رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد أن قفزت مصر 90 مركزا فى جودة الطرق عالميا..
النقل الثقيل.. فى قفص الاتهام

تحقيق ــ أحمد يحيى جادالله
النقل الثقيل مسئول عن 40% من الحوادث فى مصر [تصوير ــ محمد عبده]

فتحت حادثة تصادم مقطورة النقل ببورسعيد التى أودت بحياة 24 شخصا باب النقاش حول ضرورة تطبيق القانون على سيارات النقل الثقيل التى ترتكب مخالفات جسيمة بحق المواطنين على الطرق، ولذا طالب خبراء النقل والمرور بضرورة التوسع فى تخصيص حارات مرورية خاصة للنقل مثلما حدث فى طرق إسكندرية الصحراوى والسويس والسخنة واسيوط ومحور 30 يونيو وغيرها.

وقال الخبراء: هذه الحوادث الفردية تنسف جهود الدولة الكبيرة فى قطاع الطرق، فقد نجحت مصر فى بناء شبكة متميزة وحديثة للطرق بكل المحافظات ومداخل ومخارج المدن ، الأمر الذى يتطلب إيجاد حلول جادة ووقفة عاجلة مع النقل الثقيل والمقطورات بشكل خاص التى تتحرك على الطرق السريعة والدائرية والمحاور وكأنهم يلعبون لعبة «الأتاري».

بداية نشير إلى أن هناك جهودا كبيرة بذلتها الحكومة فى هذا القطاع ،وأن القيادة السياسية أعطت أولوية قصوى لقطاع الطرق منذ عدة سنوات، وقد حدث تطوير لم يتوقعه أحد، وساهم بشكل كبير فى تقليل حوادث الطرق التى كانت تحصد أرواح الآلاف سنويا بسبب سوء حالتها وتجاوز السائقين، ومؤخرا أعلنت المؤسسات الدولية أن مصر قفزت 90 مركزا فى الترتيب العالمى لمؤشر جودة الطرق خلال الخمس سنوات الماضية رفقا لما أشار له المركز الاعلامى لمجلس الوزراء والذى أعلن عن انخفاض معدل حوادث الطرق.. حيث أشار الخبراء إلى أن الحوادث تراجعت بنسبة 26% والوفيات انخفضت من قرابة 7000 إلى 5111 حالة سنوياً, وأن ترتيب مصر فى كفاءة الطرق قفز إلى المركز 53 عالميا، ومن المتوقع أن تصل مصر إلى المركز 30 بعد اكتمال شبكة الطرق وتطبيق قانون المرور الجديد.

حوادث بنسبة 40%.

الدكتور نبيل عماد ـ استشارى الطرق والمرور الدولى يقول إن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء فى آخر إحصائية له أكد أن نسبة مشاركة سيارات النقل فى الحوادث فى مصر وصلت إلى 40% وأن حوادث سيارات النقل أشد خطورة وعنفا من الحوادث الأخرى التى قد يرتكبها سائقو الملاكى أو أصحاب الدراجات البخارية، وذلك نظرا لضخامة المركبة والتى تؤدى إلى زيادة عدد الوفيات والمصابين بشكل أكبر.

مركز القيادة الحرجة

وأرجع نبيل السبب فى حوادث النقل إلى عدة أسباب منها سلامة إطارات المركبة والفرامل هذا بالإضافة إلى سائقى النقل أنفسهم بصفة عامة حيث لم يحصلوا على دورات كافية فى كيفية التصرف عند الحالات الحرجة والتى يوفرها مركز «القيادة الحرجة» سواء عند انفجار أحد الإطارات أو الفرامل أو التعامل مع أحد المنحدرات الخطرة أثناء القيادة المسرعة وغيرها، كما أن الوسائط البرية تقوم بنقل 99.2% من حجم البضائع فى مصر طبقاً لإحصائيات المركزى للتعبئة والاحصاء، وهذا يعنى أن النقل البرى يتحمل العبء الأكبر من حجم البضائع فى مصر.

ومع نقص عدد السائقين المدربين ومشاكل النقل الاعتيادية يظهر هنا مدى الاحتياج إلى السائق المدرب خاصة الذين يعملون أكثر من دورية على مدار اليوم وقد تصل ساعات العمل إلى 18 ساعة أو أكثر وهذا أمر كارثي، ويضاف إلى ما سبق أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تؤكد أن «القيادة بالإرهاق» أخطر من القيادة تحت تأثير المخدرات، وهنا تظهر أهمية إنشاء معاهد للقيادة يتلقى فيها المتدرب شهادة معتمدة ونطمئن من خلالها على أن السائق على الأقل لديه الحد الأدنى من التعليم ولتكن الشهادة الإعدادية وأن يكون مدربا على استخدام السيارة فى كل الظروف، وأن يكون على دراية كاملة بالأجزاء الميكانيكية للسيارة، هذا بالإضافة إلى أنه يتدرب على كيفية التعامل مع الحالات الحرجة ،وأن يكون واعياً باختيار المسار الأمثل وخلافه، وسيكون هذا المعهد مفيداً لمصر وللعديد من الدول المجاورة لأننا فى احتياج إلى هذا النوع من السائقين المدربين الذى نعانى فيه من نقص شديد، كما أنه يستطيع أن يوفر فرص عمل لأبنائنا من الشباب السائقين فى الخارج.

الصندوق الأسود

أما بخصوص وضع المركبات فى الفترة الأخيرة فيقول استشارى الطرق والمرور إنه يجب وضع ما يسمى بـ»الصندوق الأسود» لسيارات النقل ،حيث يقوم بتسجيل كل لحظة أثناء الرحلة بتفاصيلها والأماكن التى يتوقف فيها السائق إذا كانت فى غير المسار الذى تحدده له جهة العمل سلفا والتعرف عليها ودراستها، كما أنها تتمكن من قياس أداء السائق من حيث مدى التزامه بالسرعة المقررة والحارة البطيئة.

تحليل المخدرات

وتطرق الدكتور عماد نبيل إلى واحدة من أهم أسباب الحوادث ألا وهى تعاطى المخدرات، حيث أوضح أنه يجب على شركات النقل أن تقوم بإجراء تحاليل المخدرات للسائقين العاملين لديها وهذا واجب عليها قبل أن يكون من واجبات الأجهزة الأخري، حيث يجب أن تتأكد من كفاءة السائق فنياً وصحياً وألا يكون متعاطياً لأى نوع من المخدرات، ويجب أن تأخذ الحكومة احتياطاتها من خلال الكمائن الثابتة أو المتحركة وأيضاً المستشفيات الحكومية المعتمدة وتكون النتيجة معتمدة بالختم والشمع الأحمر حتى لا يتم التلاعب بها، بالإضافة إلى فحص الحالة الطبية للسائق بوجه عام، مضيفاً أنه يجب أن تكون هناك خطة إحلال وتجديد دورية بحيث لا تستمر سيارات النقل فى العمل إلى ما لا نهاية ومنع السيارات المتهالكة من السير نهائيا.

ما بعد الحادث

وعن الحلول البديلة لخطوط سير النقل الثقيل على الطرق السريعة أو داخل المدن أوضح الدكتور نبيل عماد أن عدد الحوادث فى مصر انخفض بنسبة 41% ونسبة الضحايا والجرحى وصلت إلى 49%، وهذه النسبة تعود إلى ارتفاع مستوى الخدمات ما بعد حوادث الطرق خاصة الخدمات الطبية بتوفير سيارات للإسعاف على الطرق السريعة بمسافة كل 25 كيلومتراً، وإنشاء مجموعة من المستشفيات السريعة لخدمة وإنقاذ الحالات الحرجة والمصابين، وغرف الطوارئ فى المستشفيات والتى يدخلها مصابو حوادث الطرق مباشرة دون الرجوع إلى هوية المريض أو غيره.

منظومة الطرق

ولأن كثيرين يطالبون بسرعة تطبيق قانون المرور الجديد سألنا النائب سعيد طعيمة ـ عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب ـ حول الدور الذى سوف يلعبه القانون فى الحد من الحوادث بوجه عام، أجاب: نحن نحتاج إلى منظومة رقابية ملاصقة للسائق «الرقابة الالكترونية» قبل تطبيق القانون، فنحن لسنا أقل من دول أخرى تقوم بتطبيق هذا النظام، ويتم تطبيق العقوبة على جميع المخالفين وليس على من يتم ضبطه متلبساً فقط ،وذلك من خلال الرقابة الإلكترونية ووضع جميع الطرق والشوارع تحت رقابة الكاميرات، كما أن مراقبة أفراد الشرطة من خلال الأكمنة الثابتة أو المتحركة وضع انتهى أمره فى العديد من الدول، والآن مصر تمتلك شبكة من الطرق السريعة مقامة على أحدث الطرز، فلماذا أضع بها مجموعة من أفراد الأمن لرقابة جزء منها وأعرض حياتهم لخطر سائق طائش أو متعاط للمخدرات وليس فى وعيه، فى حين أنه من الممكن أن نقوم بمراقبة الطرق كافة على مدار الـ 24 ساعة من خلال كاميرات المراقبة الحديثة والنظم المتطورة، وإذا خالف سائق المركبة قواعد المرور يتم إخطاره من خلال رسالة نصية على هاتفه المحمول بأنه قد ارتكب مخالفة ما فى منطقة معينة بالوقت والتاريخ وقيمة الغرامة المحددة لها، وهذا الأسلوب من الرقابة سيحد من المخالفات اليومية سواء السرعة أو السير عكس الاتجاه التى قد تتسبب فى العديد من الحوادث.

وعندما نتحدث عن القانون فالقوانين التى تم وضعها أو تعديلها على مدار السنوات الماضية بداية من قانون 1998 و2008 و2015 وآخرها 2018 وكذلك القانون الجديد لن تضيف الكثير طالما نحن لم نمتلك منظومة إلكترونية لمراقبة الطرق.

المراقبة اللصيقة

وأضاف طعيمة أن الدولة نفذت شبكة طرق على أحدث النظم الحديثة لم تكن فى حسبان أحد ولم يحلم بها مواطن، وبخصوص إلغاء قرار تفكيك المقطورات العام الماضي، أكد أن سائق النقل من أفضل السائقين فى مصر، فهو يحمل رخصة درجة أولى ومهنياً تعد أعلى مستوى لرخص القيادة، فسائق الملاكى مثلاُ يرتكب أخطاء ويتسبب فى وقوع حوادث كثيرة، ولكن الفرق أن قدرة السيارة النقل أو المقطورة فى الحادث تفوق قدرة السيارة الملاكى عشرات المرات بسبب كبر حجمها، وسائق النقل يعد جزءا من اقتصاد مصر القومي، فهو يذهب إلى الميناء وينتظر بالأيام لتحميل البضائع التى يقوم بنقلها إلى مختلف المحافظات لتصل فى النهاية إلى المستهلك العادي، كما أن ذلك السائق لا توفر له الدولة أماكن للإقامة والراحة أثناء رحلات السفر والتى تتجاوز الأيام فى أغلب الأحيان، فمثلاً أحد موانى محافظة البحر الأحمر يقوم بتوفير استراحات لسائقى النقل لتخفيف عناء السفر عنهم .

سلوك السائقين

ويرى الدكتور حسن مهدى أستاذ النقل والطرق بجامعة عين شمس ـ أنه لتقليل حوادث السيارات يجب أن نقلل المسببات بوجه عام، والتى نتفق على أن سلوك السائقين يستحوذ على جزء كبير منها تصل نسبته إلى 64% طبقاً لإحصائية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كما أن هناك مسببات أخرى تعتمد على نوعية المركبة المستخدمة وإذا ما كانت سليمة أو بها عيوب فنية أو متهالكة وذلك نتيجة الظروف الاقتصادية والتى معها يتحايل السائق أو مالك المركبة بإصلاح أجزاء من الضرر المتواجد وترك أجزاء أخري.

وسائط النقل المتعددة

ويقترح الدكتور مهدى لتقليل نسب حوادث النقل أن يتم إصلاح وتقوية وسائط النقل الأخرى وعلى رأسها السكة الحديد وهذا ما تقوم به الدولة فعليا، لأنه بتنوع وسائط النقل الجيدة والآمنة نستطيع أن نمنع الحمولات الزائدة على الطرق وبالتالى نقلل من خطورة الحوادث التى يتسبب فيها النقل الثقيل الذى يسير على الطريق حاملاً أضعاف الحمولة القانونية، وما يتبع من إجراء هو فرض غرامة سريعة وهو أسلوب قد انتهى استخدامه فى العالم حتى الدول الأقل نمواً من مصر، والقانون يجرم الحمولات الزائدة لسيارات النقل ولكن نحن لا نطبق القانون لأننا لا نملك البديل الذى يمثل تقريباً 0.8% من وسائل النقل الأخرى كالسكك الحديدية والنقل البحرى والنهرى وهذا يسمى بـ«الميزان المقلوب»، ويجب العمل على إصلاح المشكلات الموجودة فى وسائط النقل الأخري، والتى بدورها ستؤثر على اعتدال منظومة النقل فى مصر وتخفيف العبء على شبكة الطرق، حيث ان الحمولات الزائدة طرف قوى فى الحوادث الجسيمة وطرف أيضاً فى تلف الطرق والتقليل من عمرها الافتراضي، حيث انها مصممة على أحمال وخصائص هندسية قياسية وبمواصفات عالمية.

القطاع الخاص

وأضاف أستاذ النقل والطرق أن هناك جهودا مبذولة فى هذا الشأن من آن لآخر منها استيراد جرارات وعربات نقل ركاب وبضائع، ولكن مع توفير المناخ المناسب لابد من دخول القطاع الخاص للاستثمار فى قطاع النقل، وبالفعل تمت تجربة هذا النوع من الاستثمار فى النقل العام ونتج عنها ما يسمى بـ«مواصلات مصر»... وغيرها من الوسائل الأخري، مضيفاً أنه صدر قرار جمهورى بإنشاء «جهاز تنظيم النقل البرى الداخلى والدولي» تحت تشكيل وزارة النقل، ويتمثل دوره فى مراقبة الخدمة التى تقدم للمواطنين سواء الدولة أو القطاع الخاص، كما أنها تمنح الرخصة للمستثمرين الراغبين بالعمل فى مجال النقل فى مصر لتحديد خطوط السير وعدد السيارات المستخدمة وساعات العمل وخلافه، وليس للجهاز علاقة بقطاع المرور بوزارة الداخلية مطلقاً، وفى الوقت نفسه يقوم بتنظيم عمل النقل الدولى بالتريللات مع الدول المجاورة.

تحايل على القانون

وفى الوقت الحالى والكلام مازال للدكتور حسن مهدى يوجد مشكلة خاصة بالرقابة على سائقى السيارات المهنية، حيث وجد من خلال حملات وزارتى الصحة والداخلية إثبات تعاطى الكثير منهم للمواد المخدرة أثناء العمل، ولا أعفى من هذا القرار أيضا سائقى سيارات الملاكى وكذلك حافلات المدارس والتى ثبت أكثر من مرة تعاطى سائقيها للمواد المخدرة، مما ينذر بكوارث محققة نتمنى أن نتفاداها حفاظا على أرواح المواطنين، ولابد أن تكون هذه الحملات مستمرة وغير عشوائية، وأيضاً يجب توفير أكثر من سائق فى سيارات النقل الثقيل خاصة التى تسافر مسافات طويلة ليتبادل السائقون فى العمل عليها حتى لا يعرضوا أرواح المسافرين أو مرتادى الطريق لخطر الموت، ولكن بعض الشركات تتحايل على القانون وتوفر سائقا احتياطيا يقوم بالمرور بين الاتوبيسات خاصة للرحلات الطويلة مثل الأقصر وأسوان ليقنع المرور بأنه مرافق للسائق ،وذلك بهدف تقليل نفقاتهم وتحقيق أرباح أكثر، ولا بد أن يتم إحكامه مع دخول أنظمة جديدة للنقل، وكذلك الحال بالنسبة للنقل الثقيل الذى يسافر مسافات طويلة تقدر بآلاف الكيلومترات فبعد 4 ساعات من العمل لا تتوقع منه أن يكون فى كامل تركيزه، وبعضهم يترك السيارة للمرافق وغالباً ما يكون صغير السن ولا يتعدى السن القانونية للعمل كسائق لسيارة بهذا الحجم، خاصة فى ساعات الصباح الباكر أو أوقات الليل ويتركه وينام ليستيقظ على كارثة إذا لم يحين أجله.


الصحة العالمية: مصر الوحيدة التى انخفض بها معدل الحوادث فى إفريقيا

فى تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2018 تبين أن نسب الحوادث فى العالم فى المطلق زادت بنسبة مختلفة يقابلها تآكل الناتج القومى للدول بنسبة 3% فى المتوسط بسبب الحوادث، ولكن هناك بعض الدول والمناطق التى انخفض فيها معدل الحوادث نتيجة بدء تطبيق المعايير المطلوبة، منها بعض المناطق فى أمريكا الشمالية وبعض الدول فى أوروبا وبعض دول الخليج العربى وفى إفريقيا مصر الوحيدة التى انخفض فيها معدل الحوادث، وهذا يعد من أهم إنجازات المشروع القومى للطرق الذى قمنا فيه بفصل سيارات النقل الثقيل عن الملاكى مثلما حدث فى طرق «القاهرة ـ اسكندرية الصحراوى السخنة ـ السويس ـ أسيوط ـ محور 30 يونيو وغيرها من المحاور التى تم فيها فصل النقل الثقيل لضمان تحقيق السلامة للسائقين والركاب ضد الحوادث، والدولة ككل تعمل على تخفيض نسب الحوادث.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق