواعظة حتى لا يحملها مشقة المواصلات وحرصاً على عدم تضييع وقتها وألا يبعدها عن أسرتها فترة طويلة قد تؤثر على مهمتها كأم وزوجة وسيدة منزل.


احدى الواعظات فى اثناء القائها محاضرة للطالبات

ومما لا يخفى علينا أن العمل الدعوى مهمة شاقة، إلا أنَّ الواعظة بكل ما لديها من مهام أخرى بصفتها أما وزوجة، رغبت فى تحمل عبء الدعوة والمساهمة جنباً إلى جنب مع الوعاظ فى بيان طريق الحق والترغيب فيه والترهيب من الاقتراب من معصية الله وما يترتب عليها من آثار،لافتة الى انه قد يسمع للواعظة شخص ويأبى آخرون، بل قد يُسمعونها كلاماً جارحاً يؤذيها نفسياً، إلا أنها تسعى بكل ثقة وتبذل كل جهد محتسبة أجرها عند الله، مضيفة ان الأزهر حريص على تذليل الصعاب وتخفيف وطأة التحديات التى قد تواجه الداعيات، فلا يجبر أياً منهن على أداء المهمات الصعبة التى قد تطرأ أو يخطط لها واضعين نصب أعينهم مبدأ الاستطاعة من جانب الواعظة.

حجر الأساس

وأشارت الدكتورة إلهام شاهين ـ الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات إلى أن دور الواعظة لم يقتصر على الدروس الدعوية فى المساجد، وحل المشكلات الأسرية فقط ، وأن دورهن يتعدى ذلك لتكون حجر أساس من خلال الندوات والملتقيات الفكرية؛ حيث تم إدراجهن ضمن خطط السير داخل المدارس والنوادى بهدف إيجاد حلول مناسبة لبعض الظواهر السلبية وغرس فضائل الأخلاق لدى أبنائنا وبناتنا على مختلف مستوياتهم العمرية ويكون ذلك بتعريفهم بأمور دينهم بلغة بسيطة تتناسب معهم، وحثهم على الحفاظ على الآداب الدينية وغرس قيم التسامح والمحبة والتعاون فيما بينهم.

وأكدت الدكتورة إلهام أن الواعظات سيبقين درعا واقية لأبناء الوطن من التطرف والغلو ومتنفسا لكثير من المشكلات الأسرية، فالواعظة تُعَلِّم من خلال الدعوة إلى الله قيمة الوطن والتوجيه والنصح من خلال بيان صحيح الدين.

وتضيف الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات أن أخلاق المجتمع وسلوكه على مقدمة الأولويات التى تسعى الواعظات مع الوعاظ إلى العمل على تقويمها فى إطار تعريف الناس بصحيح الدين بمنهج وسطى كما تعلمنا من رسولنا ــ صلى الله عليه وسلم ـــ وصحابته ــ رضى الله عنهم ــ ويكون ذلك بأسلوب ليْن يستجلب العقول ويرقق القلوب، لأننا نعانى فى زمننا هذا من أزمة أخلاق باتت تهدد الأمن المجتمعى للبلاد، لذلك يقع على عاتقنا كممارسين للوعظ والتوعية عبء كبير، ويستلزم الأمر اتباع طرق تربوية عديدة حتى تؤتى دعوتنا ثمارها، فأحيانا نلجأ إلى معالجة بعض السلوك المنحرفة عن طريق تذكير الناس بما فعل الصالحون فى مثل هذه المواقف بطريقة سلسة تتناسب مع المخاطبين، وأحيانًا أخرى نستنكر بعض الخلق بتذكير الناس بما ورد فى النهى عن هذه الأفعال، ولكننا نراعى دائمًا حال السامعين وكيفية جذب أسماعهم، فبعض الناس تجدى معهم الطرق المباشرة والبعض الآخر لابد أن نراعى عدم المباشرة فى الوعظ حتى نتمكن من قبوله لما نقول، وتتعدد الوسائل التى نستخدمها فى سبيل الوصول إلى غايتنا وهى مجتمع آمن راق خلقيًا فقد نتبع الوسائل الدعوية التقليدية كما هو الحال فى دروسنا مع مراعاة التنوع فى أسلوب العرض حتى لا يصاب السامعون بالملل، وكذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى فى أشكاله المتعددة.

استحداث منصب جديد

أما الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية فيقول إن استحداث منصب جديد لأول مرة، وهو مساعد الأمين العام للمجمع لشئون الواعظات، أمر فى غاية الأهمية، وهى خطوة مباركة تدل على إدراك حقيقى لدور المرأة برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف،لإدراكه قيمة الدور المنوط بها، أو ما يمكن أن تسهم به فى الواقع، ولأهمية هذه المسألة فإننا نعمل دائما على النهوض بالواعظات علمياً وفكرياً من خلال دورات تدريبية وورش عمل تؤهلهن لتلبية احتياجات المجتمع المعرفية وتطوير مهاراتهن على التواصل الفعال مع فئات المجتمع المختلفة، ومن هنا أصبح للمرأة دور مهم وفعَال فى المواجهة الفكرية، وذلك لما لها من تأثير قوى وملحوظ فى المجتمع، فانطلاقا من هنا استطاعت الواعظات الوصول للمرأة حيث وجدت سواء كانت فى المساجد أو النوادى أو دور التعليم أو المنتديات الثقافية أو الجمعيات الخيرية وغيرها .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق