من حقنا فى مصر، بل من واجبنا، أن نرفض التدخل التركى الراهن فى ليبيا، سواء التدخل القائم أو الذى يخطط له. نعم، هناك حدود مشتركة طويلة بين تركيا وكل من سوريا والعراق، ولذلك فالحضور التركى فيما يتعلق بالأوضاع فيهما أمر مفهوم بصرف النظر عن مضمون هذا الحضور، الذى كانت له بالقطع سلبياته العديدة. ولكن... لماذا تتدخل تركيا فى ليبيا، وتخطط الآن لتوسيع هذا التدخل..؟ الدولة الأولى فى العالم التى تتأثر مباشرة بما يجرى فى ليبيا هى مصر، التى تشترك حدودها الغربية معها بالكامل على امتداد ما يزيد على ألف و مائة كيلو متر. ألم تكن مصر هى أكثر الدول تأثرا بالخراب والفوضى التى عمت فى ليبيا بعد سقوط نظام القذافي؟ هل نسينا مذبحة العمال الأقباط المصريين الذين ذبحهم تنظيم داعش على الشاطئ الليبى فى مشهد مسرحى مأساوى شهده العالم كله؟ هل نسينا مئات الآلاف من الأسلحة بجميع أنواعها التى تسللت عبر الحدود المصرية الغربية الطويلة بدءا من البنادق الآلية والرشاشات بكل أنواعها وحتى المدافع والدبابات التى اشتراها القذافى مبددا فيها ثروات الشعب الليبي؟ هل نسينا أن أنور السادات لم يجد يوما مفرا من عبور الجيش المصرى للحدود مع ليبيا عند السلوم فى يوليو 1977 لتأديب العقيد؟!
الآن أصبحت ليبيا المفككة للأسف مصدرا مباشرا لتهديد الأمن القومى المصري، و لذلك كان تأييد مصر للمشير خليفة حفتر والجيش الوطنى الليبى فى سعيه للقضاء على الفوضى والانقسام فى ليبيا أمرا مشروعا وواجبا، بل من حق وواجب مصر أيضا أن تتواصل مع جميع الأطراف الليبية الأخرى بلا استثناء، سعيا لاستقرار الأوضاع فى ليبيا. أما مخططات أردوغان للتدخل فى ليبيا فليست إلا ترجمة لأوهام استرجاع الإمبرطورية العثمانية التى طواها الزمن، والتى أطلق عليها فى سياق الحرب العالمية الأولي، رجل أوروبا المريض. ولكن الآن وبعد أن فشلت مساعى تركيا أردوغان فى استجداء عضوية الاتحاد الاوروبي، يبدو أنها تحاول اليوم أن تلعب دورا إقليميا، من خلال التدخل فى ليبيا، لتكون رجل الشرق الأوسط الأحمق!.
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: