رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
التحرر الاجتماعى.. والوطنى

أبى العام 2019 أن ينصرم قبل أن تلفظ فتاة فلسطينية أخرى أنفاسها ليصل عدد ضحايا العنف الأسرى فى هذا العام إلى العشرين. فتيات يدفعن حياتهن ثمنا لتخلف عميق يتجلى فى معاداة أبسط حقوق المرأة فى مجتمع لا يعرف كثيرون فيه أن التحرر الاجتماعى أحد شروط تحقيق التحرر الوطني. فلا يستطيع مجتمع تُستعبد نساؤه أن يتخلص من الاستعباد الاستعماري، ويتحرر من الاحتلال.

رجال مُستعبدون من سلطة الاحتلال يستعبدون بناتهم وزوجاتهم. رجال كفوا عن الانتفاض ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولم يشارك بعضهم فى أى نضال وطنى من قبل، انتفضوا ضد قرار السلطة الفلسطينية تحديد سن الزواج للجنسين بثمانية عشر عاماً، وطالبوا بإلغاء توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيداو، بالتزامن مع جريمة عنف أسرى جديدة أكثر بشاعة من سابقاتها، إذ دُفنت الفتاة إيمان النمنم حية حتى الموت، بسبب شك فى سلوكها.

والمثير للانتباه أن هذا التخلف الاجتماعى لا يقتصر على قادة العشائر، الذين ازداد نفوذهم كثيرا فى العقدين الأخيرين، وجماعات متطرفة مثل حزب التحرير الإسلامى الذى اتهم السلطة بأنها تنخر الأسر وتهدم البيوت بسبب توقيعها اتفاقية سيداو، بل يشمل قطاعات من المجتمع المدنى مثل نقابة المحامين التى أعلنت رفضها التصديق على هذه الاتفاقية. وهكذا، تتحالف ضمنيا قوى تقليدية، وأخرى كان مفروضا أنها حديثة, لفرض سلطة مجتمعية تحارب التحرر الاجتماعي، على نحو يزيد الأخطار على القضية الوطنية، وليس على المرأة فقط، خاصة بعد تكرار المطالبة بغلق الجمعيات والمؤسسات النسوية فى الضفة الغربية بدعوى المحافظة على السلم الأهلي!

وتحاول القوى التقدمية مواجهة هذه الهجمة، عبر تحركات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية, وهيئات اجتماعية وثقافية مستقلة. ولكن يصعب تقدير مدى قدرة هذه القوى على الصمود والتأثير، فى ظل ما يبدو أنه تردد فى موقف السلطة الفلسطينية التى تربط بعض رموزها مصالح مشتركة مع العشائر. ولذلك، ربما يكون واجبا على أنصار قضية فلسطين التفكير فى سبل مبتكرة لمساعدة هذه القوى على أساس أن التحرر الاجتماعى ضرورى للتحرر الوطني.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: